|
مع الناس- جورج حبش
اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 10:46
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عندما لامست قدماي ارض الشام.. كان ذلك في عام ٦٥٩١ يومها توجهت الى جريدة »الرأي« جريدة القوميين العرب في دمشق.. وكانت جريدة »الرأي« آنذاك مركزا سياسيا وفكريا وأيديولوجيا لحركة القوميين العرب.. وكانت جريدة »الرأي« تنشر بمصداقية قومية ما يصدر من ادبيات وبيانات »جبهة الاصلاح الوطني« والحركة العمالية في بلادنا وانشطتها السياسية والمطلبية والحقوقية.. الامر الذي وثق مصداقية العلاقة بيننا.. الا ان العلاقة بين الشيوعية والقومية.. ما كانت على ما يرام.. وكان الكل ينظر الى الآخر بعين من الريبة والنفور.. وهو ما دفع ان اخفي هويتي اليسارية والسياسية والفكرية.. وكنت وطيب الذكر »ناصر السعيد« على صلة بجريدة الرأي، وكان الفكر القومي آنذاك سيد الموقف في سورية والمنطقة العربية.. وكان القائم على رئاسة جريدة »الرأي«: هاني الهندي وكانت كلمات مثل »مناضلين« »وكادحين« و»صراع طبقي« وخلافها من المفردات التي تستجليها الادبيات اليسارية والشيوعية في انشطتها.. من المفردات والكلمات التي تنفر منها حركة القوميين العرب.. وكان مقص الرقابة القومية في جريدة »الرأي« يأتي عليها باستخفاف، وكنت ادخل في نقاش مع هاني الهندي الذي يؤكد بان كتاباتي وادبيات وبيانات »جبهة الاصلاح الوطني« والحركة العمالية تشوبها مفردات يسارية وشيوعية.. وهي خالية الوفاض من مفردات الوعي القومي.. وكنت اراوغه واعزو ذلك الى ثراء اللغة العربية التي هي مشاعة للجميع: من القوميين والبعثيين والشيوعيين والاسلاميين.. وما شاء ربك من عباده السياسيين! وقد تعرفت عبر الجريدة الى ثابت مهاييني وهاني الهندي وجورج حبش وآخرين من عتاولة القومية العربية الذين لا تساعدني الذاكرة على تذكر اسمائهم، وقد تعززت صداقتي بهم الا ان علاقتي سرعان ما تصدعت.. عندما قدم عبدالرحمن الباكر من البحرين الى جريدة »الرأي« وكشف عن هويتي السياسية واسمي الحقيقي. وقد كان »النادي العربي« على ما اذكر في دمشق تدار فيه المحاضرات القومية، وكان قسطنطين زريق وغيره من المحاضرين المرموقين في النادي العربي، وكانت الهتافات القومية تتعالى بحماس: »دم حديد نار.. وحدة تحرر ثار« وكان هاني الهندي يؤكد على ضرورة بث الوعي القومي العربي في منطقتنا وكنت اقابل جورج حبش في مقهى »الفاروق« في دمشق لكي يقوم بتثقيفي وتوجيهي قوميا والعمل على القيام بتنظيمات قومية لبث الوعي القومي في بلادي وكان حديثه وهو يداعب »بربيش« الاركيلة يدخل من اذني اليمنى ويخرج من اذني اليسرى دون ان يستقر شيئا قوميا في روعي، فقد كان الوقت متأخرا ايها »الحكيم« اقول بيني وبين نفسي.. لاني كنت على جاهزية فكرية اممية وطنية!! يبتسم »فرج الله الحلو« عندما اسرد عليه ما قمت به خلال اسبوعين واذكر له لقائي »الثقافي« مع جورج حبش في مقهى الفاروق.. وكان يقول ما معناه: الاممية تصقل وتنقي الوطنية.. والوطنية تصقل وتنقي القومية.. والعكس ليس صحيحا في كل الاحوال.. وكان القوميون العرب يضعون القومية فوق كل شيء.. ومن دونها لا شيء.. شأنهم شأن الاسلاميين الذين يضعون الاسلام فوق كل شيء ومن دونه لا شيء!! تذكرت جورج حبش وهو يستنفذ آخر قطرة من زيت سراجه.. وتجافلت مرعوبا بيني وبين نفسي.. ترى لو دفع بي »الحكيم« في امواج القومية العربية ترى هل اخذت نصيبي مثلما اخذ نصيبه من خَطَفَ واغتال وفجّر؟! رحم الله جورج حبش واسكنه فسيح جناته.. فقد كان أوّابا في محراب القومية العربية.. على الرغم من الجروح المثخنة بالدماء التي تفجرت وفجرت شرايين الامة العربية على طريق الارهاب والتطرف تجاه القضية الفلسطينية العادلة التي جافى كثيرون من قادتها طريق الاعتدال والعقلانية.. فكانت ولما تزل المأساة التي تثير صراعاتها »حماس« والعدو الاسرائيلي يرقص على اشلاء قتل وتقاتل الفلسطينيين فيما بينهم!! رحم الله »الحكيم« ما كان حكيما في مواقفه حتى آخر ايامه.. فقد كانت اهواؤه القومية العربية الفلسطينية تنتقل به من محطة جمال عبدالناصر الى محطة البعث الى محطة صدام حسين دون ان يذرف دمعة واحدة على المقابر الجماعية وجرائم صدام حسين في اجتياح دولة الكويت في سبيل وحدة القومية العربية.. ورغم كل ذلك فقد كانت اتجاهات »الحكيم« الفكرية واللوجستية اكثر شفافية وصدقية فهو اول قائد عربي فلسطيني يترجل عن قيادته القومية والسياسية ويذرها في يد الآخرين!! رحم الله جورج حبش الذي ملأ الارض ضجيجا.. فيما قام به من ممارسات »...« ان طابت له ولرفاقه في وقتها، فانها لا تطيب الآن.. لا لذكراه ولا لسمعة رفاق دربه!!
#اسحاق_الشيخ_يعقوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
-
السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال
...
-
سلطات مدينة إيربيت الروسية تقرر نزع ملابس -ديد ماروز- عن تمث
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|