أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الحروب السعيدة














المزيد.....

الحروب السعيدة


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 679 - 2003 / 12 / 11 - 06:05
المحور: الادب والفن
    


هذا عنوان قصيدة للشاعر الراحل الصديق رعد عبد القادر في ديوانه الكبير( دع البلبل يتعجب) الذي صدر في بغداد عام 1996 يوم كانت السلطة مشغولة بترقيع ثقوبها المتكاثرة غير عابئة بأقوال الشعراء، ومن المصادفات السعيدة أن يكون مسؤول لجنة الفحص في تلك الفترة هو روائي صديق أيضا قرر أن "يتواطأ" مع هذا النص المتمرد لكي يوبخ بعد ذلك على هذا" السهو" الجميل.وغناء الشاعر في فم الوحش ليس جديدا في التاريخ: كان ناظم حكمت يقرأ قصائده وهو غاطس في مرحاض السجن!

 ليس هنا مجال الحديث عن هذا الديوان المدهش وهو موجود الآن كاملا على موقعنا:

http://www.hamza.ws لكن لحديث هو عن الحروب السعيدة التي لم يستطع الشاعر أن يعطيها غير هذا الاسم زيادة في التباس المعنى ولخلق فوضى في ذهن الرقيب الذي لم يكن غائبا وعيه تلك اللحظة عن مقاصد الشاعر ولا عن جنون القصيدة.

حين يقال اليوم ان العراقيين لا يبالون بالموت ولا بالانفجارات ولا بالسعادة الهاربة ولا بالقصف ولا بكل الأشياء المخيفة فليس لأنهم الشعب البطل كما حاولت السلطة الوحشية خلق تلك الميثولوجيا البربرية.

بل لأنهم عاشوا جوار الموت، وعاشروه، وحدقوا في وجهه الكريه الذي كان يزورهم كل يوم بل كل لحظة على صورة جديدة.

فالحروب السعيدة دربتهم على أن الموت ليس أسطورة أو قدرا أو حكاية تأتي مرة واحدة في العمر بل على أن الموت هو الوجه الحقيقي للوجود.

هذا هو سبب اللامبالاة اليوم أمام مشاهد الموت. فليس العراقي بطلا وهو يسخر من الجنون اليومي، بل لأنه أفرغ من شهوة الحياة وعبئ بقبول الموت، والموت هنا ليس قدرا للعراقي، كما لغيره، بل هو الصفعة أو الإهانة.

هناك أنواع من الموت قد يكون بعضها شرفا وفخرا ومجدا وقدرا أو بطولة، لكن هذا النوع من الموت هو جريمة لأنه اغتيال للفرح البشري وقنص للسعادة الإنسانية.

قد يكون نزول العراقي إلى الشارع هو النزول الأخير، وقد تكون زيارة المقهى هي آخر الزيارات، وربما يكون صعود الحافلة رحلة نحو موت مرتجل. 

هذا هو السبب أيضا الذي يجعل العراقي اليوم أكثر احتفالا بالتفاصيل الصغيرة التي لا تلفت نظر غيره كوجود فاكهة طازجة على منضدة أو ضوء فانوس أو عربة أطفال في شارع أو صوت مؤذن أو جرس كنيسة أو مشهد عرس أو مرور حسناء من خلف زجاج نافذة تحت أمطار هذا الشتاء الثقيل.

وحين يحتفل رعد عبد القادر بهذه الليالي، ساخرا، تلك السخرية التي خطفته على عجل، لأنه تجاوز بها حدود القلب، فلأن تلك الليالي لا تشبه الحياة في أي مكان آخر.

( المجد لك أيتها الليالي، أيتها الأيام..
المجد لك يا بلادي... أنا عبد الحميد، جندي مشاة من سلاح المشاة عشت أخيرا في مستشفى معسكر الرشيد، بالضبط في قسم الجملة العصبية.

أقف كعينة أمام طلاب علم النفس الصغار، يدرسون جنون عظمتي، يدرسون صلتي بالشمس وزحل والمريخ، أنطق باسم مردوخ وزفس ومثراس،
أخرج لهم أوراقا من محفظتي الصغيرة كأوراق سيبيل
أخرج لهم قرون الاسكندر وعشبة كلكامش
عظيما كأعظم دون كيشوت
سعيدا بمدني الفاضلة
أيها الرعاع
أيها الأتباع

أنا نابليون بموسيقى العودة من المنفى
عودوا معي إلى المسرح
لنمثل أدوارنا في الحياة.
الحياة هنا لا تشبه الحياة هناك).

هل صدقتم الآن أن العراقي ليس بطلا وهو يواجه كل يوم هذا الجنون العاري ولكنه يخرج إلى الشارع في نزهة  عاجلة خارج القبر؟!



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنشق والمؤسسة والراقصة
- سجناء بلا قضبان
- الصحافة الالكترونية وسلوك الزقاق
- آخر طفل عراقي يبكي غرناطة
- قتلى الورق أهم من قتلى الشوارع
- مكتشفو السراب
- ذهنية السنجاب المحاصر
- حين يختزل الوطن بمسميات
- رائحة الوحش
- محمد شكري وعشاء الثعالب الأخير
- الزعيم الغائب
- زمن الأخطاء الجميلة
- السياسة والشعوذة
- الكلب الأرقط النابح على العالم
- محاربو الغسق والشفق
- السياسي العراقي من الخازوق إلى المسمار
- حنين إلى حفلة
- مغني الفيدرالية
- لصوص الأزمنة الاربعة3
- العراق نحو الهاوية


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الحروب السعيدة