أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد السياب - الرتل















المزيد.....

الرتل


عبد الحميد السياب

الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ويظل الشعب هو الضحية الاولى في تجربة قاسية سموها ما شئتم فقسم يطلق عليها الاحتلال وقسم آخر يقول تحرير العراق وما بين الحالتين هناك تسميات كثار ومتباينة ونقصد بقولنا ما صار في العراق سنة 2003حيث دخلت قوات من جنسيات مختلفة وأعداد وبنسبة متفاوتة من الجنوب لتزحف كالجراد في الارض العراقية قاصدة بغداد حيث فيها قادة حكم لا يفهمون إلا لغة الحرب والقتل والدمار وهكذا تمت اكبر عملية في التأريخ المعاصر حيث انتهى حكم ديكتاتوري دام في هذا البلد أكثر من ثلاثة عقود عاش فيها الشعب العراقي في أبشع وأحلك وضع وأكيد أن الشعب يعرف عن هذه الحقبة الزمنية الكثير فالكل واحد من هذا الشعب قصة خاصة به ولوأ تيحت الفرصة لمؤرخ قدير أن يؤرخ لصارت مجلدات كبار تضاف الى المكتبة في حقل سير التأريخ المعاصر وهذه السيرة التأريخية سيستفيد منها الأجيال القادمة التي لم تعش التجربة وليطلع عليها مواطني الشعوب الاخرى المتجاهلون منهم والجاهلون تماما للذي صار في العراق ليبقى توثيقا حقيقيا ودراسة منهجية يرجع لها من يريد ان يطلع على تلك الحقبة الزمنية من تأريخ العراق وأكيد سيبقى المؤرخ الامين والخبير وصاحب الرأي السديد يكتب ويضيف المرحلة التي تلت سنة 2003 وما حدث ليؤرخ عن الرتل الذي صار توشخّص منه القوات الاجنبية ولي مع هذا الرتل تجربتين فواحدة صارت قبل شهور مضت حيث قصدت الشمال الحبيب الى السليمانية وقد اخذنا سائق السيارة الاخ الرائع الكوردي عن طريق ديالى نمر بمحاذاة كركوك ثم الى طريق الموت الذي هو بين كركوك وديالى هناك منطقة العظيم حيث أكد سائقنا الكوردي وهو بطل تلك المغامرة
إلا كيف نقبل أن نسافر في طريق يسد أبوابه في السادسة مساء وإنطلقنا من بغداد بحدود الثانية بعد الظهر وكنت مع إبنتي نجلس في الخلف وقد جلس قرب السائق الشهم شاب لم يتعد الثامنة عشر وانطلق بنا الكاكا وهو خبير بتلك الديار إذ نحن نجهلها تماما واما عرف الكاكا بأننا من البصرة أرتاح لنا وطمأن لصحبتنا وبقى عنده المجهول الشخص الذي يجلس بقربه فنهالت عليه الاسئلة من قبل صاحبنا الكاكا ليعرف من هذا الذي يجلس الى جانبه ثم ان الدخول الى كرودستان لا يتم إلا بكفيل حيث عرف إننا ذاهبون الى مهمة عمل وعرف إن دخولنا سهل وبقى دخول ذلك الشاب الذي هو غير واضح بالنسبة للسائق ولنا وهذه ليست مهمتنا ولا هي مهمة السائق ولما اتجزنا كركوك اخبرنا السائق اننا دخلنا في الاراضي الخطرة حيث قال سنصل بعد قليل الى منطقة القي بها على الزرقاوي وقال سوف تشاهدون البيت لانه ليس بالبعيد عن الشارع العام وقد اطمأن السائق الكاكا لنا عندما شاهدنا منسجمين معه نضحك لنوادره وقفشاته وتعليقاته وسخريته عن الوضع وفجأة حدث ما كنا لا نتوقعه حيث سائقنا يسيربسرعة 160 كياو متر بالساعة أو اكثر كي يلحق الوقت فوقتنا ثمين جدا ونحن في طريق كل خطوة فيه تعني الموت فلا سبيل إلا الانطلاق الى الامام وفأة وإذا بصاحبنا الكردي يعلن عن استياءه وتذمره واخذ يلعن وبصوت عال كل من يأتي على لسانه الذي يجيد العربية فمرة يطلقها كردية مدوية ومرة عربية مزمجرة ثم قال سوف