|
تركيا وتحجيم قضية الشعب الكردي وحصرها بجبل قنديل
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 10:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التحركات العسكرية التركية في الاونة الأخيرة رغم انها لا تحمل طابعاً مغايراً لما كانت تقوم به في السابق لكن الرسالة التي تريد تركيا إبلاغها للداخل ولمحيطها الأقليمي والدولي لم تكن خافية على ذي نظر . فتركيا التي تعمل على ارتداء الجلباب الأسلامي اليوم لا زالت عند موقفها من الأقليات ، وهي ترغب في تحركها العسكري الجديد الذي سخرت له آلاف العسكريين المدججين بأحدث الأسلحة وبإمكانيات لوجستية كبيرة مع إسناد من سلاح المدفعية والدبابات والطائرات الحربية والمروحيات .
الحقيقة ربما افلحت تركيا في جعل الأضواء تسلط الى داخل الحدود العراقية وبالذات على مرتفعات ووديان وشعب جبل قنديل في أقليم كردستان . وقد افلحت تركيا في وسائل إعلامها الى تسليط الأضواء على عمليتها العسكرية داخل الأراضي العراقية وهي تقول : ان عمل وقائي ضد الأرهاب والعملية هي نوع من الهجوم الدفاعي ما يوحي الى ان تركيا تشن حرباً هجومية للدفاع عن نفسها من مقاتلي حزب العمال الكردستاني .
قبل أيام كانت تركيا قد شرعت قانوناً لحماية الأقليات غير المسلمة ، حيث أقر البرلمان التركي الذي يشغل معظم مقاعده حزب العدالة والتنمية الحاكم ، وهذا القرار مهم لتركيا في مساعي انضمامها الى الأتحاد
الأوروبي الذي يشترط على تركيا احترام الحقوق والحريات الأساسية لكل المواطنين الأتراك دون تمييز ديني او اثني ، ولكن بعد هذه الخطوة هل تركيا مستعدة للأعتراف بمذبحة الأرمن ؟ وبالتالي هل هي مستعدة للأعتذار للشعب الأرمني ؟ باعتقادي ان تركيا تريد الظهور بمظهر الحمل الوديع مع امريكا وأوربا فيما تسلك سلوك الذئب المفترس مع الأقليات القومية .
ان تركيا دولة واحدة لكنها متعددة الهويات ، وإن 20 % من التركيبة السكانية لتركيا تكونها القومية الكردية ، وتركيا تستغفل هذا الواقع حينما تعترف للأكراد بأنهم أتراك الجبال ، وشعار تركيا هو : لكي تكون سعيداً عليك ان تصبح تركياً ، وقد سمت اسمها تركيا وهو اسم قوم من اقوامها المتنوعة بدلاً من بلاد الأناضول . يقع 97 % من الأراضي التركية في أسيا ويقع 3% من أراضيها في اوروبا ، ومع ذلك تسعى الا تكون دولة آسيوية إنما دولة أوروبية ، وهي تتوجه وتعمل للأنضمام الى العائلة الأوروبية ، لكن سجلها في التعامل مع الأقليات ومع لائحة حقوق الأنسان لا يرقيان الى منزلة تؤهلها لتتبؤا مكانة العضوية في الأتحاد الأوروبي .
إن اوروبا بتجربتها التاريخية وخبرتها في مجال الديمقراطية وحقوق الأنسان تعلم بأن ادعاء تركيا بتطبيق الديمقراطية لا يشكل سوى الجزء الضئيل من جبل الثلج المخفي معظمه ، فالديمقراطية لا تعني إجراء الأنتخابات وصناديق الأقتراع فحسب ، إنما صلب الديقراطية وعمودها الفقري هو الحرية والليبرالية والموقف الأنساني من الأقليات العرقية والدينية ، وهي المحرار الذي تقاس به مدى تطبيق المبادئ الديمقراطية .
إن موقف تركيا التاريخي والراهن كسلطة ونظام لم يكن نزيهاً بالنسبة لقضية الشعب الكردي ، وبدلاً من خطابها المفعم بالشوفينية كان على الحكومة التركية ان تعالج اوضاع المنطقة الكردية التي يثقل كاهلها الفقر والبطالة والأهمال ، فالمليارت التي تصرف على عسكرة كردستان وإرسال الحملات العسكرية ضدها كان يجب الأهتمام بتعميرها وتنميتها .
ألا تستفيد تركيا من بشاعة تعاملها مع الشعب الأرمني ؟ والذي جلب العار لتركيا وسمعتها المتدنية في مجال حقوق الأنسان . اليوم تركيا فيما تسعى اليه هو فرض حصار أعلامي محكم حول الشعب الكردي في تركيا ، ولكن يبدو ان جهودها باءت بالفشل هذه المرة حيث تعالت اصوات من كل جانب لتستنكر العملية العسكرية التي أقدمت عليها تركيا .
