أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - سيف عنترة














المزيد.....

سيف عنترة


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 07:31
المحور: الادب والفن
    


اليوم أطبق علىّ الاختناق، فهّربتني ساقاي، ترنحت، حتى غامت العينان في جمهرة محتشدة حول طاولة عملاقة، يعلوها سوقي، تلوح يداه ، كان يفجر فوق الرؤوس، قميص ينفع لعامل طوبار ، قميص بشاقل، شاقل ونصف، شاقلان ، ترتفع ذراع من بعيد ، يزداد السعر بطيئا، يزداد الاختناق، يحذف القميص فوق الجمهرة، تتلقفه يد وتقلبه، قميص آخر، بنطال يصعد العالي، شاقل، تعوم العينان، هذا الانقباض داء شخصي يخصني، يتلقفني، ليتلذذ داخلي، منذ الليل إلي الليل، يقبضني حتى تهتزّ الساقان، حتى تخذل الذراعان، وتنطفئ العينان، الوجوه تعوم، كلّ شيء أبيض يهتزّ، أو أسود داكن في كلّ شيء ، السوق لا تفرّج الكرب، والاختناق يحتلني وسط المزاد..
الدلال همجيّ يجأر، الناس أصنام عمياء تحملّق في خرق بالية قادمة من إسرائيل، ملبوسات ممسوحة، أو أحذية مثقوبة، والهمجيّ يصيح بإتقان تعوّده، ذراعاه تعومان، يقلب بضاعته ، أحيانا يلبسها ويهيج كعارض أزياء، فتهيج الأصنام.
أترنح أنا تحت رأسي، وأجلس بين السيقان.
يا عينيّ رأسي المطفأ تين، يا ظهري المسنود إلى حائط ، يا روحي الغائصة في بئر بلا قرار.
أذهب داخل بئري، أغوص لتلاحقني الجمهرة ، تطبق داخل صدري، والحشد يزيد ، قمصان تتناثر لتلطم الرؤوس، معاطف وسراويل تطير،أحذية تلاطم الخدود، وأنا عصفور أسود يرقب الهمجي ويدقق فيه.
ويا عجبي! صار لأسفل خدّيه ذؤابتان ، رأسه ازدان برقعة مستديرة سوداء، رفع من بين ساقيه سيفا طويلا، رغم الصدأ لمع حدّاه ، حمله ثقيلا ولاح به، وهويت أنا ، اختناقي ازداد، ضرب الهواء، فسمعت صليلا، أحسب أني أعرفه.
صاح الهمجيّ : سيف عنترة !
وصاحت الناس : سيف عنترة!!
هللوا ولا أعرف ماذا قصدوا!
عاد يضرب الهواء وينادي : سيف عنترة!
جاء من لم يأت، احتشدت السوق، وحسبت الدنيا احتشدت .
شاقل ! سيف عنترة !
وأنا عصفور أسود أتراقص فوق الحدّ، أتشممه، أتذوقه للحظة ثمّ أطير، تزايد التهليل، وارتفع صوت : شاقلان !
رأيت مرحا في العيون ، فضاعت عينايّ ، ويا عجبي في أقصى الحشد رأيته ! كان عبدا ذاويا، ينحني على خجل بين السيقان ، رنت عيناه الواسعتان إلى السيف ، فسكبت أنا ما تبقى من دمي، كدت أحادثه فلم أقو ! كدت ألثم شعره المجعد، فلم أقو ، وارتفعت يد، صار السعر ثلاثة!
ضرب الهمجيّ بالسيف ، وأرسل صليلا ، ثلاثة ،
أنا مذبوح .


يا ربى، العبد الأسود يذوى، وأنا أذوى، ولا عينين تشبهان عينيّ، بل
مرح يعلو ، هذا سيف عنترة يا ناس ، أربعة!
الذؤابتان تتراقصان ، القبعة تتطاير معلقة بدبوس يشجنى ، في عنق العبد الأسود حبل، وعلى خجل يرنو ، أين أنت يا عزرائيل ، القبر أمنية الأمنيات، رغبة الرغبات ، طريق النجاة لعصفور ممزق ، يا موت الصالحين اقترب، خمسة شواقل.
الهمجيّ يعربد ، يتراقص، يطير ثقيلا، ويهوى فوق الرؤوس، أفسحوا المكان ، يدبّ على الأرض ويمزق بسيفه الصفوف، يصل العبد فيجرّه ، يهتف وعنترة معه : السيف وعنترة !
يصفق الناس! يحمل عنترة السيف ثقيلا، ويدور به ، يقصفه الهمجيّ بعصا ويقهقه ، ستة ، سبعة ، عنترة يعوى، وأنا مذبوح ، ثمانية شواقل. عزرائيل لم يأت، يا مريح التائهين ، يا مغيث!
يتخلى عنى عزرائيل في أوج العوز! .
أغوص في بئري ، تلاحقني عيون عنترة ، السعر يزيد بطيئا, المجنون يقهقه ، أغوص، أغوص . أصل شاطئ بحرنا ، أدخله على عجل ، تدفعني الأمواج ، فأعود عنيدا ، أقذف روحي داخلها ، أضرب رأسي في صخرة فلا تنفجر ، أبحث عن جوف حوت فلا أجد ، تسحبني القهقهة ، القبعة المتطايرة ، الذؤابتان ، اللكنة غير العربيّة ، عينا عنترة الذبيحتان، يتردد صدى صراخي ... يا عزرائيل..!. فتدوسني أقدام في الحشد لتوقظني ، تسحبني من بئري .
أحدهم يتلمس وجهي ... يا أخ!
فألملم نفسي عن الحائط، وأقوم ،لأجر جسدي مبتعدا.



#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية عمران مع لوح الصفيح / قصة قصيرة
- عذراء حارتنا
- تابوت
- منْ يغلقُ النافذة ؟
- خيط القمر / قصة قصيرة
- حمامة الفتى / قصة قصيرة
- جوادٌ أبيض / قصة قصيرة
- ابن آدم/قصة قصيرة


المزيد.....




- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...
- -خدِت الموهبة-.. عمرو دياب يقدم ابنته جانا على المسرح في أبو ...
- وفاة الفنان العراقي حميد صابر
- فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب
- رحيل الفنان أمادو باغايوكو أسطورة الموسيقى المالية


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - سيف عنترة