نتعطل يا أخوتي فأمامنا رتل والرتل يمشى الهوينا وعلينا ان نتبعه وحسب مشية وما مدي المسافة التي سوف يقطعها وهكذا كتب علينا أن نكون خلف رتل امريكي وهنا نوه صاحبنا الكوردي قائلا بل ومستدركا لهذا الرتل الذي يخطو وهو واثق الخطوة يمشي ملكا على رأي كوكب الشرق المرحومة أم كلثوم له ميزة إيجابية وهو بهذا العدد الضخم من الدبابات والمصفحات والاليات والجنود المدججين بالسلاح وبكل انواعه هذا حماية لنا ونحن في مناطق الخطر ثم إن السيارات التي أخذت تتجمع وبالعشرات إذا لم اقل بالمئات وهذا التجمع أيضا له منافع لأن المهاجمين والارهابين لا يجدون بتلك المجاميع ولا بذاك الرتل فرصة مناسبة للنهب والخطف والقتل من هنا صار وجود مثل هذا الرتل يعني الامان من شر المعتدين والآن وقد حل علينا المساء وصار من المستحيل الاجتياز للدخول الى السليمانية صرنا تحت رحمة هذا الرتل لكن سائقنا الشاطر والذي يدرك اللعبة ويتقنها وبحرفنة أخذ يدخل من بين السيارات وثم يسلك الطريق الاخر الخالي من السيارات لوجود الرتل وهكذا صار الكاكا يلعب بالسيارة يمينا وشمالا حتى إن السيارات الاخرى صارت تحتج عليه وتشتد معه في حوارات اكثرها باللغة الكردية وصاحبنا الكوردي يبتسم ويعلق ويسخر وعندما طلبت منه ان يلتزم الهدوء والنظام وان يبتعد عن هذه الالعاب والمجازفات التي ستدخله في اشكالات مع الاخرين لكنه أكد لي بأنني لا اعرف اللعبة لان له هدف في هذا المسير الملتوي والسير في المطبات والطرق الصعبة لانه يريد أن يكون في بداية مسير السيارات ويكون وراء الرتل وأكمل صاحبنا الكاكا إذا صرنا وراء الرتل مباشرة ونسحب الرتل الى أي جهة ينوي الدخول بها من هنا نكون نحن أول المنطلقين الى حيث مسيرتنا الى السليمانية ثم قال لنا الكاكل الرائع والمتمكن والمسيطر والعارف لعمله هل عرفتم لماذا انا اريد ان اصل وأي طريقة خلف الرتل وفعلا ما خططله صار بعد ساعتين حيث انسحب الرتل الى احدى الجهات تاركا الطريق خاليا امامنا فأنطلق سائقنا الكاكا بسرعة جنونية تاركا وراءه سربا من السيارات يقدر بأكثر من عشر كيلو مترات وربما اكثر ليست هذه هي قضيتنا بل هي كيف سندخل الى السليمانية والوقت تعدى ولا مجال للدخول قال لنا صاحبنا االسائق نحن ألآن على مشارف السليمانية وقد تعدينا مرحلة الخط سوف نقف في هذا المطعم لنستريح قليلا وتتصلون بأهلكم في البصرة وتخبروهم انكم الآن وصلتم الى بر الامان وتصلوا بمعارفكم في السليمانية لكي يقدموا الى الحدود حيث المخفر الحدودي لكي يكفلكم كفيلكم للدخول وسأل صاحبنا اشاب الساكن في مكانه الهادئ جدا كيف ستحصل انت على كفيلك وقد دخل علينا الليل ؟فلم يجب الشاب بأي كلمة حيث بل جواب لديه فأقنعنا الكاكا أن يكفله لمنه امتنع وطلب منا ان يكفله لفيلنا ولما قلنا له ليف يوافق كفيلنا بذلك وهو يعرف بعددنا وأسمائنا كيف ؟