|
أهل الهوى :
عزيز العرباوي
الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 03:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لقد أصبح البعض يمارس الرأي حسب هواه ، وتمكن من ترك بصماته على الناس ، أو بعض الناس الذين استطاع أن يقنعهم برأيه هواه وسداده . وإنني أرى أن هذا البعض الذي تمكن من وضع أول خطوة له في عالم صناع الرأي والموقف الذي يذهب في حدته إلى تبني ثقافة جديدة قد تكون مختلفة عن قيم المجتمع الذي يعيش فيه وبعيدة عن ما توارثه هذا المجتمع المسلم خلال قرون خلت من تراثات دينية وقيمية وفكرية واجتماعية لا تبلى ولا تشيخ . استطاع هذا الرائي الجديد أن يشوه بعض القيم المجتمعية ويطالب بوضعها رهن المحاكمة في انتظار إعدامها تحت العديد من المسميات آخذا بعين اعتباره دعوات أقطاب الاستعمار وثقافة الهيمنة . ألم يأت بوش وأذنابه إلى العراق تحت مسميات عديدة براقة تسر الناظرين والسامعين وكانت في الأخير وبالا على أهل بلاد الرافدين ؟ . هؤلاء تشبعوا بهذه الأفكار وطالبوا بإعدام القيم والتراث والثقافة والمحافظة على ثقافة الشذوذ والمهانة وغيرهما .
لقد صدق حكيم العرب " أكثم بن صيفي " قبل حوالي 1500 عام عندما قال : " آفة الرأي الهوى " ، هؤلاء صدقت عليهم هذه الحكمة القديمة والتي عمرت طويلا وحافظت على وجودها ، ورغم أن هذه الفئة التي تتزعم قتل التراث والقيم فما زالوا يتميزون بهذه الصفة ، صفة الهوى في إبداء آرائهم ومواقفهم . ومن هنا يمكن أن نتبين أن كل ادعاء يكون من ورائه ضرب القيم والدين والاستقرار المجتمعي هو هوىً لا غير ، ولا يمت بصلة إلى الرأي والموقف الصحيح .
إن أصحاب الرأي والثقافة وحاملي مشعل الإصلاح الثقافي والمجتمعي وجب فيهم التحلي بالرؤية النقدية للواقع المريض المتعفن بالعديد من السلوكات التي وجدت لها جذورا داخل المجتمع العربي المسلم ، بل يفترض فيهم معالجتها معالجة صارمة بعيدة عن تبني المواقف خدمة للمصلحة الشخصية والذاتية . فكل موقف يقف مع أي شذوذ ومرض مجتمعي هو مستنبط من الهوى وليس من التفكير المنطقي السليم الذي يضع الحفاظ على قيم المجتمع أمام عينيه . وكل رأي يذهب إلى تبني ظاهرة مرضية غير سوية بعيدة عن المتعارف عليه بين بني البشر هو رأي غير مقبول ضمن كل القيم الحديثة كالحرية الشخصية مثلا .
لقد ترك مقال كنت قد نشرته منذ مدة قصيرة بجريدة المساء اليومية المغربية ، وارتأيت كذلك أن أنشره بالعديد من المواقع الإلكترونية والمنتديات الثقافية أملا في إشراك أكبر عدد من المثقفين العرب في موضوع الشذوذ الجنسي على خلفية وقعة العرس بالقصر الكبير ، قلت لقد ترك هذا المقال العديد من الأفكار والآراء أغلبها كانت ضد ظاهرة الشذوذ بالمطلق ، وحتى تلك المواقف التي كانت تجانب موقفي لم تكن حدتها – رغم قلتها – مثل بعض المواقف التي قرأناها في الكثير من المنابر الإعلامية المغربية والتي ذهبت أغلبها إلى الدفاع عن ظاهرة مرضية شاذة داخل مجتمع مسلم له من القيم ما يحميه من الاختراق المرضي الغربي المنحل .
أتيت بهذا المثال لأوضح الفرق بين مواقف البعض من أهل الثقافة والصحافة ببلادنا وبين أقرانهم في العالم العربي ( المشرق تحديدا ) ، ولأدق ناقوس الخطر من وجود منابر تريد خدمة ثقافة غريبة عن مجتمعنا تحت العديد من المسميات الغربية التي تبعد عن قيمنا الحضارية بعد السماء عن كوكب الأرض .
