قرأت وقرأتم مثلى حادثة قتل "دلال" الذي كتبها عادل سالم في "أرب تايمز" والذي كتبت عنه د. رجاء بن سلامه في "إيلاف" الاثنين 24 /11/2003 بعنوان(نعم :من قتل دلال؟ رحى العنف الهادئ تدور أيضاً)التي قتلها أخوها بخمس وستين طعنة ثم ذبحها لا عن ذنب فعلته إلا لأنها هربت من بيت أبيها لتتزوج الرجل الذي أحبته ورفضه أهلها. قال تعالى:"وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" ولم يكتف قاتلها المجرم بما فعل بل إنه كان يحمل في يده كبدها يلوكه بأسنانه مؤكداً غسل العار .. ولا أعرف أي عار فعلت، ولا أي عار غسل، فهذه الحادثة البشعة _ التي هي خارج الزمان والمكان_ تذكرنا بعادات الجاهلية حيث أكلت هند كبد حمزة عم الرسول تشفياً فيه، وقد نهي الإسلام عن التمثيل بالجثة وعن مثل هذه العادات، فما حدث شيء فظيع لا وجود له لا في القوانين السماوية ولا حتى في القوانين الوضعية، ولا يسعني وأنا في مقامي هذا إلا أن أبعث برسالة إلى الشهيدة"دلال" لتقرأها بروحها الطاهرة وتبلغها لربها:
• فقولي لربك يادلال: أن فقهاء الإرهاب وعلماء السلطان هم الذين قتلوني وأباحوا دمي بفتاويهم التي لا يكفون عنها ليل نهار، بعد أن أفتي شيخهم القرضاوي بقتل الزوجة التي يدعي زوجها أنه وجدها في حالة زنا وأتي بحد غير موجود في الإسلام وحرض على جريمة أدانها القرآن الكريم ووضع لها حداً.
• قولي لربك يادلال: أن المتأسلمين يسومون المرأة كل أنواع الذل والقهر والعذاب فسجنوها وقالوا إن للمرأة خرجتين، واحدة من بيت أبيها إلى بيت زوجها والثانية من بيت زوجها إلى القبر،أما الرجال فيفعلون ما حلا لهم خفية دون أن يراهم أحد.
• قولي لربك يادلال:إن المرأة العربية تواجه معركة ضارية وفي حاجة ماسة لدينك الذي أنصفها، لكن فقهاءنا خذلوها ولووا عنق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتناسب مقصدهم ومرادهم وهو استعباد المرأة.
• قولي لربك يا دلال: أن الجماعات الإسلامية مهووسة بالجنس وعكسوا هوسهم الجنسي على المرأة حيث لم يروا فيها إلا جسداً لدناً لا يصلح إلا للفراش لا النقاش ولا للقضاء ولا للحكم ولا للحياة الخاصة أو العامة واختزلوها في الغريزة الجنسية لإشباع نزواتهم وإنجاب الأطفال وعطلوا نصف طاقة المجتمع ليعيش عالة على نصفه الآخر.
• قولي لربك يادلال: أن المرأة العربية التي سجنوها في المنزل باسم الإسلام والإسلام منهم بريء كانت في عهد رسولك الكريم تشتغل بالفقه وتجلس للفتوى وتنشد الشعر، بل وخرجت، مع رسولك تحارب في الغزوات،وجلست ‘تلقن العلم كالرجال بل وتقدم المشورة الصائبة كما فعلت أم المؤمنين أم سلمة في صلح الحديبية، ولكن فقهاء الظلام اختلقوا باسم خاتم أنبيائك حديثاً سادياً مرعباً يقول"شاوروهن وخالفوهن" بينما الرسول شاور أم سلمة وعمل بنصيحتها. فهل هناك تزوير لحقائق الإسلام أكبر من هذا التزوير. وكيف ننسي تلك المرأة التي جادلت عمر بن الخطاب، حتى قال عمر:أصابت امرأة وأخطأ عمر. فلماذا لم ينهها عمر بأن تلزم بيتها وبأن صوتها عورة؟.
• قولي لربك يادلال: أنه في أيلول الماضي نشر 130 أكاديمياً ورجل دين في السعودية بياناً عارضوا فيه مساواة المرأة بالرجل متناسين قوله تعالي:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل بينكم مودة ورحمة"، كما نسوا قول حديث نبيك:" النساء شقائق الرجال" وتناسوا قولك يا أصدق القائلين"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" فأنكروا واستنكروا المساواة بين الجنسين لأنها لا تعني في نظرهم إلا انهيار النظام الأخلاقي وسقوط السماء على الأرض.
