حَائِطُ الشَّجَـا
مَاْلَتْ تُمَزِّقُ فَـوْقَ النَّعْـشِ أَكْفَـانِي
مِنْ فَرْطِ مَا اقْتَرَفَ الآسِي بِجُثْمَانِي
تَرْجُو انْبِعَاثِي وَمَا لِي غَيْرُ حُرْقَتِهَـا
نَفْسِي وَقَدْ أَوْعَـدَ الإِلْحَـادُ أَدْيَانِي
أَجَبْتُ ثَوْبُ الأسَى فِي الْمَهْـدِ جلَّلَنِيْ
والسَّيْرُ فَوْقَ لَهِيبِ الْجَمْـرِ أَضْنَانِي
جُرِّعْتُ كَأَسَ الشَّجَـا مِمَّنْ أُنَادِمُهُـمْ
وَالنَّحْتُ عِنْدَ جِـدارِ الْلَحْـدِ أَدْمَانِي
طَـرَقْتُ أَبْوَابَ مَنْ عَـاثُوا بِنَسْمَتِنَـا
وَخُضْتُ حَرْباً ضَرُوساً دُونَ فُرْسَانِ
فَمَـا وَجَدْتُ لِنَيْـلِ الثَّـأْرِ خَاصِـرَةً
تُزِيْحُ عَنْ كَاهِلِي الْمَنْهُـوكِ أَحْزَانِي
سَـوَاحِلُ الضَّيْـمِ أَدْنَتْنِي مَرَافِؤُهَـا
وَاسْتَقْبَحَ الرَّسْفُ فِي الأَغْلالِ إِذْعَانِي
أَنَـا الأَبِـيُّ سَلِـيلُ الْمَجْـدِ آلَمَنِـي
فُقْدَانُ حَتْفِـي وَمَكْثُ الرُّوْحِ أَشْقَانِي
أَرَى الْحَيَـاةَ بِلا مَعْنَىً مُـذِ انْفَرَطَتْ
قُيُـودُ عَزْلِي وَسَيرُ الْجَـلْدِ أَقْصَانِي
أَجْهَدْتُ جَفْنِـي عَلَى دَمْـعٍ أُلازِمُـهُ
قَدْ ظَنَّهُ النَّـاسُ بَحْراً دُونَ شُطْـآنِ
وَخُضْتُ حَرْبـاً عَلَى طَيْـفٍ أُنَازِعُهُ
نَبْذَ الْهَـوَانِ وَلَكِنْ حَـالَ إِيْمَـانِي
عَنْ وَضْـعِ حَـدٍ لِعَيْـشٍ بِتُّ أَمْقُتُهُ
وَزَجْرِ ضَيْمٍ ثَـوَى يَجْتَرُّ أَشْجَـانِي
أَبْدَيْتُ جُرْحِـي إِلَى الآسِـي أُسَائِلُهُ
مِنْ فَرْطِ غَيْظِي لِمَ التَّمْثِيلُ بِالْفَـانِي
أَنَا الشَّقِـيُّ رَدِيفُ النَّـزْفِ أَرَّقَنِـي
زَمُّ الْعِنِانِ وَعُسْرُ الْحَـالِ أَعْيَـانِي
أَرَدْتُ ثَلْـمَ وَمِيْـضٍ لِلنَّفَــاذِ بِـهِ
فَالْتَاعَ زَنْدِي وَسَيْفُ الْوَيْـلِ أَرْدَانِي
فَصَارَ جِسْمِي عَدِيمَ الْحِسِّ وَانْدَلَعَتْ
نِيرَانُ شَجْوِي وَمَجَّ الدَّمْـعُ أَجْفَانِي
حَتَّى انْتَهَيْتُ بِلا حَتْـفٍ وَمَزَّقَنِـي
يَأْسِي وَفَوْقَ جَحِـيمِ الْمَوْتِ أَحْيَانِي
بنغازي 13/8/2002م
أَقْتَاتُ حُزْنِي
رَأَبْتُ صَدْعِي وَخُضْتُ الْغَيْمَ وَامْتَنَعَتْ
مِنْ بَعْـدِ لَـوْكٍ عَلَـى هِنْـدٍ بَقَايَايَا
أَيْقُوْنَةُ الْغَـدْرِ مِنْ كَفَّـيَّ مَا انْتُزِعَتْ
وَالنَّبْلُ ما أَخْطَأَتْ فِي الأَيْـكِ مَرْمَايَا
مَاذَا يُرِيدُ الأُلَـى بِالأَمْـسِ قَدْ رَفَعُوا
