أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليندا حسين - مجازر الأرمن والمحنة الفلسطينية.. أيكون الفن وحده من يصغي لصوت الضحية؟














المزيد.....

مجازر الأرمن والمحنة الفلسطينية.. أيكون الفن وحده من يصغي لصوت الضحية؟


ليندا حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


بالتأكيد لا يفرح كثير من مواطني "أورهان باموك" بتصريحاته التي أطلقها دون تحفظ حول الجرائم التي ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الأرمن والكرد. ليس صعبا تفهم شعور بعض الأتراك بالإهانة من هذه التصريحات. لكن صمتهم على أية حال شكل من أشكال التواطؤ وموقف هش ربما يعكس خوفا من الجدل أو حتى براغماتية تتطلبها المصلحة العامة. الجدير بالانتباه هو الشجاعة التي استند عليها هذا المثقف الكبير لإعلان موقف شديد الحساسية، قد يلصق الخيانة باسمه حتى آخر أيامه. باموك كان يدرك بالتأكيد عواقب انقلابه على "الكبرياء القومية" لأن موقفا مخالفا في هذا المنحى يجلب كراهية قد لا تمحوها لا نوبل للآداب ولا أية تشريفات أخرى. كراهية لن يشفع له فيها لا إبداعه ولا شهرته ولا حقوقه الفطرية في المعتقد وفي التعبير. هذه الكراهية التي تكللت في تهديدات خطيرة وجدية كان قد تلقاها الكاتب التركي الأشهر، دفعته لمغادرة البلاد والتوجه إلى الولايات المتحدة حيث يقيم اليوم.

من المؤكد أن آراء باموك بشأن مجازر الأرمن قد دفعت الكثير من مواطنيه إلى إعادة النظر في حقائق تاريخية كانت قد همشت وعتم عليها منذ دهر. البعض الآخر بالمقابل لم يتسن له أي وقت للتفكير والتمحيص فقد كان شعورهم بالإهانة أقوى وأشد ضراوة من بعض شكوك قد يثيرها هذا المدعي الذي يسيل لعابه لنوبل. كل الاتهامات التي كيلت لباموك في أرضه يمكن تفهمها إذا وضعنا في البال تلك العاطفية والأنفة والفطرية التي مايزال يتمتع بها الأتراك. إلا أنه تحت نفس ضغوط هذه العاطفة وهذا الكبرياء والانتماء أعلن أورهان موقفه. ترى أي امتنان وأي حب يشعر به الأرمن وأقرباء الضحايا منهم لهذا الموقف النبيل. اعتراف من الجانب الظالم بألم المظلوم. محاولة اعتذار ولو متأخرة عن الجرائم الوحشية التي استهدفت هوية شعب بأكمله.

الضجة التي أثارتها وتثيرها مواقف باموك بهذا الخصوص تعادل بأهميتها نضالات ومحاولات سابقة مجتمعة سواء جاءت من الطرف الأرمني أو من الأطراف الأوروبية وغيرها. لأنها اعتراف صادم ومدوّ أتى من طرف الجاني لو صح التعبير. مثل هذه المواقف لا نجدها كثيرا. هذا التخلي عن الطمأنينة التي يتمتع بها القوي والنزول إلى ساحة الضعيف لمشاركته نضاله والاعتراف بمعاناته والسعي لإعادة حقوقه ولو على حساب هذا الهدوء والسلام الوردي.

