أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - مد وجزر














المزيد.....

مد وجزر


فاطمة الزهراء الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 2180 - 2008 / 2 / 3 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


كان البحر يرتمي تحت قدميّ موجة، موجة. و بين كل واحدة وأخرى، يتراجع. تركت ملح الماء يتسرب إليّ من حذائي الخفيف، شيئا فشيئا. كأنه يتذوقني. كل موجة تستبيح قطعة جديدة من جسدي.. استيقظت باكرا ذلك اليوم. انتقلت بخفة من سريري إلى يوم جديد. انتقلت بخفة من ساعة إلى أخرى. تعلقت بالأمل طوال اليوم. كيف وصلت إلى هذا الشاطئ؟ كيف انتقلت من النقيض إلى النقيض؟
درس تلو آخر، أتعلم في كلية الحقوق، مبادئ الحريات وحدودها. لم أدرك انه سيكون علي أن أواجه حدود حريتي بتلك السرعة! تعلمت مذ كنت طفلة أن أتحايل لأحصل على قطعة خبز أكبر، ثم لأحصل على درس إضافي، ثم لأحصل على فستان أو حذاء.. وزعت ابتساماتي وبعض الغنج هنا وهناك.. لم أكن أتجاوز حدود الآخرين، كنت فقط أوسع حدودي. أستاذ القانون المدني، لم يكتف بالغنج. لم تشبعه ابتسامتي.. على مكتبه، توغل في أنوثتي باحثا عن سري الدفين.. صددته مرات عديدة، لكنه ذلك المساء تحين اللحظة جيدا، وحاصرني على مكتبه، دفن رأسه في صدري باحثا عن حليب يطفأ ظمأه. أمسكت رأسه بكلتا يدي ورفعته لأعلن اعتراضي لكنه طار إلى شفاهي يعضهما.. أشعرني وخز شاربه الكثيف بالغثيان، أردت أن أتراجع ثم كان أن تبادرت الفكرة إلى ذهني.. ألستُ امرأة حرة؟ ألست أعلن لكل من يرغب في الاستماع، أنني المالكة الوحيدة لجسدي؟ ألست التي تحتقر ذلك الغشاء الغبي الذي يحد حريتي؟ فلم لا أمنحه لهذا الرجل المتعطش مقابل ثمن أحدده؟
دفعته بصرامة أكثر وواجهته:
- تريدني؟ سأسلمك جسدي، لكن عليك أن تدفع المقابل..
- لقد وعدتك بالعلامة، رد بصوت متهدج.
- ثمني أكثر من علامتك، أريد أن تؤطر بحثي.. أريد الحصول على شهادتي دون عراقيل.
بعد اخذ ورد، تم الاتفاق. وعادت جثته تبحث عن إكسير انوثتي علّه يعيدها إلى الحياة. تركته ينزع عني ثيابي وحاولت أن أسايره، أليس خياري؟ غرست أظافري في لحمه المترهل، بينما دس جسمه بين فخذي. راودني بعض الأسف، ثم قررت أنني لن أوليّ الأمر أهمية مفتعلة. قررت أن أصنف اللحظة في خانة تبادل المصالح وأن لا أتذكرها إلا تحت هذا العنوان.
وانطلقت أبحث عن فرصة أخرى أقتنصها. مقابلا بمقابل، أقوي حظوظي للحصول على الشهادة الجامعية وربما عمل. ذلك اليوم لم يكن مفترضا أن يكون مختلفا. كنت في مكتبة الجامعة حين شعرت بالدوار.. خفيف في البدء. اعتقدت انه نقص في الغذاء فأنا لم أتناول إلا بعض البسكويت مع كأس الشاي صباحا. لكن حالة الدوار ازدادت سوءا. وجدتني أواجه نظرة تعاطف من الطبيب، سرعان ما داراها امام نظرة التوبيخ من ممرضته.
- منذ متى أنت حامل؟
حامل؟ وكأنه سيغمى عليّ مرة أخرى، تمسكت بطاولة الفحص. حامل!
غالبت شعور الإعياء لأبحث عن حل. فجأة كانت الحدود تضيق علي الواحد تلو الآخر. تمسكت بذراع صديقتي منى، وعبرت الساحة الجامعية ذهابا وإيابا ابحث عن أب محتمل للطفل الناشئ في بطني. ذهبت أولا إلى أستاذ القانون المدني..
- لا ترميني ببلواك، لقد نفذت اتفاقنا، ستحصلين على شهادتك بدرجة امتياز.. لكِ أن تتخلصي مما ببطنك دون أن تزعجيني.. ثم هل أنت متأكدة انه لي؟
خرجت من مكتبه ابحث عن الآخرين.. واحدا تلو الآخر تملصوا من أي مسؤولية. مدير شؤون الطلبة الذي دبر لي سكنا بالحي الجامعي، ألقى بالقشة التي قصمت ظهري:
- إذا لم تتصرفي، سأعلن الخبر، وأتحقق بنفسي من طردك من الجامعة.. سأكون كريما معك وأساعدك بمبلغ لتتخلصي من ذلك الطفل..
ومد يده لجيبه ليخرج محفظته بينما تراجعت بهلع إلى الباب.. شعرت بالدموع تنهمر على وجهي. لستُ بائعة هوى! أنا امرأة اختارت أن توسع حدودها الضيقة. لم أتعدى على حدود الآخرين.. لحق بي إلى الباب ودس مبلغا ما في حقيبتي:
- إنني أسديك النصيحة. لا تترفعي عن هذا المبلغ، وطالبي عشاقك بالمساهمة وأكملي حياتك..
وجدتني أجر خطواتي وحيدة، إلى البحر بعد أن تخلت صديقتي عني، فهي لم ترغب في تعريض سمعتها للخطر. وجدتني أواجه البحر، أغمس فيه قدماي أتذوقه ويتذوقني.. أردت أن أتوارى فيه.. أن يحملني خارج قفصي إلى الموت. للحظة تصورت أنني أستحق أن أضع حدا لحياتي لأتجاوز الحدود التي تحيط بي من كل صوب.. أليس هذا الجسد لي؟ ألست حرة في امتلاكه بالطريقة التي تناسبني؟ لم لا يمكنني أن أكون مساوية في رد الفعل كزميلي سمير الذي ينتقل من طالبة إلى أخرى دون خشية من العواقب؟
وأحاول تلمس بطني، فأجده أملسا كعادته. هذا الطفل المتطفل على حريتي، أهو الضحية أم أنا؟ وأخطو خطوة أخرى لأنغمس أكثر في المياه الباردة. وتلاقيني أمواجه ثم تتراجع المرة تلو الأخرى.. اقترب فتبتعد وأتوقف فتدنوا أكثر.. ثم تغمرني المياه أكثر، تصعد متلمسة طريقها إلى جسدي بأكمله. تغمر ركبتي، أشعر بالماء يدغدغني، أشعر بالإثارة، أتذكر الأيد التي تبعت ذات الطريق.. أتذكر رعشة انتابتني وأنا أوسع حدودي.. أمد يدي كأنني سأدفع بالماء، كأني سألاعبه.. وأجده قريب مني، اقرب.. أشعر به يلامس مثَلثي، فأنتفض!
لا! لن أموت اليوم..
فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
http://mima-fzr.spaces.live.com/?lc=1036



#فاطمة_الزهراء_الرغيوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - مد وجزر