|
حدود -دريد لحام- .. وحواجز -شنجن-!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 11:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت "العالم اليوم" تقريراً إخباريا مهماً كتبته الزميلة نجلاء الرفاعى يوم الجمعة الماضى عن اجتماع لجنة تسمى "لجنة تيسير الحدود بين مصر والسودان" وأن هذا الاجتماع الذى سينعقد فى غضون هذا الأسبوع سيكون الأول من نوعه، وأنه سيكون مكرسا لبحث مشاكل تجارة الحدود بين البلدين وإزالة المعوقات التى تواجهها، على أن يقوم الجانب المصرى بدعوة نظيرة السودانى خلال الأيام المقبلة تمهيداً لعقد أول اجتماعات اللجنة المشتركة لتنظيم تجارة الحدود". وكشفت الزميلة الدءوبة نجلاء الرفاعى النقاب عن أن الاجتماع الوشيك سيبحث ورقة العمل التى تقدم بها السودان والتى تضمنت المشاكل التى يرى أنها تعترض انسياب تجارة الحدود، وفى مقدمتها السماح ببقاء التاجر السودانى لمدة أسبوع واحد فى شلاتين، وهى مدة يراها السودانيون غير كافية لتصريف سلعته واستيراد السلع المصرية المطلوبة. كما تتضمن هذه المشاكل عدم السماح بمرور الشاحنات المحملة بالبضائع السودانية إلى حدود مصر وتفريعها لنقلها بسيارات مصرية. أضف إلى ذلك عدم السماح للرعاة وأصحاب الإبل المرافقين لتلك السيارات بالدخول إلى الأسواق المصرية القريبة من الحدود وإلزام السلطات المصرية لهم بنقل هذه الإبل على شاحنات وليس سيراً على الأقدام، فضلا عن المشاكل الأخرى التى يواجهها السائقون السودانيون فى منفذ شلاتين حيث تلزم السلطات المصرية هؤلاء السائقين بالرجوع إلى الاراضى السودانية بعد يوم واحد. وفى حالة تخلف أحد السائقين مدة يومين يتم حرمانه من الدخول لمنفذ شلاتين لمدة شهرين. وإذا تخلف ثلاثة أيام يتم حرمانه من الدخول لمدة ستة أشهر، وهى فترة كافية لشطبه من السجل الخاص بالسائقين بالمنفذ، والذى يضم ألف شخص فقط منذ عام 1996 دون إجراء أى تعديلات عليه. ورغم إن الجانب المصرى لم يرد بعد على شكاوى الجانب السودانى.. ورغم انه ليس من الصعب استنتاج أن معظم هذه الشكاوى ناجمة عن أسباب تتعلق بالأمن بصورة مباشرة أو غير مباشرة (تذكرنا بفيلم الحدود بطولة الفنان السورى دريد لحام).. فإن مجرد وجودها كاف لتبيان البطء الشديد الذى تعانى منه مبادرات تعزيز التبادل التجارى بين البلدان العربية، ناهيك عن إقامة سوق عربية مشتركة، نتحدث عنها كثيراً منذ عقود من الزمان لكننا نبتعد عن مقوماتها الأساسية عاماً بعد آخر! وإذا كان هذا هو حال العلاقات التجارية بين مصر والسودان، اللذان تعودنا أن نطلق عليهما اسم "شطرى وادى النيل" تعبيراً عن متانة الأساس التاريخى والجغرافى والحضارى لهذه العلاقات، فما بالك بالعلاقات مع باقى الدول العربية؟ وإذا كان جدول أعمالنا – ونحن فى عام 2008 – تتصدره أمور مثل إقامة تجار السودان فى شلاتين لمدة اسبوع وليس أكثر، أو تحركات الرعاة وأصحاب الابل، أو مدة وجود السائق السودانى على الجانب المصرى من الحدود بالساعة والثانية.. إذا كان ذلك كذلك ففى أى قرن سنناقش القضايا الجوهرية للتعاون الاقتصادى والتجارى. وما هو موقع مثل هذه القضايا العجيبة من الإعراب على خلفية "الحريات الأربع" الشهيرة. وليس المقصود بالطبع الحريات الأربع التى تحدث عنها الرئيس الأمريكى الأسبق فرانكلين ديلانو روزفلت فى خطابه الشهير فى يناير 1941 إبان الحرب العالمية الثانية وهى: * حرية التعبير عن الرأى فى جميع أنحاء العالم. * حرية كل شخص فى عبادة الله بطريقته الخاصة فى جميع أنحاء العالم الحرية من الفقر، والتى تعنى عند ترجمتها إلى تعبيرات عالمية التفاهمات الاقتصادية التى تضمن لكل دولة حياة سليمة صحية لسكانها فى جميع أنحاء العالم. الحرية من الخوف، والتى تعنى عند ترجمتها إلى تعبيرات عالمية تخفيضا عالمى النطاق فى الأسلحة إلى درجة لا تكون فيها أى دولة فى موقف يسمح لها بارتكاب عدوان ضد