|
الجماعات الإسلامية والنموذج المشرقي المفلس لأوضاع المرأة .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:53
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
حلت قبل يوم مناسبة اليوم العالمي للمرأة ، التي تستعرض فيها المنظمات النسائية عادة ما تحقق من مكاسب وحقوق لفائدة النساء ، وفي نفس الوقت تضع أصابعها على المعوقات السياسية والقانونية والاجتماعية التي تحول دون تمتيع المرأة بحقوقها ورفع كل أشكال التمييز ضدها . وبقدر ما توفره المنظمات النسائية من معطيات وإحصاءات ترصد أوضاع المرأة في عالمنا العربي ، بقدر ما يزداد الوعي بضرورة بذل مزيد من الجهود وتضافرها في سبيل الرقي بهذه الأوضاع والقطع مع ثقافة التبخيس والتمييز التي تكرس دونية المرأة وتشرعن معاملتها ككائن قاصر بالطبيعة ، مما يستلزم الوصاية عليها . وتكشف هذه التقارير والبحوث طبيعة الأوضاع الاجتماعية والقانونية وعمق الاختلاف وتفاوت المستويات بين الدول العربية فيما يتعلق بصيانة حقوق المرأة واحترام إنسانيتها . ولعل أبسط مقارنة بين هذه الوضعيات ستكشف نوعية المشاريع المجتمعية التي تتوق إليها قوى الحداثة والديمقراطية وتناضل من أجلها ، وبين تلك التي تفرضها أو تسعى لذلك قوى المحافظة أو التشدد والعنف وهي تتربص بالمجتمعات التي خطت بثبات نحو آفاق أرحب وأسست تجارب مشرقة وراكمت مكتسبات هامة في مجال حقوق الإنسان وضمنها حقوق المرأة . إن مجتمعاتنا تعيش حالة التوتر والتجاذب بين مشاريع هذه القوى المحافظة والظلامية والفاشستية /الدموية/الجهادية التي تتخذ كل السبل لفرض رؤاها وتوجهاتها قصد وقف حركة التاريخ والرجوع بالمجتمعات إلى حقب غابرة بما سادها من استبداد واستعباد وتبخيس ونخاسة ، وبين مشاريع هي من صميم طموحات المجتمع وقواه الحية . ذلك أن القوى المحافظة والدموية تبذل قصارى جهدها ومكرها وعنفها لفرض نموذجها المجتمعي المتوحش على كل المجتمعات العربية ، وضمنها المغرب الذي أسس لتجارب رائدة في مجال الحقوق السياسية والمدنية للمرأة . فالمجتمع المغربي يطمح لتحقيق مزيد من المكتسبات الحقوقية والتشريعية التي تضمن للمرأة مساواتها مع الرجل في كما الواجبات . ومنذ سنة 1992 ، أي بداية تحرك القوى السياسية والحقوقية بهدف تعديل قانون الأحوال الشخصية ، والقوى المحافظة تناهض كل تعديل وتطالب بإلغاء المواد القانونية التي تضمن عددا من الحقوق بالنسبة للمرأة . وازداد الأمر شراسة لما وضعت الحكومة المغربية ـ في مارس 1999 ـ مشروعا متكاملا للنهوض بأوضاع المرأة ، وهو الذي عًرف بـمشروع "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" ، حيث أقام المحافظون الدنيا ولم يقعدوها عبر مسيرات الاحتجاج وبيانات التنديد وفتاوى التكفير بغرض إقباره وإفشال كل مساعي الإصلاح وخططه. لهذا وظفوا الدين بعد أن حرفوا مراميه وشوهوا نصوصه ، في التحريض ضد قوى التغيير والحداثة . وكان حريا بهم أن يسندوا مطالب النساء لا أن يناهضوها . لقد حاولت هذه القوى فرض النموذج الذي استوردته من مجتمعات الخليج العربي التي يهيمن عليها الفكر الوهابي وأعراف البداوة . ولا زالت تصر على فرض مشروع البداوة في مواجهة مشروع الحداثة بحجة تطبيق الشريعة التي هي ليست سوى الأعراف والقيم والتقاليد التي أفرزها مجتمع منغلق على نفسه يئن تحت وطأة الموروث الثقافي الذكوري . وها هو مجتمع البداوة يتحرر تدريجيا من أعرافه ويتخلى عن نموذجيته التي طالما بدّر ثرواته في سبيل نشرها وفرض هيمنتها . والأمثلة التالية التي وجدت المجتمعات الخليجية نفسها مضطرة للانفتاح عليها ، تثبت أن اختيارات المغرب والمكاسب التي حققها للمرأة كانت أحق أن تًحتذى منذ زمن . 1 ـ السماح للمرأة السعودية بالسكن في الفنادق والشقق المفروشة بدون محرم طبقا للأمر الملكي الصادر بتاريخ 22 ذي الحجة 1428 هجرية . بينما كانت المرأة المغربية تمارس هذا الحق منذ عهود خلت . 