أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - مرآة لجسد يحتضر














المزيد.....

مرآة لجسد يحتضر


فاطمة الزهراء الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 06:05
المحور: الادب والفن
    


غادرت البيت مستعجلة. لم أكحل عينيّ، ولم أغط هالات التعب بماكياج متقن كعادتي.. كان يوما ممطرا، باردا.. ارتديت ملابس دافئة سوداء لكنني تعمدت وضع منديل زهري على كتفي ليكسر كآبة الطقس..
كان قريبا مني.. لسبب ما شعرت به. أحسست به يتربص بي في الشارع. لذا لم أعبر مباشرة. . اقتربت من نهاية الرصيف .... لست ادري.. لم يعد هناك مجال للتقدم أكثر، عبرت... وحينها واجهته، اختطفني ...
***********************
مددتُ أصابعي أمامي، أعدها، أتأكد من سلامتها.. فتشتُ عن باقي أعضائي.. وجدتني سليمة، سالمة.. أكثر من الضروري .. عندها اكتشفت أني اثنتين ؟
... تحركتُ باحثة عن أطرافي، بقيت من تشبهني على الأرض. وقفتُ، ولم تفعل. انحنيتُ فوقها، حاولت أن أحركها، لكنها بقيت جامدة كحجر، لامستُ جبينها.. شعرها كان مسحوبا للخلف تحت جذع شجرة وتحت رأسها امتدت بقعة دم حمراء!
******************************
جلستُ مرتعبة. لم أشعر ببرودة الأرض ولا بالبلل. الريح بدورها لم تبعثر شعري كعادتها. نظرتُ إليّ مرة أخرى.. لم أبدُ بشعة.
كأنني مستسلمة للحظة تعب على الإسفلت. يدي اليمنى ممتدة على الطريق بينما انحسرت الأخرى في وضعية غير مريحة تحت ظهري، حاولت أن أفلتها دون جدوى.
تراجعت إلى الوراء بينما اقترب المارة يعاينوها.. ني. تراجعت أكثر، أحاول استرداد أنفاسي .. اتكأت على جدار مبنى قريب، وقعت! نصفي خارج المبنى ونصفي الآخر ممتد على أرضية المقهى..
الطاولات وأرجل الكراسي تحيط بي.. تابع رواد المكان حديثهم دون انتباهٍ لمحاولاتي البائسة للنهوض.
تمكنت أخيرا من الجلوس. وقفتُ في مواجهة الحائط، لا أرى ما خلفه.. وضعت يدي فوقه.. لكن يدي غاصت فيه، إلى الخارج. نظرت حولي، لم ينتبه لي أحد، كأنني غير مرئية.. أخطوا خطوة أخرى صوب الحائط، وإذ تختفي قدمي اليمنى فيه أصاب بالهلع وأتراجع سريعا للخلف.. ابحث عن باب المقهى وأغادر المكان ..
********************************

عدتُ إليَّ.
تلمست طريقي بين المتجمهرين. كنتُ مازلت هناك ممدة.. شاحبة.
التقط أحدهم منديلي الزهري... أمسك به رجل انحنى عليّ، متحسسا دفأه..
- المسكينة! لازالت صغيرة ..
- ترى من تكون، يسأل آخر ؟؟؟
وأجبتُ.. صرختُ بأعلى صوتي.. فاطمة.. فاطمة الزهراء.. لكنني الوحيدة التي سمعتني.. حتى الريح، لم تحمل صوتي بعيدا. ارتد إليّ كاملا، موجعا.
ما الذي يحدث معي؟ أردت التأكد أنني.. أنا. جثوت أمام مرآتي الصغيرة التي انزلقت على الأرض، كنت أنا.. كيف انفصلت إلى اثنتين؟ لأنني قادرة على الحراك، قررت أن أنضم إليها... لربما استطعت أن أعود من جديد .
تمددت فوقها، فيها.. شعرت بالسكون التام. حاولت التنفس. كان للهواء مذاق خاص! بارد ودافئ في آن. شعرت به يتغلغل فيّ. رجفة ما حركت سبابتي..
- لقد تحركت.. لقد تحركت..
رجفة أخرى انتابتني كلّي. ثم شعرت بالجسد يتخلى عني.. أنتزع مني.. أولا قدمي اليمنى تنفصل عن قدمي اليمنى، ثم باقي الأطراف عن باقي الأطراف، ثم الأعضاء واحدا تلو الآخر.. لم أشعر بالألم بل بصراع حاد. إلى أن حان دور القلب لينتزع نفسه من قلبي.. كان الألم هائلا.. بشعا.. أنهك في لحظة كل قواي..
استجمعت قواي لأجلس.. لم استطع.. أصبحت في حالة تشنج قصوى.. على ملامحي حفرت خطوط عميقة.. وجحظت عيناي.
حاولت أن اقترب لأحتويها، لأطمئنها.. لكنني، كنت خائرة القوى.. كانوا يعبرون فوقي ليصلوا إليْ.. يعيقونني.. أحاول الاقتراب بينما يبعدونها عني.. يحملونها، بعيدا.. عني. أنحني على المرآة أتطلع إليّ.. فلا أراني.

فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
http://mima-fzr.spaces.live.com/?lc=1036



#فاطمة_الزهراء_الرغيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مد وجزر


المزيد.....




- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - مرآة لجسد يحتضر