إنه بالتاكيد لا يوافق قال صاحبنا الكوردي إنها مسؤولية ان تدخل احدا لا تعرفه ودعونا لا نسبق الحدث لاننا حين نصل الى مخفر الشرطة كل شئ سوف يتوضح لنا فربا لا يسمحون لنا بالدخول لان الوقت المقرر للدخول انتهى من ساعة مضت وبعد ان تلفنا الى اهلنا واخبرناهم باننا بخير ووصلنا الى بر ألامان حيث اخبرنا صديقنا الشهم سائقنا الكوردي إنطلقنا الى حيث مخفر الشرطة الذي يبعد اكثر من نصف ساعة ولم تكن فيه أي سيارة واقفة أي في المخفر أرتجل الكاكا من سيارتة ليتكلم مع ضابط وقف ينظر لنا من بعيد وكان الكاكا قد أخذ من الشاب هوية المدنية ووضعها في يده عند نزوله وبعد مضي خمس دقائق أو أقل رجع الكاكا السائق وعلى محياه ابتسامة عريضة نظرنا نحن يمنة ويسار لم نجد احدا بأنتظارنا أي لم يصل الكفيل وصل سائقنا المبتسم المتفائل جدا وفتح بابه ودس نفسه بكل فخر وأعتزاز وقال فرجت هذا الضابط صديقي وأخبرته من أنتم فقال لي أسرع أنطلق لان الطريق سد الآن حيث لا تدخل سيارة بعدكم ويوف ينام الناس في العراء الى الصباح الباكر وأردف صاحبنا الكاكا لو معرفتي بهذا الضابط الصديق لبقيتم للصباح وطبعا أنا سوف أنطلق عنكم الى السليمانية ولكن بدون حسد نيتكم طيبة وربا حظ هذا المسكين وصار يؤشر على الشاب الجالس بقربه قلنا لصاحبنا الكاكا الفضل يعود أليك أنت أيها المغامر البطل حيث أدخلت سيارتك في المطبات والطرق الملتوية ولولا تلك المغامرات والتضحيات ما وصلنا الى السليمانية في الساعة العاشرة حيث وجدنا أصحابنا بأنتظارنا وهم في عجب كيف وصلنا سالمين وتحمدوا لنا على سلامة الوصول وهكذا انتهت قصتي مع الرتل وهناك قصة اخرى صارت قبل ايام مع جيراننا العزاء حيث توجهوا الى النجف الاشرف لزيارة اربعين والدتهم رحمها الله برحمة الواسعة وقد عانوا معاناة غير طبيعية عند ذهابهم حيث تعطلت السيارة في الذهاب ووصلوا عند المساء حتى أنهم اجلوا زيارة المرحومة أمهم لليوم التالي وأسرعوا بالرجوع للبصرة حيث اتصلوا بأهلهم عند الصباح الباكر وقالوا ها نحن انطلقنا من النجف الاشرف عائدين بعون الله لكم وبحسابات بسيطة قلنا سيصلون إذا شاء الله بحدود الساعة الثانية بعد الظهر ومرت الساعات الثالثة عصرا ثم الرابعة وصرنا في قلق حتى جاء من هذا الساحر العجيب النقال صوتا يقول ان سبب التأخير هو ان رتلا يسير الهوينا والناس خلفه منتظرين متى تزاح تلك الغمة وينتهي مسير هذا الرتل الذي تعطل جيراننا بسببه اكثر من ست ساعات عاشوعها على اعصابهم وصلوا ألينا في حالة إعياء وقد بدى على ملامحهم التعب ورغم ما بهم من أخذوا يلعنون وبغضب ذلك الرتل الذي سبب لهم كل تلك المعاناة وذلك التأخير والقلق واقول إضافة لتجربتنا السابقة وتجربة جيراننا الجديدة ما الذي يحدث في شوارعنا العراقية كل يوم حيث تمر الارتل بلا رادع وهي تسير في بلادنا الحبيبة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب فأي تجاوز هذا؟ وأي استهتار وعدم مبالاة بمشاعر شعب ناضل وقدم التضحيات الجسام ضد الديكتاتورية اللعينة لقد صبر هذاالشعب العنيد وطالت عليه ا لسنين وهو لم يزل منتظرا ان يمسك بيديه اللتان ضحى بهما من اجل وطن يسود فيه السلام والأمان والعدل كفى انتظار وهو يرى جنودا من مختلف الجنسيات يصولون ويجلون في بلادنا الغالية التي يعز علينا ان يتبدل بها الوضع من ديكتاتورية مقية حاقدة الى إحتلال بغيض لا نريد ان يطول اثر لان صبر العراق قد ينفذ اذا لم يكن قد نفذ فعلا ........




#عبد_الحميد_السياب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألتكنولوجيا سلبا وإيجابا ..........
- ( ( ما هكذا تورد ألابل يا سيد خلف )
- ( نقاش عقيم بالعراقي حول العلم العراقي )


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد السياب - الرتل