عمر حمّش
الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 08:17
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
عمر حمّش / روائي وقاص من غزة
رأيته توسط الطريق ، صوته ضجّ،شتم وهو يضرب خلفه المدراء العامين،
والبطاطا والبامياء،تزاحمت حوله العربات، وسائقنا تمتم ضاربا المقود: (دنيا!!) احتشد الخلق علي الممزق المنفوش، وضربت أنا جبهتي ، هذا الوجه فيه بقايا أعرفها ، بصق علي العرب واليهود، ثم شقّ الشارع كبوق مسعور ، فتنحّت العربات ، وانفرج الجمع موجتين ، صاحبي الذي كان في السجن صار مجنونا ، الأنيق أصبح معوّجا كالخارج من القبر ، صرخت:
(صاحبي)!فرمقني السائق ،ومجاوري ارتجف .
قال السائق فئ المرآة: يومنا معثر.
قلت:أنزلني!
وعدت أركض فوجدت الشارع منتظما ، والمارة يمضون ، رحت إلي ذات النقطة فلم أجده ، أسرعت في التفرعات ، جلت في السوق ،ثم أسندني حائط لأحملق في الخضار والمشترين ، وفهمت أنني ضيعته ، لكنه ظلّ في عينيّ يصيح ويشتم مفلوتا ، تخيلته يضرب الهواء وجسده ، ويرسل عينيه ، فدققت ممسكا فيهما ، رأيت السجان كوهين يهوي علي ظهره،
ويصيح (كل كل) ولم تمتد يداه ، فمه ظلّ مغلقا ، دفع كوهين الطبق بحذائه سابا دينه، ولما طار الطبق ولوّن بما فيه الحائط الناعم ، أدخل جابر الإنعاش.
بعد أيام ركبت إلي مخيمه ، فصدمني حطام بيته ، قالوا:
(قبل خروجهم هرسوه) عدت خائبا أجرّ ساقين فقدتا ذكورتيهما ، وظلّ يلاحقني،يجأر مفجوعا ويلاحقني ، وأنا ظللت أعود وقررت أن أجده ، إلى أن خرج إلىّ من زقاق بيته المهشوم، وهو يسحب بخيط رفيع لعبة سوداء على شكل تابوت ،توقف قبالتي ، حملق في عينيّ طويلا ، تأمل فمي الفاغر،ثم تجاوزني ، والتابوت يهتزّ ، وأنا أسبح في ضباب منغلق ، ثم أهوى على حجر من بقايا حجارة بيته المتناثرة.
#عمر_حمّش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