علي الانباري
الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 09:50
المحور:
الادب والفن
منذ نعومة اظفاري كانت القراءة هاجسي فلقد تعلقت بها منذ كنت طالبا في المتوسطة
وكان في مدينتنا0 الرمادي- صاحب مكتبةوهو شيخ وقور يبيع قصصا صغيرة الحجم
مثل السندباد البحري والمياسة والمقداد وحسن الصائغ البصري والحمال والسبع بنات
وغيرهامن القصص وكان اكثرها مستلا من كتاب الف ليلة وليلة كما عرفت آنفا وكانت
القراءة في هذه المرحلة متعة لا تضاهيها متعة فعالم الخرافات والاساطير يجد في خيال
الطفولة الرحب مأوى له وملاذا واجمل ما اتذكر من قراءاتي على مر السنين هي تلك التي
غذت مشاعر الطفولة بالخيال المجنح الذي للان احسه دافئا في اعماق قلبي.
في المرحلة الثانوية بدات ارتاد المكتبة المركزية في المدينة واصبح لي اتجاه اخر في القراءة
اذ بدأ الشعر ياخذني الى عالمه الفسيح فاخذت اكتشف الشعر الجاهلي ومن كل شعرائه كان
طرفة بن العبداقرب الاخرين الى ذوقي فكنت اتلذذ بقراءة معلقته ومن شغفي بها حفظتها عن
ظهر قلب وكنت اتخيل طرفة شاعرا معاصرا يردد وهو يرتاد احد البارات.. وما زال تشرابي
الخمور ولذتي...وبيعي وانفاقي طريفي ومتلدي..الى ان تحامتني العشيرة كلها...وافردت افراد
البعير المعبد وكنت اتخيله صديقا لكزار حنتوش وجان دمو لتقارب ارواحهم.
كنت اقرا الاخرين دون ان احس بقربهم مني الى ان وصلت الى العصر العباسي بمراحله المتعددة
فكنت من المعجبين بابي نؤاس والمعري دون حبهما الى ان اكتشفت المتنبي فكان ماليء قلبي
وشاغل احساسي واستمر هذا الحب دون ان يتغيرباكتشاف شعراء آخرين كان قريبا مني يثير
في اسمى آيات الاعجاب..كنت اقف مبهورا امام قصائده مفتونا بقدرته الخلاقة على الابتكار
وخلق الصورة الشعرية التي يحس القاريء انها جديدة رغم صياغتها بالطريقة التقليدية
لما سبقه من الشعراء
احب المتنبي لانه ذو شخصية شعرية لا يكاد يدانيها شاعر آخر فبعد قراءة البيت الشعري
يضطر القاريء الى التوقف من اجل رسم الصورة فهي ليست بسيطة وان بدت كذلك لذا كنت
امضي وقتا طويلا في قراءة قصيدة واحدة كقصيدة وا حر قلباه او على قدر اهل العزم او قصيدة
الحمى وغيرها من القصائد العجيبة ومن الغريب اني حين ارجع الى المتنبي بعد فترة قصيرة او
طويلة احس بانني اقراها للمرة الاولى وهذا ما احسسته مع شكسبير وديستوفسكى والسياب فهؤلاء
المبدعون لهم قدرة عجيبة على كشف ما هو جديد في كل قراءة
#علي_الانباري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