2 ـ تعيين المرأة كأول قاضية في البحرين ومنطقة الخليج بتاريخ 6/6/2006 بأمر من الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي عين السيدة الكواري قاضية في المحكمة المدنية الكبرى ، مكسرا بذلك عرفا اجتماعيا ظل بمقتضاه منصب "القضاء" حكرا على الذكور . وهي الخطوة التي سارت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة بتعيين الماليزية تان سيري داتو سيتي نورما يعقوب أول امرأة تتولى القضاء في الدولة بعد أن أدت يوم 28/1/2008 اليمين أمام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. فيما المرأة المغربية تتولى هذه المهام باقتدار منذ عقود وفي مختلف مراتب القضاء ومستوياته . 3 ـ إلغاء شرط الوكيل والكفيل الغارم لسيدات الأعمال السعوديات بقرار من وزارة التجارة والصناعة السعودية ، في أبريل 2004 ، بعد أن كان إلزاميا عليهن عند التقدم بطلب ممارسة أي نشاط تجاري أو متابعة أعمالهن المختصة سواء مع وزارة التجارة أو الغرف التجارية أو غيرها من الجهات. وهذا الشرط لم يكن أبدا مطروحا على المرأة في المغرب ، بل ظلت تمارس كل أنشطة البيع والشراء والكراء وإدارة المقاولات وإنشائها بعيدا عن كل وصاية أو حجر . ولم تكن ولايتها على نفسها منقوصة سوى في حالة الزواج حيث كانت مدونة الأحوال الشخصية تشترط الولي على البكر . لكن التعديل الذي جاءت به مدونة الأسرة الحالية أقرت للفتاة البكر البالغ أهليتها وحقها في الولاية على نفسها وعلى غيرها . 4 ـ الجدال الذي أثاره قرار الرئيس المصري حسني مبارك ، في 9 أبريل 2007 ، بتعيينه 31 امرأة مصرية في منصب «قاضية» بين مجيز ومنكر ، يعكس أبعاد الغزو الوهابي للمجتمع المصري الذي بوأ المرأة منذ القدم مكانة ومهابة ، فهو من ألّه النساء وملّكهن في فترات تاريخية سابقة . 5 ـ عزم السلطات السعودية على توظيف المرأة في القطاع الخاص وتجاوز الأعراف التي تحول دون ذلك وفق ما قاله الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي يوم 29/1/2008 أمام رئيس وأعضاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ، رغم الصعوبات التي تواجه هذا التوجه السعودي الجديد لدرجة أن وزير العمل وصف خطوات وزارته في هذا المجال "كمن يسير على بيض" . من هنا يمكن القول إن الجماعات الإسلامية على اختلاف أطيافها تشكل أكبر تهديد لإنسانية المرأة ولأبسط حقوقها . والنموذج المجتمعي الذي تحمله وتصر على فرضه ، نموذج آفل ومفلس لكنه يتهدد مستقبل المجتمعات العربية ويحجز تطورها .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وإذا المستأسدون سئلوا لأي سبب جبنوا .
-
إلى أين يسير المغرب ؟
-
هذه مخططات الإرهاب فما هي مخططات الدولة والأحزاب ؟
-
الوهابية تعادي الحب وتنكر العلم وتكفر الديمقراطية .
-
في مواجهة الظلامية والعدمية
-
حركة لكل الديمقراطيين استنهاض للهمم واستنفار للطاقات .
-
هل المشروع الياسيني يتسع للقوى الحية ؟
-
ضرورة رفع الالتباس عن وثيقة -جميعا من أجل الخلاص-(2).
-
ضرورة رفع الالتباس عن وثيقة -جميعا من أجل الخلاص-(1)
-
-هل تريدوننا أن نصبح سجناء إرهاب حتى نحصل على تلك الحقوق؟-
-
وثيقة -جميعا من أجل الخلاص- ارتماءة في غياهب الإفلاس(2).
-
تنظيم القاعدة وإستراتيجية أفغنة شمال إفريقيا
-
وثيقة -جميعا من أجل الخلاص- ارتماءة في غياهب الإفلاس (1).
-
هل ستنتقل جماعة العدل والإحسان من الأبواب المفتوحة إلى الموا
...
-
حول مراجعات المتطرفين
-
المسعى الانقلابي لجماعة العدل والإحسان .
-
هل حقا الدولة تستهدف جماعة العدل والإحسان ؟
-
الحوار المتمدن ساحة للحرية وضوء في آخر النفق .
-
من يبيع المغرب بالملايين ومن يبيعه بالملاليم .
-
محاربة الإرهاب تبدأ من عقائده .
المزيد.....
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|