أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - لعّل حيفا قد رحلت..














المزيد.....

لعّل حيفا قد رحلت..


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 2175 - 2008 / 1 / 29 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


من الجولان الى الجليل الى حيفا, رؤية ورؤيا ما أبيت ان أفقدها في أروقة تيه الشمس عن المكان..


ضباب حجب نظري, المطر لا يتوقف عن الهطول, يطرق على شبابيك السيارة طرقا شديدا. الساعة تقارب السادسة صباحا والنور ما زال محجوبا لا يظهر. لم أعرف من منا قاد الاخرين أنا أم السيارة أم الضباب او ربما الرياح والمطر, عدا عن الخوف الذي تملكني من الحيوانات العابرة من ضفة الى أخرى من الشارع, ففي الجولان تكثر في الشتاء الحيوانات التي تعبر الشوارع وخصوصا في الايام العاصفة لاسباب لا اعرفها, فكل ما عرفته في تلك اللحظات هو: كيف علي ان اصل الى حيفا قبل الثامنة صباحا.
أين الجولان وأين حيفا من ناحية المسافة والكيلومترات التي علي قطعها هذا الصباح, انها لمتاعب خفيفة لكنها ثقيلة جدا فأنا لست جولانية الاصل لكني أمارس جولانيتي كأي جولاني يعيش في الجولان.
الطقس يعصف بأمطاره ورعده, الطبيعة لا تتوقف عن المطر والريح. زهراء صديقتي تنتظرني في احدى محطات الجليل الأسفل لأقلها معي الى مكان دراستنا في حيفا, لكن يبدو ان العاصفة لن تهدأ وزهراء لن تنتظرني هذا الصباح. بدأ الضعف يتملكني عندما بدأت لا أرى الخط الابيض الذي يفصل الشارع الى نصفين, فأين ذهب ذلك الخط اللعين الذي كان يساعدني على السير في الاتجاه الصحيح وماذا حدث لحركة السير اليوم؟ يبدو انه لا سيارات ولا باصات على الشارع سوى انا وحدى وتلك العاصفة االلعينة التي لا اعلم لاين ستقودني.
تمنيت لو اني اجد سيارة واحدة لاسير خلفها او امامها لكن عبث بقيت وحدي في الشارع ابحث عن الخط الابيض وعن لافتة ترشدني الى الطريق. بدأ الخوف يتسرب الي فقد وجدت نفسي في شارع ضيق بالكاد يتسع لسيارتي, والحجارة السوداء على جانب الطريق تبدو واضحة في عتمة الضباب الرمادية, وبعض الاشرطة التي بدت لي شائكة جدا. أيقنت اني ظللت الطريق الذي أعرفه وان العاصفة اللعينة حجبت رؤيتي ورشدي وكم ازداد خوفي اضعافا عندما تخيلت اني قطعت الحدود الى سوريا.
هو الخوف نعم الخوف الذي اخذني بعيدا وجعلني اقطع حدود المكان والزمان , الخوف الذي سيطر علي في تلك اللحظات, الخوف باني عربية من عرب الاربعين ولست جولانية, فأن قطعت الحدود فأن ذلك لن يكون سهوا او ان احدا لن يصدق سهوتي.
اضعت الطريق وأضعت نفسي التي لا اشعر بها, فما اصعب ان تكون عربيا منتميا لعرب الثمانية واربعين وان تكون في ذات الوقت جولانيا ضائعا ما بين الوطن والدولة. هذه ليست مأساة بقدر ما هو تشتتا ما بين انتمائين او صراعين تعيش بهما. او وسطهما. والاصعب بان يتملكك الشعور بانك غير منتميا لا الى الجولان ولا الى الجليل.
هل ستبقى زهراء تنتظرني وتنتظر عودتي من تيهي ونهاية صراعي مع الضباب والمطر؟
هل ستبقى تنتظرني الى ان انهي صراعاتي مع الطريق والحجارة السوداء والشواراع الضيقة؟
