إبراهيم الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 2182 - 2008 / 2 / 5 - 08:09
المحور:
الادب والفن
جدتي لأبى فاطمة ماتت , وهى تلد عمى فهيم الذي يكبرني بأربعين عاما , فظل جدي لأبى شتاءين وصيفا , يجوب قريتنا " دمهوج " كل يوم , من شقشقة النهار إلى ما بعد آذان العشاء بساعات , من ترعة الخضراوية إلى مقام الشيخ درويش وجامع البسيوني وطاحونة أبو الحسين , وهو يحمل عمى فهيم في خرقه بالية على ذراعيه حينا وكتفيه حينا , يلتقط الأخبار من البلدة بطولها وعرضها , عن المرأة التي ولدت , و المرأة التي جاءها الطمث , والمرأة التي فارقتها " العادة " و حبلت , وفى أي الأيام والشهور سوف تلد , ويتوجه إلى هذه الدار أو تلك , يطرق الباب برفق , وهو يقدم رجلا و يؤخر رجلا , يسأل المرأة التي ترضع :
- و النبي يا بنتي , ينوبك ثواب , قطه لفهيم , يقعد لك في ولدك .
وينتقل من هذه الدار إلى تلك , وهكذا صار لعمى فهيم , في كل دار ,أم وأخ أو أخت . واليوم .. يوم الفطام , دهنت جدتي " ديوان " أخت جدي لأبى ثديها بالمر والصبار , أخذت عمى فهيم في حجرها , تهدهده لبرهة ,ثم ألقمته حلمة ثديها . حينذاك تأمل جدي لأبى عمى فهيم يبكي ويصرخ ويرفس في حجر جدتي" ديوان " : تنهد تنهيدة عميقة , ومات .
#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