|
السوسي
أحمد الفيتوري
الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 09:19
المحور:
الادب والفن
خال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟ حين ينساب في شرايينها كل صباح معتمرا طاقيته الحمراء ترى الشعر فيه . فلا تنبس وتكتم حبها المتجلي في عينيه من يري الشعر في عينيها . أخالها كل صباح تتهيأ كي تراه تنهض علي عجل منتظرة تأنيه ، هذا هو الشعر تقول.. حينها يطل كطل الصبح الشذى ، ينساب فيها من ابتسامة خفية خفاء شمس حيية أدركها يخب محمولا مع ندى نفس طرية ، طراوة حب أول وأخير . هكذا تلتقيه صبحا في شوارع بنغازي يعتمر قلبه؛ في ممشاه اليومي لا يكل و لا يمل يمنح من قلبه كل من يلتقيه ، كأنه أو أنه هو الشعر حين يكون الشعر ابتسامة خجلة ونفسا بهية . ينعطف ككمشة ودّ هنا وهناك، ويتسربل بحنو المحب من شارع الاستقلال إلي شارع الإذاعة حتى عمر المختار ليختم النهار بدار الكتب . هو كل يوم قصيدة الصباح : أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟ يبدأ الصباح في قلب بنغازي ساعة يمرق فيها قاطعا بتأنيه النهار ؛ المشاء ينساب بدنه في ظله ويخطو خطوة خطوة مركبه اليومي رجلاه، ينهض للشمس كي يحيي المارة وكي يحيون بطلته الحيية ، عند كل مفترق تراه و لا تراه فهو ليس علي عجل من أمره ، بنغازي من تعرف أنه صبحها تراه يدنو من قلبها كل يوم لا يعرف غيرها ، كل يوم يومها وكل يومه ساعة صبحه يلتقيها . يطلق السلام علي روح شجرة الميدان التي وؤدت، من هناك يدس نفسه بين المرتجلين الميدان ويرنو بتمهل لأهل الصباح، في تمهله هذا يهندم خطوه كي يلتقي بنغازي في معتاده مكتبة الجربي ما تعرف الآن بالفضيل عمر، يحوطه هنا جمهوره من يحبون محياه؛ رفقته في دنيا الكتاب. يتصفح أوراق هذه الدنيا وتتصفح الكتب عينيه، كل شعر شعره ، الكلام في الكلام كلامه ولكن في صمت المتأمل يحاور الصحف ويلقي السلام علي كاتبيها الأحياء وعنده كل مسطر حي. حينا يبدو وكأنه يكتب جواب حب وهو ينقش إهدائه لكتاب من كتبه، حينا يتأبط جريدة وينسل عن المكان في خفة لا تحتمل. يمرق ظله حينها في تؤدة حتى شارع الإذاعة كي يغذي روحه بصحبة صحبه والوجوه الحسان، هو الشعر هناك يلتقي غذاء الشعر : الجمال . من ركن شارع الإذاعة يطل البحر ويطلق السلام عليه، ويري ثغرا تفلق بسمة وجهه،ويرى ما يحب : جذوة القلب ممن يحبون الشعر كما نفسه؛ عندها يختال ضاحكا مثل كل فعله في خفر، وفي غفلة يختلس من الزمن شدو الروح . لم يتسن للزمان مرة أن يختله؛ هو من شكم الزمان وأطلق للروح العنان كي تصهل بما تعشق. ما انشغل مرة بالشعر عن شعر الحياة ولا انشغل عن الشعر بماهيته، لذا في شارع الإذاعة يضرب موعدا للحياة نفسها، ويسلح عنه أغراضها بأن يغزل غزله كعاشق لا يؤب و لا يتوب و لا يخشي البلل. هذه الروح تمتص الحياة ومن الحياة تشب كل يوم ساعة الصبح ميلادها . الصمت ملاذه هو حديث الروح كأن لا وجود له هذا الموجود في خجل، يهف في النفس كالنفس، لذا كنا صويحبات الشعر يسكرن جذلانات من هكذا روح. ويمر بنا كالنسمة؛ طالعا عن شارع الإذاعة في الكثير من الصباحات صبوحا، ومحياه كخد طفل لسعته شمس ظهيرة؛ فيه حبور مشع. يحزم ظهره بذراعيه عند الضحى موليا وجهه دار الكتب : أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟. من الشعر عنده الروح يتسربل سكون المنتشي؛ من تعتعته خمر الحياة، في ممشى الضحى يضحى هانئا،فتتأني رجلاه ويترأ كما لو به مسّ الشعر أليس الشعر أن تحيا ؟ . يدوزن الروح علي مقام الصبا عند الضحى حتى يغدو كما طائر يحوم في دنيا لا نعرفها و لا تعرفنا ، كأنه الصوفي يمشي في ساحة العشق لا تريث و لا عجل وهو يقطع نهاره إلي محجه دار الكتب. السكينة تمشي كذا تراه بنغازي في ضحاها كما يراها امرأة لا تريد أن تبيت إلي البيت، بنغازي تريد نهارها صبحا كي تراه .. المحب الوله .. في برأة ورأفة يتسلل بين خيوط شمس الضحى فلا يدرك و لا يدركه أحد، كأن الصبح أداة تعريفه والضحى ضميره المستتر،يتغيب عنه الناس وعنهم يغيب في رداء بني يضم جسده وينساب كما اللا موجود،يحمص فكر اليوم ويختزل أطراف ما دار في صبحه حتى يدنو منه مبتغاه.. الدار داره والدار ختام مسك نهاره ، تضمه رفقة ويضمها، في الدار أهل الدار أهله أليس خير جليس الكتاب أو كما قال الشاعر ؟ . بين دفتي الدار دفتره دفتر الروح ومسكنه ومن حيث تمكن مخاتلة الزمان ، كل من ضمته بين دفتها الدار حي كما لو أنه لا يموت، هنا المتنبي متنبيا الدهر والمعري الطليق ومنطق الطير منطق أرسطو .. هنا تجول حيث يجول أرواح لا تموت ، ومن ذا تمكن أن يحي كم أحب ، أحب كما يحي ، هامت الروح في مكان يعول عليه مكان مؤنث هو الدار دار الكتب . أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟ في الدار دار الكتب تهلّ الروح وتسوس الشعر أو كما هو الشعر والسلام .
#أحمد_الفيتوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
.. وليس لي .. ما ليس لي..
-
عاشور الطويبى شعرية الصمت والسكون !
-
• رجب الماجري:الشعر أن يبوح المرء بنفسه .
-
فرج العربي : الحداثة الشعرية التي تطاردها الأشباح !
-
أطالب بحق إصدار صحيفة خاصة ومستقلة
-
• يوميات
-
• درنة غرام لا يمكن اعتزاله!
-
ليال بورتا بينيتو
-
بيتزا أحمد الفيتوري
-
أنت كذبي
-
جيل 57 بدايات الواقعية الليبية
-
آنا حبيبتي
-
احذروا غات !
-
محاكمة صدام الأسد
-
جبران تويني أو مديح النهار.
-
جمعيات ليبية لحقوق الإنسان ؟
-
مرثية الزوال - أخر ما تبقي من شيء أصيل في الصحراء
-
القفص الزجاجي
-
الزعيم نصر الله ورقة وحيدة وأخيرة بيده لا بيد عمر
-
المحروق المنسي في جوف الطين
المزيد.....
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
-
الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
-
مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا
...
-
مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ-
...
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|