توهم المرض .. هل يعيق البعض ؟

اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 11:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

عد توهم المرض احد اضطرابات الشخصية الذي تتسم به الشخصية الانسانية ويصنف ضمن اضطرابات الشخصية الذي ينعكس على سلوك الفرد والمحيطين به بشكل كبير وتصف موسوعة علم النفس والتحليل النفسي توهم المرض بأنه اهتمام شاذ بصحة الفرد وقلق مبالغ فيه إزاءها وهلع دائم وهائم من الاصابة بالمرض ووهم متجدد بمعاناة المرض وشكوى مستمرة من اعراضه الثابتة او المتغيرة او المستجدة .
عرض د.علي كمال تعريفا للشخصية الطبيعية وقال هي التي يجمع صاحبها في نفسه معدلاً متوازن التركيب من الخصائص الانسانية التي يتقبلها المجتمع بانها في حدود الاعتدال واضاف ان صاحب الشخصية الطبيعية هو ذلك الفرد الذي تظهر خصائص شخصيته بصورة متكاملة وبأنه يستطيع توجيه هذه الخصائص بشكل متوازن نحو تحقيق هدف حياتي معين بينما الشخصية المضطربة كما عرفها د. مصطفى خليل الشرقاوي بقوله كثيرا ما تعبر عن نفسها نظرا لعدم قدرة صاحبها على التحكم فيما يصدر عنها من سلوك فضلا عن اضطراب وظائفها في بعض الحالات الى الحد الذي ينفصل صاحبها فيه عن الواقع الذي يعيشه . كذلك ان الشخصية المضطربة هي الشخصية التي تنطوي على خصائص معينة تسبب اضطراب توافق الفرد مع نفسه او مع الاخرين مع شعوره بالمعاناة وعدم السعادة لوجود مثل هذا الاضطراب كما عبر عن ذلك د. عبد الستار ابراهيم.
هناك تشابها كثيرا في اضطرابات الشخصية مع العديد من الاضطرابات النفسية فربما لا يرى الفرد انه يعاني من مشكلة مع خصائص شخصيته وبالتالي لا يمكن تشخيص هذا الاضطراب في الشخصية الا اذا ما تسبب الاضطراب في شعور الفرد بالتعاسة والمعاناة اكثر من المعتاد .
من اعراض هذا الاضطراب كما يقيسه اختبار الشخصية المتعددة الاوجه ضمن المقاييس الاكلينيكية بأنه مقدار الاهتمام الزائد بالوظائف الجسمية والقلق الذي لا يستند الى سبب على الصحة . فيشكو الفرد غالبا من الآم واضطراب يصعب تبينها ولا يوجد لها اساس عضوي واضح . ومن خصائص المتوهم للمرض ان يكون ناقص النضج في معالجته لمشكلات الراشدين ولا يستجيب لها بالاستبصار الكافي .
تصاحب اعراض توهم المرض لدى هذه الشخصية اعراض اخرى مهمة هي الانقباض وتكون شائعة ومنتشرة . فضلا عن ان صاحب هذه الشخصية دائم الخوف على صحته الجسمية وكثرة شكواه من احد اعضاء جسمه او اكثر من عضو فتراه يأن ويتلوى وكأن الأمر صحيحا تماما وحينما يعرض على الطبيب المختص في التخصص الدقيق مثل الباطنية والقلب او المفاصل او الانف والاذن والحنجرة فأن الطبيب لا يجد اي خلل عضوي واضح بينما يستطيع الطبيب المختص ان يثبت ذلك بالتيقن التام من وجوده لدى المريض العادي .
ان الذين يعانون من توهم المرض تتميز شكواهم النفسية بشكل صريح وواضح من المرض وكلما ازدادت الشكوى ويخضع الفرد الى التشخيص بالمقاييس النفسية فأنه يسجل اعلى درجات وهو دليلا قوياً على وجود هذا الاضطراب النفسي ولكن بدون وجود الاضطراب العضوي.
تتميز شخصية المتوهم بالمرض بصفات معينة ومهمة مثل تعدد الاهتمامات وكذلك الاقبال على الناس والتفاعل بشكل سوي وفعال فضلا عن وجود درجة عالية من العطف الذي يبديه تجاه الاخرين وكذلك الاعتراف بالجميل والوفاء لمن يقدم له المعونة له .
يرى علماء النفس ان متوهم المرض يختلف عن الشخص الهستيري في انه يكون غالبا اكثر غموضا من الشخص الهستيري في وصف شكواه ومعاناته . ان الشخص الذي يتميز باضطراب توهم المرض في شخصيته له غالبا تاريخ طويل من المبالغة في شكواه الجسمية حتى تبدو هذه الشكوى واضحة ويبدو النزاع النفسي الداخلي مرصودا من قبل الاخرين وتنعكس على وظيفة الحياة النفسية لديه بمختلف تنوعاتها الظاهرة والباطنة .
ان معرفة صاحب الشخصية المتوهمة للمرض معرفة دقيقة بما يعاني منه ربما يعطي لمن حوله تصورا عنه ولا يأخذون بمعاناته بالقدر الكبير لانه يبالغ في شكواه وهي لا اساس لها من الصحة ويطلب العون وهو سليم معافى ولكن مشاعره بهذا الاضطراب تمنحه فرصا ومكاسب يستطيع من خلالها تحقيق فوائد كثيرة ويرى د. محمد الحجار ان الاشخاص الذين يحملون اضطراب الشخصية هم عرضة للانهيار النفسي .

#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات