سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو تشبث العسكريين الباكستانيين بالسلطة لغزاً مستعصياً على الفهم ، خاصة فى عصر أصبحت فيه الانقلابات العسكرية مستهجنة. لكن على عكس اتجاه الريح فى معظم انحاء العالم استمرت باكستان واقعة فى قبضة العسكر فى الشطر الاعظم من "تاريخها"، اى منذ حصولها على "الاستقلال" عام 1947.
وحتى فى السنوات التى نجح فيها "السياسيون" فى الوصول إلى الحكم كان العسكر هم الحكومة الحقيقية أو الحكومة الخفية.
هذا اللغز وجد تفسيره العلمى أخيراً على يد الباحثة الباكستانية عائشة صديقة فى مقال بالغ الاهمية نشرته فى العدد الاخير من النسخة العربية من "لوموند ديبلوماتيك"، كشفت فيه النقاب عن أن "القوات المسلحة الباكستانية لا تشكل فقط أكبر حزب سياسى فى البلاد وإنما تشكل أيضا قوة اقتصادية تزن 6% عن الناتج القومى الاجمالى، إن لم يكن أكثر". و "أن العسكريين أصبحوا نشطاء اقتصاديين مهمين ، وللجيش مصالح فى القطاع الاقتصادى يجد من الواجب عليه حمايتها، وبفضل الجنرال مشرف تمكنت كتلة كبار الضباط من امتصاص ثروات الدولة بما يتخطى بشكل كبير ميزانيات الدفاع الوطنى".
وتقول عائشة صديقة أن الجنرالات الباكستانيين "يبررون تدخلهم لانقاذ البلاد بعجز المسئولين السياسيين. لكن تدخلهم الأول (القانون العرفى الصادر فى 1958) لم يكن يحركه سوى العطش إلى السلطة، وكان المحرك لتدخلاتهم التالية مزيجا من الاطماع السياسية والاقتصادية. أما اليوم، فقد أصبحت الطغمة العسكرية أحد المقررين الاساسيين لاعادة توزيع ثروات البلاد، الأمر الذى يصب بشكل خاص فى يد كبار الضباط وحلفائهم المدنيين" ، كما تبدو القوات المسلحة "قادرة على إنتاج مواد استهلاكية أكثر من إنتاج السلاح حتى أنها تملك بنكا مخصصاً لاستثمار الأموال".
ولا يقتصر الأمر على طموح العسكريين فقط بل إن "القطاع الخاص ذاته أصبح يرغب كثيراً فى "توظيف الضباط بسبب علاقاتهم وصداقاتهم مع الحكومة. ومن جهة أخرى يتحول عدد كبير من الضباط الكبار المتقاعدين إلى الصناعات العسكرية. ويستخدم البعض نفوذهم لتسهيل مصالحهم التجارية الخاصة. وهذا تقليد يعود إلى الستينيات عندما جعل رئيس الاركان ، الجنرال أيوب خان، من إبنه قطبا من أقطاب الصناعة . ومنذ فترة أقرب أصبح أبناء بعض الجنرالات ، مثل ضياء الحق وأخطر عبد الرحمن رئيس اجهزة المخابرات أيام الحرب ضد الاجتياح السوفيتى لافغانستان، من أصحاب مليارات الدولارات" .
وبناء على ذلك لا ترى عائشة صديقة وجها للاستغراب من "رؤية العسكريين ، الذين دخلوا فى عالم الاعمال بفضل نفوذهم السياسى والذين يترأسون الآن أماكن ومناصب مهمة، يرفضون التخلى عن السلطة للمدنيين".
ولعل هذا يفسر لنا جانبا من تراجيديا اغتيال بينظير بوتو!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