• قولي لربك يادلال: أن المرأة العربية لا زالت تعامل على أنها ناقصة عقل ودين،استناداً إلى حديث مكذوب على رسولك الكريم، لذلك فرضوا عليها الوصاية بأن لا تخرج من بيتها وحدها وألا تذهب إلى الأسواق وحدها،لأن هناك ذكر يتربص بها وسيفتظ بكارتها ويغتصبها في كل مكان. حتى إن شيخ "حماس" أحمد ياسين أفتى بأن الشهيدة وفاء إدريس التي فجرت نفسها في الجيش الإسرائيلي ليست شهيدة لأنها خرجت بدون محرم.!
• قولي لربك يادلال:أن الإخوان المسلمين بلغ عداؤهم وكراهيتهم للمرأة حد أنهم يمارسون إخصاء النساء بالختان لفرض العفة عليهن كما كان العبيد يخصون في الماضي لفرض العفة عليهم وكما كان محاربوا أوربا في العصور الوسطي يضعون على فروج زوجاتهم "حزام العفة" الشهير خوفاً من خيانتهن لهم في غيابهم، فسعي الإخوان المسلمين لحرمان المرأة من البظر الذي يجلب لها المتعة الجنسية، متعللين بأسطورة أن حواء هي سر بلاء الجنس البشري لأنها هي التي أخرجت آدم من الجنة، في حين أنه لم يثبت أن رسولك ولا صحابته الميامين قد مارسوا هذه العادة البشعة.
• قولي لربك يادلال: أن دعاة التخلف ومرددي الشعارات الكاذبة والمتقدمين دائماً إلى الخلف ينسبون تخلف المجتمعات العربية لسفور المرأة ففرضوا عليها الحجاب الذي لم يفرضه الإسلام عليها والذي لا يعني حجب شعرها أو وجهها فقط بل حجب عقلها عن المشاركة في قضايا المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى لا تطالب بحقوقها بالمساواة بالرجل، فكأن السفور هو أساس بلاء العرب وسبب كل المشاكل التي تأخذ بعنق الأمة، وأن كلمة السر لحل كل هذه المشاكل هي"الحجاب" فبالحجاب سنهزم إسرائيل وسنحرر فلسطين وسنحل مشكلة البطالة ومشاكل التنمية بل ومشكلة تلوث البيئة ومشكلة الانفجار السكاني الرهيب.
لكن من قتل دلال؟!
قتلها الجهل وكل موروثنا الثقافي والاجتماعي الذي ورثناه من الجاهلية ونهانا عنه ديننا الحنيف، قتلها مفهومنا المرضي عن الشرف المرتبط بالنصف الأسفل للمرأة، ونسوا طهارة النفس وشفافية الروح،قتلها فقهاء العصور الوسطي وفقهاء الإرهاب بفتاويهم التي صورت كل ما فيها على أنه عورة، فنحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين، عصر حقوق الإنسان وحقوق الأقليات وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين إلا أن جرائم الشرف مازالت منشرة بصورة مخيفة في شرقنا العربي الكسول ذهنياً والمريض نفسياً، ولابد لنا من القضاء على هذه العادة الوحشية المخيفة والغير مواكبة لروح عصرها، لنعود إلى روح ديننا الحنيف الذي حثنا عليها نبي الرحمة بقوله"النساء شقائق الرجال" كما يجب مساواة المرأة بالرجل في الشهادة والإرث لتتساوى مع المرأة الأوربية والعالمية.
أما أنت يا دلال فانعمي بالجنة التي أنت بها الآن يا شهيدة الحب الطاهر، ويا ضحية الجهل وضحية موروثنا البالي وفتاوانا المغرضة .. انعمي بالعالم العلوي الذي ذهبت إليه فهو أفضل من عالمنا السفلي الذي سيطر المتأسلمون على كل نواحيه، وحولوا حياتنا إلى جحيم مقيم، وقولي لربك أن يرسل عليهم صاعقة من السماء لأنهم طغوا وبغوا فهم أشد كفراً ونفاقاً وعصياناً ووحشية من قوم نوح الذين خانوا رسالة نبيهم.