أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - هدى














المزيد.....

هدى


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2178 - 2008 / 2 / 1 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


قصة للأطفال:

استأذنت هدى من جارتها أن تأخذ غصنا من وردة الجوري المزروعة في حديقة الجيران.
قطعت الغصن بعناية فائقة بعد أن طمأنت الوردة الأمّ بأن غصنها سيجد الرعاية الكافية، حملته بإصبعين كي لا تؤذيها أشواكه... وضعته في كأس من الماء ريثما تملأ عُلبة الحليب الفارغة بالتراب ، زرعته فيها وسقته بعد أن وضعتها على النافذة خارج الزجاج.
نظرت إليه من الداخل وقالت له :
لا تحزن أيها الغصن الغضّ ، غدا ستكبر وستنمو براعمك ، وتنعقد أزهارك وتتفتح ، ولن أسمح لأحد أن يؤذيك .... شكرها الغصن على حسن الضيافة والرعاية وقال لها :
إذا حاول أحد أن يؤذيني فإن أشواكي ستنغرس في لحمه ، هذا ما أريدك أن تخبريه لأشقائك الاطفال، فأنا لا أحب ايذاء الأطفال .
******
حزن الغصن على فراق والدته، فانكمش على نفسه بضعة أيام ، غير أنه ما لبث أن تأقلم مع الواقع الجديد ، وشعر بالألفة مع المكان بعد ما لقيه من ترحاب ورعاية من هدى ووالديها وأشقائها ، فدبّت الحياة فيه ، وانطلقت براعمه تتسابق بكل الاتجاهات ، فأصبح نبتة كاملة شبه أمّه .
******
عندما تفتحت أول زهرة ، نهضت هدى من نومها على هديل زوجين من الحمام البري، كانا يبنيان عشّهما في زاوية النافذة قرب نبتة الجوري ، كان الذكر يغني لأنثاه، ويرقص لها رقصات دائرية جميلة ، فتتقدم إليه... وتستظل بجناحيه .
فرحت هدى بذلك ، أحضرت بقايا قطع صغيرة من الخبز، ونثرتها على النافذة طعاما لزوجي الحمام اللذين طارا بعيدا في البداية ، ولكنهما ما لبثا أن عادا بعدما رحبت بهما وقالت لهما :
- لا تخافا فأنا أحب الطبيعة الجميلة .
وعندما سمعت والدة هدى حديثها ،خرجت لتستطلع الأمر ، ولما رأت زوجي الحمام رفعت صوتها سائلة وهي تتجه بسرعة إلى النافذة لطرد الحمام :
- ما هذا يا هدى ؟؟
غير ان هدى تعلقت بثوب أمّها ترجوها أن لا تطرد زوجي الحمام .
قالت الأم : ولكن انفلونزا الطيور متفشية في جنوب قطاع غزة ، وهي مرض قاتل للإنسان .
- لكن زوجي الحمام هذين بصحة جيدة وهما يبنيان عشهما .
وفي هذا الأثناء عاد الوالد "علي أبو غالية" من عمله فنادته هدى طالبة منه التدخل لحماية زوجي الحمام .
قالت الزوجة :
- زوجا الحمام هذان يبنيان عشّهما على النافذة ، وابنتك هدى تطعمهما ،وأنت تعلم أن انفلونزا الطيور وصلت المنطقة .
- الأعمار بيد الله يا " رئيسة " .... ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، قال الزوج .
- لكن الله سبحانه وتعالى يقول : ...." ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة" قالت الزوجة .
- حياتنا ليست أغلى من حياة الآخرين ، فالطيور منتشرة في كل مكان قال الزوج .
تراجعت الوالدة " رئيسة " إلى الخلف بينما تقدمت هدى، وطبعت قبلة على جبين والدها شاكرة له موقفه .
******
صباح اليوم التالي ، أخبرت هدى زميلاتها ومعلمتها أن زوجين من الحمام يبنيان عشّهما على نافذة غرفة نومها قرب وردة الجوري، وأنها سعيدة بذلك .
وجدتها المعلمة مناسبة سانحة لتقص على طالباتها قصة النبي نوح عليه السلام والطوفان ، وكيف أن حمامة أحضرت غصن زيتون للنبي نوح، دلالة على انتهاء الطوفان، وانحسار مياهه ، ومنذ ذلك التاريخ والبشر يعتبرون الحمام والزيتون رمزا للسلام .
قالت هدى : في حديقة جيراننا شجرة زيتون ، والحمام يعيش في نافذة بيتنا ، فهل سيأتي السلام ونعيش بأمان ؟؟
- أجابت المعلمة : حتما سيحل السلام في بلادنا ذات يوم .
- متى ؟ . سألت هدى .
- لا أدري . أجابت المعلمة .
هدى تتمنى لو أنها طائر حتى تستطيع أن تطير في الجو لتصل مدرستها دون المرور بالحواجز العسكرية.
******
علي أبو غالية يعود إلى البيت متعبا ، تستقبله ابنته هدى وأشقاؤها ، يحضنها... يطبع قبلة على جبينها ، تجلس " صابرين " في حضنه ، و " هنادي " تتسلق كتفيه ، والآخرون يتحلقون حوله ...هو سعيد بهم، وهم سعداء به.
قالت هدى على استحياء : بابا ماذا ستكافئني إذا ما كنت الأولى على بنات صفي ؟؟
- قالت " صابرين " : بل أنا الأولى على بنات صفي .
وقالت " هنادي " : لا أنا الأولى على بنات صفي .
قال الأب : اطلبوا ما تشاؤون أيّها المشاغبون .
قالت هدى : تأخذنا إلى شاطئ البحر .
نعم إلى شاطئ البحر هتفت الشقيقات فرحات.
أخرجت هدى شهادتها من حقيبتها وقدمتها لوالدها ... وهي تصيح فرحة : انظر أنا الأولى .
******
يوم الجمعة 9-6-2006م تنظر هدى إلى عشّ الحمام ، كان فرخان يفتحان فميهما بانتظار الطعام الذي ستحضره الوالدة ، وكانت عدة زهرات قد تفتحت على أغصان وردة الجوري .
علي أبو غالية يصطحب زوجته وأطفاله إلى شاطئ بحر رفح ، الوالدة " رئيسة " ترضع طفلها الصغير هيثم، وتنظر إلى الأفق البعيد ، الأطفال يتراشقون بالمياه على الشاطئ ، والوالد يشعل النيران ويشوي حبات من البطاطا ليطعم أطفاله ، ملأ صحنا بحبات الزيتون ، وسكب زيتا في الصحن الآخر .
هدى تصيح : انظروا هناك سفن في البحر ، وإذا بقذائف منها تسقط على الشاطئ ، تتطاير جثث علي أبو غالية وزوجته وأطفاله في كل الاتجاهات.. بينما أخذت هدى تدور على غير هدى.. تعفر الرمال على رأسها وهي تصيح بالفم الملآن : يابا ... يا ... با ...



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف من التراث


المزيد.....




- فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
- صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي ...
- التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي ...
- الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - هدى