ومن النتائج الخطيرة التي جلبتها علينا هذه المواقف والآراء أن عمت مجتمعنا المغربي الكثير من الأمراض والمشاكل النفسية والثقافية ، لإاصبح لدينا جمعيات للشذوذ الجنسي ، وعيد لتذوق الخمور ، وتعاط فاضح للمخدرات الصلبة والسائلة ، ومنظمات لبيع والتجارة في البشر من الأطفال والنساء ، ومطالب بعلمنة الدولة المغربية ذات الدستور الذي يقول أول فصل فيه بأنها دولة مسلمة وذات نظام ملكي يعتبر الملك هو أمير المؤمنين وحامي الملة والدين ، .... وعوض أن تعمل هذه الفئة على النضال من أجل إصلاح الأوضاع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية ، انجرت إلى الدفاع عن حقوق الأعضاء التناسلية لبني البشر ، وكأن الإنسان خلق فقط ليتناسل ويمارس الجنس بكل أشكاله الطبيعية وغير الطبيعية . فأي لخبطة فكرية هذه ؟ وأي عته عقلي هذا ؟ .
إن عواقب مثل هاته المواقف سلبية بالمطلق ، بل عواقب ظالمة لمجتمع يعيش معاناة كثيرة جراء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في حدة الفقر والأمية الثقافية والدينية . ولذلك فمطالبنا التي توجهنا بها إلى أهل الثقافة والدين أن يدخلوا على الخط لمحاولة ردء الصدع الفكري والديني عند المغاربة هي مطالب عادلة ومقبولة ولا تدخل في باب أي تطرف فكري ممكن . إن غيرتنا على مجتمعنا المغربي غيرة لها ما يبررها اليوم خاصة وأننا نقرأ عن تزايد عدد المواطنين المصابين بالأمراض العقلية والجنسية شهريا ويوميا جراء تعاطيهم للفكر المتطرف الذي يقود إلى الضياع أو تعاطيهم للجنس بطرق غير قانونية وصحية فينتج عن ذلك أمراضا خطيرة كالسيدا مثلا .... أليس الشذوذ الجنسي سببا في تفشي السيدا ؟ ومن لم يصدق ذلك فليطلع على إحصاءات الجمعيات والمنظمات المهتمة بالأمر ....
كاتب وشاعر من المغرب [email protected] http://arbawi.maktoobblog.com
#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موت القراءة في زمن الكتاب :
-
في حاجة إلى كاتب مقتدر :
-
عندما يصبح بعض مثقفينا أبواقا للظلم :
-
ثقافة المسؤولية السياسية :
-
ثقافتنا السجينة :
-
النقد الذاتي عند نخبنا المثقفة :
-
التقدم عندهم والتخلف عندنا :
-
العقل العربي من العقل الزراعي إلى العقل الصناعي :
-
عن المؤسسة الدينية مرة أخرى : الأزهر نموذجا :
-
لا تبخسوها حقها ...!! :
-
الأزهر وقرارته الزائفة :
-
ازدواجية في الشخصية
-
هل انتهى حزب الاتحاد الاشتراكي ؟
-
مع أمي في رسالة
-
- ولكم في الحياة قصاص- :
-
التقليد الأعمى طريق حياتنا :
-
الغزو الإعلامي الغربي وبعض الأبواق المبررة له :
-
الكونغريس الأمريكي يرقص على إيقاع النفاق :
-
سيرة ..... : قصة قصيرة :
-
هيفاء وهبي تؤمن على جسدها وأغنياء العرب يمولون :
المزيد.....
-
رئيس وزراء اليابان يخطط لزيارة الولايات المتحدة ولقاء ترامب
...
-
ترامب يعلق على تحطم الطائرة في فيلادلفيا: المزيد من الأرواح
...
-
الدفاعات الروسية تسقط 9 مسيرات أوكرانية غربي البلاد وتدمّر ز
...
-
-فوكس نيوز-: إيران تخفي تطويرها النووي تحت ستار برنامج فضائي
...
-
استخباراتي أمريكي سابق يتحدث عن حرب مع المكسيك -قد تتحول إلى
...
-
OnePlus تكشف عن هاتفها الجديد ومواصفاته المميزة
-
اكتشاف ارتباط بين النظام الغذائي وسرعة الشيخوخة البيولوجية
-
أول هجوم على قوات الاحتلال منذ بدء توغلها في سوريا
-
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
-
جامعة أميركية تعلق عمل مجموعة مؤيدة لفلسطين عامين
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|