أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - رحلة منتصف الليل














المزيد.....

رحلة منتصف الليل


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 07:31
المحور: الادب والفن
    


عتبات الطريق
على جنبات البحر الهائج يعانق النزيف الداخلي المر، ويسترجع الذكريات المؤلمة، ويحاول معانقة الغد الذي يهرب منه دون قدرة على ملاحقته .
هكذا ينبعث فيه إحساس داخلي خاص بالانهيار، لقد أصبح فريد إنسانا تائها حتى عن ذاته، أنهكته طول مسافات الزمن الرهيب التي لا تصر على الانتهاء، حتى حين اعتقد أن ابنه جاهز لتحمل مسؤولياته وأخذ مشعل مسؤولية المنزل ليواصل المسير باسم العائلة التي تذكر في كل مكان من المدينة، إذا به يكتشف أن ابنه خذله، فقد أصبح طينة من عيار آخر لا توافق جيناته الخاصة التي يدعي اتصافه بها منذ طفولته: الصدق، احترام الآخر ، الطيبوبة ...............
ومع كل سيجارة شقراء جديدة يسحب أنفاسها من علبة كازا التي تجاوزت النصف في ظرف ساعتين كان يردد لازمة خاصة، ماذا فعلت؟ هل كان الحرث غير صحي، وطبيعي لأحصد فزاعة رهيبة تزورني كل لحظة دون أن تبتعد لأنساها ولو هنيهة؟ لقد أصبح يضاجع أحزانا لا تتوقف منذ سنة سنة عودته من حج مفاجئ بالمجان.
كانت البداية حين حذر ابنه من مغبة البقاء حتى وقت متأخر من الليل في الشارع العمومي، لكن عوض أن يجيب أباه مطأطأ رأسه وخجلا من التجول المجاني في ساحات لا يجتمع فيها سوى رفقاء السوء، كان الجواب شيئا آخر، إذ نهر الأب قائلا له : هذه آخر مرة تحاول معاملتي كطفل قاصر وأخرج لهيب عينيه كما يخرج الأسد لسانه الرهيب ومضى .
تراجع الأب للخلف وسط ذهول باقي أفراد العائلة مخافة حدوث الأفظع الذي لا يخرج عن احتمالين:
الأول :معاقبة الابن الذي تجاوز 20سنة بضربة قد تؤدي لإعاقته
والثاني :دفاع الابن عن نفسه وهو في حالة هيجان خاصة فيصبح الطرفان على قدم المساواة لا ينقصهم إلا الحكم الذي ستقوم به الأم الخائفة من ردود فعل الطرفين .
كظم الأب غيظه، وزاد من الأمر محاولات الأم التخفيف من آلامه النفسية بمبرر أن الابن مازال غير ناضج وأن سوء الأدب هذا مرتبط بمشاكل نفسية خاصة به، وتبعات المراهقة التي اكتسحته بشكل رهيب.
لكن وفي الغد وعوض أن يخجل الابن أصبح سيد المنزل ، يتصرف في المنزل كثور هائج منطلق من عقال كان يقمع تحركاته المختلفة..مستفيدا من دروس مولها أباه في رياضة الكاراطي .يصيح هنا وهناك لأتفه الأسباب، لا يكلم الأب إلا لماما، يبتز الأم للحصول على أموال...يعاقب إخوته بكل حرية على أخطاء وهمية .
ومن يوم لآخر أصبحت العادات السيئة تخترق ابن العشرين ربيعا :تدخين مخدرات،تحرش بالراجلين في الحي ، بل يدخل مخمورا للبيت في مابعد منتصف الليل .
حاول الأب نقاش الموضوع معه، لكنه كان يحاور حجرا صلدا قويا ثابتا على مواقفه كالحجارة المتراكمة على السفوح، بل توج بطولاته الوهمية بمغادرة المدرسة، مما أصيبت معه الأم بأمراض مختلفة ناتجة عن الصدمات المتعددة التي تتلقاها يوميا .
أصبح الأب في حيرة من أمره فقد أصبح يخشى على نفسه، فكر في الابتعاد عن المدينة لتغيير أجواء ابنه لكن العمل في الوظيفة العمومية يمنعه من ذلك.
اهتدى إلى تغيير المنزل للابتعاد عن الجيران الذين كانوا سببا في أمر ابنه لكن الأمر سيان، فأكيد سيبحث عنهم .
توالت الشكايات على الأب من تصرفات ابنه، لكنه أصبح يظهر كمغلوب على أمره، فقد فقد السيطرة عليه واستسلم نهائيا، بل أصبح يفضل الابتعاد عن المنزل مؤقتا إلى الليل مع ترك المصروف المنزلي لزوجته لكنه طرح سؤالا على نفسه : لكن حتى متى يستمر هذا الوضع؟؟؟؟؟
ذات يوم وبينما كان نائما، إذا بطرق قوي على الباب، إنه الابن الذي يصيح للدخول، فتحت الأم الباب لكن عوض الذهاب إلى فراشه اتجه للأب يوبخه بكلام غير مفهوم دون أن يقدر أحد على التدخل.
لم يجد الأب حلا آخر سوى مغادرة المنزل والاتجاه إلى أحد أفراد الشرطة ليطلب منه حمايته، لكن حين استغربوا للطلب واستهزؤوا منه اقترح على أحدهم الذهاب معه لسحب أحد البطانيات، وفعلا أخذ فراشين وغادر المنزل في الساعة الواحدة صباحا، واتجه إلى أحد المقاهي الشعبية التي تجاور موقع المومسات بالمدينة ،وحين طرق الباب لم يكن صاحب المحل سوى شخص متقدم في السن مثله لكن فرق أن المستقبل للمرتحل من منزله هو صاحب المقهى ، رحب به فهما يعرفان بعضهما البعض وتتشابه قصصهما المثيرة التي أصبحت على كل لسان .
حين أسند جسده الهزيل غادرته الأحلام الذي كان يستمتع بها كل يوم، شرد بذهنه بعيدا، لكنه لم يدري كيف تذكر يوما أنه وقع في نفس الموقف مع أحد أفراد عائلته قبل عشرين سنة .
حينها زفر زفرات عميقة مصحوبة بدموع تمتلئ ملوحة أحزان عميقة وقال: هل التاريخ يعيد نفسه ؟
سأله صديقه: ماذا قلت ؟؟؟؟؟
أجابه : لا شيء فقط قلت لك : تصبح على خير .



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عتبات الطريق
- فرار للمجهول
- حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي ...
- هروب
- الفريق
- رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن ...
- دعاء
- حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت ...
- يا بحريي هيلا هيلا
- الانتخابات المغربية: دروس وعبر
- الأمن والمواطنة
- كرامة ضائعة
- أحزان بلا حدود
- عتبات -في انتظار الصباح-
- يورتريه الشهيد مهدي عامل
- الشباب والراهن :أية علاقة ؟
- ذكريات معلمة في الخليج كتاب يرصد التعليم بمدينة صحار بسلطنة ...
- فاس
- ربيع الصيف
- الهجرة في * موسم الهجرة إلى أي مكان* للمبدع محمد سعيد الريحا ...


المزيد.....




- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...
- -خدِت الموهبة-.. عمرو دياب يقدم ابنته جانا على المسرح في أبو ...
- وفاة الفنان العراقي حميد صابر
- فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب
- رحيل الفنان أمادو باغايوكو أسطورة الموسيقى المالية


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - رحلة منتصف الليل