ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2198 - 2008 / 2 / 21 - 06:35
المحور:
كتابات ساخرة
وكأن العذابات التي ذاق اليهود مرارتها على أيدي جهال الغرب لا تكفيهم وحدها , فراحوا يبحثون عن عذابات جديدة تستصرخهم آلامها وأوجاعها , فإذا بهم يجدوها بعد ستين عاماً على النكبة في نفوس من نزلوا أرضهم , إيذاناً بانتهاء
العذاب الدنيوي .
أخطأ اليهود في حساباتهم عندما قدموا للعالم ما مسهم من ذل وهوان استدراراً لعطفهم , وقد استدروا عطفه وأخذوا ما كانوا يحلمون به في مناماتهم الطويلة , وفاتهم أن رداء عذاباتهم الطويل المزركش بشتى ألوان القهر خلعوه من حيث يعلمون أو لا يعلمون على محيطهم و الأشد عذاباً وقهراً من عذابهم وقهرهم .
بعذابهم ازداد محيطهم عذاباً , عذاباً مضافاً من عذاباتهم التي لا تنتهي , وعذاباً من نظمهم التي تنهش لحمهم وعظامهم , استعداداً لمعركة الكرامة واسترجاع الحقوق المغتصبة .
مشهد اليوم أضحى مقلوباً بصيغة انطولوجية أقرب إلى الميلودراما الهندية , وصار أبعد من مجرد عذابات وآهات , إنه مشهد يتعدى حدود العذاب الذي لا حدود له , عذاب أهل دارفور في السودان , بحث طويلاً عمن يخفف معاناته , فلم يجد سوى إسرائيل , فتسلل إليها ذليلاً في وضح النهار , ضارباً بنقاوتها الدينية وصفاءها العرقي بعرض الحائط .
ثمة مشهد سوريالي أرقى من مشهد الدارفوريين , مشهد زيارة فريد الغادري لإسرائيل , رفضاً لسلام الأنظمة , وتأييداً لاستمرار احتلال الأرض , وهو مشهد مضاد لمشهد دموع التماسيح التي ذرفها رجل الأعمال إبراهيم سليمان أمام محرقة تختزل محارق الهلوكوست , قرباناً للسلام الذي يكفكف دموع المعذبين ويعيد كرامتهم .
أليس مشهد العذاب في غزة يتكرر بذات الصور والألوان في عدد من المدن العربية , أليست سجون الأنظمة العربية تكتظ بمناضلين عرب أكثر من السجون الاسرائيلية , أليس في الضفة والجولان من يرتضي هوية الغاصب الإسرائيلي ويمقت هوية القاهر العربي ؟.
مع اختفاء كرامة الإنسان العربي في أقبية الأنظمة العبودية , قد يأتي اليوم الذي تظهر فيه كرامتنا في إسرائيل , عملاً بمبدأ عدو تعرف عذاباته خير من نظام لا تعرف سياساته .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