زهراء ذات العيون الخضراء كزيتون الجليل والبشرة البيضاء كغيوم صيفيه, لا بد ان تبقى تنتظرني لاسمعها واصغي اليها, تنتظرني لتحدثني عن والدها العظيم الذي أحب اللغة العربية والادب, لتحدثني عن انكساراتها الصغيرة ونجاحاتها الجميلة, لكن زهراء لم تتصل هذا الصباح او ربما لان الوقت ما زال باكرا فهي معتادة ان تتصل عندما تقارب الساعة السابعة صباحا لتسألني اين انا, وكم من الوقت تبقى لي كي أصل اليها.
حالة الطقس لم تتغير بل ازدادت سوءا, وحالتي انا ازدادت توترا, فاين دخلت بسيارتي فحتى النافذة لا استطيع فتحها بسبب حدة الامطار والرياح.
عاصفة, شارع ضيق وحجارة سوداء هذا ما امتلكته وانا لا امتلك شيئا سوى ذاتي, حتى عودتي للخلف صعبة فانا لا استطيع ان الف السيارة واعود. فعلي ان اعود للخلف فقط بقيادة السيارة الى الوراء بالاتجاه العكسي. احد الاشياء التي اكرهها ولا اجيدها فكيف سأفعل ذلك والضباب يكسو المنطقة.
صراعي لم يعد مع الطبيعة بل مع نفسي وخوفي, فالطبيعة في الجولان تجعلك تعتاد عليها سريعا والا فقدت سمة جميلة من سماتك كجولاني للصراع مع قسوة الشتاء.
كل شيء كان خاويا وفارغا فقد شعرت اني في السماء بين الغيوم, لم يكن موتا او جنونا بل ان الضباب وازدياد حدته يجعلك ترى نفسك في السماء.
اصبحت لا ارى شيئا سوى بضعة حجارة سوداء, مهزلة من مهازل الطبيعة ان يختلط النور مع الضباب فأنه يعمي الابصار.
السيارة تعود الى الخلف, استطعت قيادتها الى الخلف او ربما هي التي قادتني الى الخلف.
الرجوع الى الوراء كان بمثابة الموت او السقوط على جوانب الطريق, فمن اصعب الاشياء ان تعود الى مكان وانت محجوب الرؤيا والرؤية, كأنك تمشي في المجهول الى سراديب المجهول. رويدا رويدا بدات المح اضواء السيارات, التي تعبر فايقنت اني عدت للطريق الصحيحة تنفست الصعداء وعدوت مسرعة نحو صديقتي الجميلة.
كانت الساعة تقارب الساعة السابعة والنصف كنت لا زلت على شوارع الجولان لكني كنت في الاتجاه الصحيح نحو جسر بنات يعقوب, فما ان تصل الجسر يتبدد الضباب فنادرا ما يتجمع في تلك المنطقة.
وصلت الى المحطة التي اعتادت ان تنتظرني بها صديقتي زهراء, لكن المحطة كانت خالية من المسافرين, لم يكن بها أحدا. فتشت عن زهراء وأنفاسها لكني ايقنت ان زهراء تركتني وسافرت في أول فرصة تستطيع بها ان تصل الى حيفا.
الجولان اصبح بعيدا والعودة للتو اليه سوف تكون نذير شر, أما الصعود الى الجليل سيجعل زهراء تسخر مني لاني فعلا فقدت الطريق الى الجليل, وفقدت الرؤية والرؤيا في طريقي الى حيفا.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحراء عدن
- على جفن البنفسج يولد قوس قزح
- أيَا ليلى...
- نهر النور
- تناثر
- عبور نحو الشتات
- تَ..ج..ل..ل..ي
- نحو الأمس البعيد
- حُرُوفٌ غَجَرِيَّةٌ
- اللاَّزَوَرْد
- سرير ورقم (12)
- كأنه عبور
- سَرْمَديَّة قَمْرٍ مُعَتَّقْ
- أَزِيْزٌ صَامِت
- سر الذئبة
- المتنبي وألكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة 2
- محاولات اعتكاف 2
- محاولات اعتكاف: هو الفيلسوف الراحل كمال جنبلاط أمدّني بكلم ...
- امرأة لا تعرف التقشف
- المتنبي والكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - لعّل حيفا قد رحلت..