أى دولة مجاورة فى جميع أنحاء العالم. وهى حريات أربع لم تلتزم بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة أبداً. المقصود – بالأحرى – الاتفاقات التى حملت إسم "الحريات الأربع" التى وقعتها مصر والسودان فى ابريل عام 2004 فى مجالات التملك والتنقل والاقامة والعمل والتى وصفها صفوت الشريف، وزير الإعلام وقتها، بأنها "تتيح فرصا كبيرة لتفعيل حقيقى للتكامل بين الشعبين الشقيقين على كافة المحاور وتمثل تطلعات الشعبين المصرى والسودان فى تكامل حقيقى فى كل المجالات". وها هى السنوات قد مرت لنرى أننا مازلنا فى مرحلة الجدل فى أمور ثانوية للغاية مثل مدة إقامة التاجر السودانى فى شلاتين أو عدد الساعات التى يقضيها السائق السودانى على الجانب المصرى من الحدود! والمشكلة لا تتمثل فقط فى بطء السلحفاة الذى تسير به خطوات تفعيل العلاقات بين الشعبين الشقيقين خصوصاً، والشعوب العربية عموماً، بل إن المشكلة الأكبر تتمثل فى أن هذا البطء القاتل لأى طموح ولأى أمل يحدث فى وقت يسير فيه العالم بسرعة الصاروخ لإزالة الحدود والحواجز من أجل تسهيل التعاون الاقتصادى. وعلى سبيل المثال فإن أوربا شهدت فى مطلع هذا العام، أى منذ أيام قلائل، توسيع منطقة "شنجن" التى تتلاشى فيها الحدود فى الاتحاد الأوروبى لتشمل تسع دول جديدة، هى بولندا وسلوفاكيا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفينيا ومالطا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا، وهى أعضاء فى الاتحاد الأوروبى بالفعل منذ عام 2004، أضيفت إلى دول مجموعة شنجن الأصليين البالغ عدد أعضائها 15 دولة والتى تضم الدول الأوروبية الأساسية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا وأسبانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج وغيرها. وبناء على ذلك تم تفكيك نقاط التفتيش ونقاط الجمارك الواقعة على الحدود بين هذه البلدان الأربع والعشرين، ونشأت منطقة تمثل ثلث مساحة الولايات المتحدة الأمريكية وتسمح لنحو 400 مليون شخص بالتنقل الحر بدون جواز سفر فى منطقة تمتد 4000 كيلو مترا من استونيا إلى البرتغال. وبالطبع فإن مثل هذه الخطوة تنطوى على مخاطر أمنية، منها إمكانيات اتساع نطاق الهجرة غير الشرعية وتحدى المخدرات وتحدى الإرهاب، لكن الاعتراف بهذه التحديات لم يكن سبباً للا+حجام عن هذا الخطوة الجبارة، وإنما جعلت الناس تفكر فى أساليب لمواجهة هذه الأخطار بأساليب مبتكرة وعصرية، بحيث لا تكون الهواجس الأمنية عائقاً للفوائد الكبيرة التى تنجم عن تسهيل السفر عبر الحدود وتحرك آلاف الأشخاص من دول مثل لاتفيا ولتيوانيا وبولندا للعمل فى باقى البلدان المشار إليها. هكذا يفعلون فى أوروبا .. بينما نناقش نحن هنا شروط ومواصفات وعدد ساعات قيادة رعاة الأبل لدوابهم على الحدود المصرية – السودانية . هل هذا معقول ؟!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاقتصاد السياسى للعسكريتاريا الباكستانية
-
ميزانية حرب
-
سلام آخر زمن : إسرائيل ترفع قضية على مصر!
-
-بطة- هناك .. و-أسد- هنا!
-
يحدث فى مصر .. فقط
-
قنبلة الأفكار المسمومة .. التى قتلت بينظير بوتو
-
رغم أى شيء.. كل سنة وأنتم طيبون!
-
-تشريع- الكونجرس و-أنفاق- ليفنى!
-
أفيقوا.. البلد يغرق!
-
أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن (2)
-
أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن -1-
-
باقة ورد علي ضريح فتحي عبدالفتاح
-
عندما جلس رئيس الحكومة على مقعد الأقلية!
-
مبروك.. لمصر
-
باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح
-
شيزوفرينيا وطنية .. مخيفة!
-
انتخابات نقابة الصحفيين .. تعليق أخير
-
شكر مستحق .. واعتذار واجب .. ل -طلعت حرب-!
-
قراءة في تقرير مهم .. مبادرة »ياسين« وتحذير »الجبالي«
-
طلعت حرب
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|