وإذا كان باموك قد بت برأيه الشجاع في حرب ليست إلا ذكرى من الماضي، فإن موقفه هذا كان ربما سيكون أكثر بطولة وعمقا وشاعرية لو أنه تعلق بحرب طرية، بصراع حي ومعركة معاشة كما صدر مؤخرا وأيضا قبل ذلك عن دانييل بارنبويم قائد الأوركسترا الإسرائيلي الذي قال في لقاء معه في الأسبوعية الفرنسية لونوفيل أبسرفاتور: "الإسرائيليون يقولون يجب أن نعطي الفلسطينيين هذا الأمر أو ذاك. وهذا جوهر الخطأ: فنحن لا نمنح الفلسطينيين هدية، وإنما نعطيهم حقّهم". ثم يضيف أنه سيقيم في احتفالية إسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها حفلا موسيقيا في تل أبيب تحت عنوان "الاستقلال ـ النكبة" لأنّ الفلسطينيين يطلقون هذه الصفة على هذا اليوم بالتحديد. "لا يسعنا الاحتفال بأحد الأمرين على حدة" يقول بارنبويم للمجلة الفرنسية.[1] بارنبويم الذي نال مؤخرا الجنسية الفلسطينية بناء على طلبه في سابقة لا مثيل لها، كان قد صرح قبل ذلك بمدة بالقول: "هل يتوافق احتلالنا وسيطرتنا على شعب آخر مع إعلان الاستقلال؟ هل لاستقلالنا أي معنى إذا كان يمارس على حساب الحقوق الأساسية للآخرين؟[2] مثل هذه التصريحات غير المعتادة لم تخرج حتى من أطراف كانت معنية عاطفيا على الأقل بالإحساس بمحنة الفلسطينيين في غزة مؤخرا وعلى سبيل المثال. تصريحات بارنبويم ومواقفه لا يمكن تثمينها لأنها تأتي من الطرف الآخر في القضية. الطرف الذي كان لن يخسر شيئا لو صمت، بل ربما لكان وفر على نفسه الكثير من وجع الرأس والاتهامات والتخوينات وربما من يدري تهديدات بالقتل على غرار التي تعرض لها أورهان باموك.

هذان المثالان لا يمران كثيرا في الحياة الثقافية. وأما السياسية فلا ولن على أية حال. حالتان تثيران أسئلة عن معيار صدقنا في ما يخص انتماءاتنا وإيديولوجياتنا التي ربينا عليها. كم هي متأصلة هذه الهشاشة وهذه الاستكانة لمسلمات ربما لا نخسر شيئا لو أعدنا النظر فيها سوى مسح الغبار المتراكم على جلود أفكارنا. هل يتجرأ العالم بين الحين والحين على رؤية أخطائه كخطوة أولى للاعتراف بها؟ هل سيتجرأ يوما على النظر في عيون الضحايا وعلى إصاخة السمع لصرخات المظلومين؟ وهل سيأتي يوم يقرر فيه إعادة النظر بكبرياءاته الدينية والسياسية والقومية؟ من يدري ماذا سيجد هناك وسط تلال مكدسة من الفتوحات التاريخية! وكيف ستبدو التعريفات الجاهزة والإدانات المطلقة لو أعيد النظر مرة واحدة في ضوء شمعة يشعلونها للضمير الإنساني عله يبصر.

[1] حوار مع دانييل بارنبويم ترجمه بسام حجار. المستقبل - نوافذ (2 مارس 2008).
[2] دانييل بارنبويم. لوموند ديبلوماتيك (يونيو 2004).



#ليندا_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن العنف والإيدز والسحرة.. من يقاضي القاضي؟
- كيف سنمشي خلف النعش؟ ل ماركوس أورتس*
- عن قتل النساء.. عن قتل مجتمع
- وجهي الحزين هاينرش بول
- الانترنت تنجح مجددا بإغواء الروائيين.. ( ينفع لريح الشمال ) ...
- هه يسوع.. هه بوش
- فيلم - العطر- للألماني توم توكفر.. إدانة صريحة لقطيع البشرية ...
- الرجل السيء في لوحة الموزاييك
- الانفصال في علاقة نساء سوريا برجالها
- علي رطل
- رغم الإرهاب الإسلامي: عدد الألمان الذين يدخلون الإسلام تضاعف ...
- أقدام حافية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليندا حسين - مجازر الأرمن والمحنة الفلسطينية.. أيكون الفن وحده من يصغي لصوت الضحية؟