كان الأستاذ مسعود البارزاني قد أشاد بالموقف العراقي الرسمي والشعبي بتضامنه مع اقليم كردستان ، لكن برأيي ان الموقف الرسمي كان ينبغي الا يكون على مستوى الأستنكار فحسب ، إذ لم يتطور الى تقديم شكوى الى الأمم المتحدة او جامعة الدول العربية ، وحتى هذه الأخيرة لم نقرأ لها تحركاً تضامنياً مع العراق حينما كانت تستباح أراضيه من قبل القوات الأجنبية .
إن كانت تركيا قد استثمرت وجود قوات الحزب العمال الكردستاني في جبل قنديل وتوظيفه الى جهة دفاعها وتصديها للأرهاب الى حين ، لكنها لا تستطيع إغفال مسألة الشعب الكردي وأوضاعه المتردية الى ما لا نهاية ، وعلى تركيا ان تكون صريحة مع نفسها ومع الآخرين وأن تعالج مسألة الأقليات جذرياً فتعتذر للشعب الأرمني وتتعامل مع الشعب الكردي مع ما يتطلع اليه هذا الشعب وليس الى ما تقرره تركيا .
في ضوء النظام الدولي الجديد وعلى ضوء ما أقر من من مواد بصدد حقوق الأنسان فإن المادة الأولى تؤسس على حرية الأنسان وحقوقه حيث تنص :
يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في المكانة والحقوق وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم التعامل مع بعضهم البعض بروح الإخاء . وهذا ما يقودنا الى ان الدول التي تقتسم الشعب الكردي عليهم التفكير ملياً برغبة هذا الشعب وطموحاته المشروعة ، وهو في نهاية المطاف يتطلع الى مسأله تقرير مصيره بنفسه . إن مسألة القاسم المشترك بين الدول التي تقتسم كردستان كان ولا زال هو التعاون والتنسيق من اجل القضاء على تطلعات هذا الشعب في هذه الدول ، والمفروض اليوم وفي المستقبل إن يتغير هذا الخطاب الى فلسفة التعامل مع الحقوق المشروعة للشعب الكردي باعتباره شعباً يتكون من 30 مليون نسمة ومن حقه تقرير مصيره في نهاية المطاف .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى كتّاب وساسة شعبنا لنقتدي بمجلس مسيحيي كركوك
-
قصتي مع ميخائيل عبد الأحد الذي جسّد الرجولة والشهامة الألقوش
...
-
ماذا يريد شعبنا الكلداني من القيادة الآشورية ؟
-
اليوم الأخير من حياة عبد الكريم قاسم
-
الرئيس مسعود البارزاني اعرض لسيادتكم تأسيس جامعة في القوش
-
لماذا أناصر الشعب الكردي وقضيته ؟
-
الأنفال صفحة مظلمة من التاريخ العراقي ( لا ) لتكرارها
-
شعبنا المسيحي هل يتلقى مساعدات ام صدقات ؟
-
قراءة نقدية في مجلة اور لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش
-
صدى تصريحات الكاردينال عمانوئيل دلي عن طارق عزيز
-
كلام عن عشرة ملايين دولار مخصصة لشعبنا
-
الدكتورة كاترين ميخائيل .. إنه تجنّي على الحكم الملكي
-
كردستان .. تداول مواقع المسؤولية ما له وما عليه
-
طلقات سريعة ومساهمات جادة عن الفضائية الكلدانية
-
قراءة تحليلية في طروحات السيد سركيس آغا جان
-
المشترك واللامشترك في لقاء بابا الفاتيكان مع العاهل السعودي
...
-
كردستان واحة خضراء لا تقبل التصحّر
-
إطلاق فضائية كلدانية هل يغدو الحلم حقيقة ؟
-
المشترك واللامشترك في لقاء بابا الفاتيكان والعاهل السعودي (
...
-
فضائية عشتار وسهرة طرب من القوش
المزيد.....
-
عزلة وخبز مهلوس.. صور لجزيرة في إيطاليا لا يعيش فيها سوى 100
...
-
زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب بحيرة البايكال الروسية
-
فولودين: محاولة اغتيال بوتين جريمة خطيرة والتفكير بها سبب لح
...
-
الزعيم الكوري الشمالي يدعو لتعزيز ترسانة بلاده النووية
-
الجيش الروسي يدمر أكثر من مئة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية
...
-
بدأوا بتحضير الشعب الأوكراني للهزيمة
-
مذبحة أثناء صلاة العشاء..
-
بعد إزالة صورته من البنتاغون.. تحرك جديد ضد الجنرال ميلي
-
مفتاح النجاح الدراسي والصحة النفسية للأطفال
-
حيل الولايات المتحدة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|