المخاض الجديد للحركة الشيوعية الوطنية والعالمية يفرضه المنعطف الوطني والعالمي الجبار

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 11:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

شهدت الساحة العراقية منذ سقوط النظام الدكتاتوري وحتى يومنا هذا ظهور العشرات من التكتلات الشيوعية ، لاسيما بعد ان توجت قيادة الحزب الشيوعي العراقي اخطاء الماضي بانخراطها بالعملية السياسية لقوات الاحتلال وخرقها الصريح لاستراتيجية الحزب وللحركة الشيوعية منذ تأسيسهما، التي تقوم على معاداة الامبريالية وادانة كل مساومة ومهادنة لها . فقد وجدت الالاف من القواعد والكوادر الشيوعية التي تركت الحزب خلال الفترات السابقة والاخيرة نتيجة يأسها من امكانية تصحيح سياسة الحزب من الداخل، المجال لاعادة بناء الحزب. ولعبت قواعد الحزب وهذه الكتل الشيوعية دورا كبيرا في تطوير النضالات الجماهيرية وفي الانطلاقة الجماهيرية التي يشهدها شعبنا اليوم. ويتطور بعضها ويحضى بدعم جماهيري يشجعه على عقد مؤتمرات واصدار صحف على الانترنيت او مطبوعة .
ففي المنعطفات التاريخية ولاسيما المنعطف الكبير الذي تشهده البشرية عموما وشعبنا خصوصا يتغير الموقف من بعض الظواهر الاجتماعية والسياسية . فتكوين التكتلات في الاوضاع الاعتيادية يعتبر عملا خيانيا واضعافا للطليعة، وتشتيتا لانتباه وقيادة الجماهير. في حين يبعث اليوم تشكيل هذه الكتل ونشاطها الجماهيري دورا بارزا في تعزيز ثقة الجماهير بالشيوعيين بعد ان فقدته تماما اثر مساهمة قيادة الحزب بالعملية السياسية واستمرارها رغم كل التصعيد في عملية الابادة التي تمارسها قوات الاحتلال وادواتها بحق شعبنا. وتصاعدت حسرات الجماهير " اين الحزب الشيوعي العراقي الذي تنعم قيادته بكراسي الوزارة، وتتوزع قواعده في عشرات الكتل؟" . كما تتحسر البشرية اليوم قائلة" اين الحركة الشيوعية العالمية الجبارة وطليعتها الاتحاد السوفيتي نصير الشعوب وقوة الردع الجبارة لعدوان الامبريالية وحروبها؟". وكما تقوم في بلدنا العشرات من الكتل الشيوعية تقوم في جميع انحاء العالم المئات من الكتل والاحزاب الشيوعية. انه مخاض جديد للحركة الشيوعية لمواجهة المنعطف التاريخي الجبار الذي تواجهه البشرية عموما وكل شعب من الشعوب. فالمنعطف التاريخي الذي تمر به البشرية، بوحدة وتناقض عنصريه الاساسيين: البشرية واعدائها، يشهدان تحولات نوعية جبارة . فعلى الرغم من كل التطور الهائل في قدرات اعداء البشرية واسلحتهم بل وبسببها تنهار الاسس التي يقوم عليها نظامهم الاقتصادي الاجتماعي، وتهزه اعنف الازمات. ولايجد مخرجا منها الا بتعريض البشرية عموما للفناء من خلال الحروب واستخدام اشد اسلحة الابادة فتكا. في حين تستجمع البشرية طاقاتها وتجدد من خلال نضالاتها الوطنية والعالمية كوادرها وطليعتها وتتكون احزاب وتكتلات جديدة تنهج في سياستها الوطنية والعالمية نهجا ماديا ديالكتيكيا يمكنها من استيعاب تجارب الماضي وحقائق الحاضر وآفاق المستقبل فضلا عن استيعاب امكانيات التطور العلمي والتكنولوجي في مواجهة اسلحة اعداء البشرية. ويشكل المنعطف التاريخي الذي يمر به شعبنا وكذلك الشعب الفلسطيني، وفي غزة خصوصا ذروة احتدام الصراع بين البشرية واعدائها . حيث تمارس الامبريالية الامريكية والصهيونية اقوى اسلحة الابادة ضد شعبيهما اللذين تقدمهما مثلا للشعوب التي لا ترضخ لهيمنتهما . في حين لم يحسم الشعبان حتى الان الاصطفاف الوطني والطبقي في قيادة نضالهما. فقيادة المقاومة الفلسطينية التقليدية ترهلت وعجزت عن مواجهة متطلبات المرحلة ووضعت حماية مواقعها القيادية فوق مصلحة الوطن والشعب . تماما كما فعلت القيادات الوطنية السابقة في العراق. والشعبان يجهدان في تنضيج قيادتهما الوطنية والطبقية، من خلال نضالهما الدامي .
ان انتظار انجازعملية اعادة بناء القيادة الوطنية والطبقية لمقاومة الشعب الفلسطيني والشعب العراقي يمكن ان تؤدي الى فناء احدهما او كليهما وهذا ما لايمكن ان تسمح به البشرية لانه سيشكل نصرا كبيرا لاعداء البشرية وتشجيعا لها على المضي في استعباد الشعوب او ابادتها. فضلا عما يخلفه من يأس وخيبة امل لدى الشعوب وانتكاسة للانطلاقة الجبارة للحركة العالمية المناهضة للعولمة الراسمالية . الامر الذي يفرض على هذه الحركة العالمية تطوير وسائل دعمها لنضال الشعبين الفلسطيني والعراقي. وعدم الاكتفاء بالادانة والاستنكار بل وحتى التظاهر والاعتصام . وذلك مثلا: باستنفار شغيلة العالم ومنجزات الثورة العلمية التكنولوجية لخرق حصار الابادة الامريكي الصهيوني والرجعي العربي على غزة كما يمكنها شل القدرات العسكرية لقوات الاحتلال وتعطيل جميع اسلحة الابادة التي تستخدمها ضد الشعب العراقي.
ان انتصار شعبنا والبشرية لا يكمن في صراع هذه الكتل والاحزاب فيما بينها وانشغالها عن النضال الجماهيري واشغال الجماهير عن قضاياها الاساسية، بل بتحالفها في النضال من اجل توحيد الجماهيرو قيادة نضالها من اجل اهدافها الانية وربطها بالنضال من اجل تحرير الوطن والبشرية من عدوهما المشترك العولمة الراسمالية بقيادة الامبريالية الامريكية. ولا يكمن في توحيدها قبل ان تستطيع كل منها كسب ثقة شعبها والبشرية من خلال استيعابها لمحتوى العصر وتطوير نظرياتها ووسائل واساليب كفاحها وفقا للنهج المادي الديالكتيكي. فالتحالف فيما بينها يحميها من التنافس على المراكز الحزبية ويطلق مجال المنافسة فيما بينها على كسب الجماهير من خلال تعميق وعيها الوطني والاممي و تطوير برنامجها واساليب ووسائل كفاحها وارتباطاتها الوطنية والعالمية، وينضج امكانية توحيد صفوف الكتل في حزب واحد . وفي نفس الوقت ينضج امكانية توحيد الاحزاب الشيوعية في العالم في حركة شيوعية عالمية توحد البشرية وتقود نضالها نحو التحرر مرة والى الابد من جميع اشكال الاستغلال والاستعباد.

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات