انتصار عبد المنعم
الحوار المتمدن-العدد: 2155 - 2008 / 1 / 9 - 06:36
المحور:
الادب والفن
قرص الشمس يغرق في البحر , فتيان وفتيات بين متشابك للأيدي ومختلس للنظرات , يقف أحدهم ببذلته السوداء ليلتقطوا له صورة مع عروسه , صبي صغير يحمل أطواق الفل يغري بها متشابكي الأيدي , أصوات السيارات تعلو على صوت البحر الهادر, أمشي وحدي واضعاً كلتا يدي في جيبي البنطال , أتأمل أضواء كوبري ستانلي المتلألئة , أتفحص المارين والواقفين ,أدقق النظر في وجوههم لعلي أجد أحداً أعرفه أو يعرفني فيخبرني من أنا.
الكل مشغول ومنهمك في الحديث ، لا أحد غيري يحدق في قرص الشمس الذي ذاب الآن في البحر مخلفاً وراءه خطوطاً ذهبية مخضبة بالدماء ، لا أدري أهي نازلة من السماء لتلتقي بالبحر ؟ أم متفجرة من البحر لتصبغ زرقة السماء من فوقه ؟ اختلط الظلام فوق البحر بضوء القمر وانعكاس ضوء المصابيح ، فظهر موجهه كحيتان تطفو.
رأيتها وحيدة تقف على حافة السياج الحديدي للكوبري لتلقي بنفسها في الماء ، أسرعت إليها الخطى ، تسارعت أنفاسي ، اهتز جسدي مترجرجاً على وقع أقدامي ، قبل أن أصل إليها ، هوت ، فقدت الجاذبية ، حركتها الرياح هنا وهناك ، رقصت معها ، انعكس عليها ضوء المصابيح فأشرقت .
وصلت سطح البحر كأنها مشتاقة إليه ، التصقت به جيداً ، ولكنها لم تخترقه , لم يحتويها ، ولم يغيبها في أحضانه ، طفت فوقه يؤرجحها ، يهدهدها . حينها تمنيت أن يقول لي أحدهم أني ورقة شجر .
#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