لِوَاءَ خِـزْيٍ وَأَضْنَوْا ضَـرْعَ مَنْفَايَا
نَفْسِي وَقَدْ أُجْهِدَتْ مِمَّا ابْتَـلانِي بِهِ
تَقْتِـيرُ مِيكَـالَ أَمْ نَوْحِـي وَشَكْوَايَا
لَكَمْ رَثَيْتُ لِحَـالِي بَعْـدَمَا اجْتَـرَأَتْ
رِيَـاحُ دَايَاتِهِـمْ عَنْ نَبْـشِ مَثْوَايَا
فَأَخْرَجُونِـي رُفَـاتاً دُونَمَـا كَفَـنٍ
وَقَـدْ نُهِيـتُ وَمَـلَّ الذُّعْـرُ مَرْآيَا
عَنِ الْبُكَـاءِ وَإِنِّـي وَقْتَهَـا حَنِـقٌ
أُحْصِي جِرَاحِي وَصَارَ الْحُزْنُ مَأَوَايَا
مَنْ يَلْتَقِينِي يَـرَى نَفْسـاً مُحَطَّمَـةً
قَدْ سَامَهَا الضَّيْـمُ خَسْفـاً قَبْلَ لُقْيَايَا
يَـرَى فُـؤَاداً كَئِيبــاً شَاقَـهُ أَرَقٌ
وَقَـدْ تَحَلَّـى بِغَيْـرِ الْحَمْـدِ مَسْرَايَا
تِلْكُمْ مَآسِيَّ لَوْ مِنْ غَيْظِهَا امْتَعَضَتْ
لَـزَالَ مِـنْ وَيْلِهَــا الأَنَــامُ إِلاَّيَا
أَنَا الصَّبُـورُ وَقَلْبِي لَمْ يَكُـنْ فَزِعـاً
مِمَّـا أَرَتْـهُ مِـنَ الأَهْـوَالِ عَيْنَايَا
تَحْـتَ السِّيَـاطِ بِلا جِلْـدٍ أَفُـرُّ بِـهِ
أَقْتَـاتُ حُزْنِي وَمَوْتِي مِثْـلُ مَحْيَايَا
فَمَنْ سِـوَايَ يَلُـوكُ الصَّخْـرَ دَيْدَنُهُ
حَشْدُ الْمَآسِي وَلَيْـلُ الْخَوْفِ مَرْفَايَا
بنغازي 31/5/2000م
احْتِدَامُ الْجَذْوَتِين
وَتَحَسَّسَتْ كَفِّي الْجِرَاحْ
يَا لَلْغُؤُورْ !!
أَكُلُّ هَذَا فِي
وَمَازِلْتُ ..
كَمَا قَدْ كَانَ
يَعْهَدُنِي الْجَمِيْعْ
الصَّبْرُ أَفْيُونِي
كَأنِّي لِلْجَزِيْرَةِ
خِدْنُ مَرْوَانٍ
وَهَذَا الْحُزْنُ جَيْشُ
الْهَاشِمِيِّينَ الْبَوَاسِلْ
وَهُنَاكَ زَابٌ
غَيْرُ هَاتِيكَ
الَّتِي كَانَتْ
وَلَكِنْ لا تَزَالْ
مَعَارِكِي تَحْتَاجُنِي
وَأَنَا الْمُجَازُ ..
لِمْلءِ هَذَا السَّأَمِ
بِالْوَقْتِ الْمُطَارَدْ
فَأَتِيهُ فِي جُرْحِي
وَأَسْتَلْقِي عَلَى تَرَحِي
مَعَ السَّكَرَاتِ
مُرْتَشِفـاً ..
جَوَى الأَشْجَانْ
.. وَفَوْقَ ذُرَاهُ أَبْنِي
خَيْمَةَ الأَحْزَانْ
مَأْسُوْفـاً عَلَيَّ
وَجُدَّ آسٍ
ثُمَّ أَرْهَنُ ..
عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ
قَبْلَ مُرُورِهِ
سَرْجِي وَمِحْبَرَتِي
وَحَقْلَ الأُمْنِيَاتْ
فَهَلْ سَيَغُضُّ
عَنِّي الطَّرْفَ ثَانِيَةً
بُعَيْدَ السَّبْرِ لِلأَغْوَارْ
.. أَخْشَى عَلَى أَهْلِي
وَنَبْشِ قُبُورِهِمْ بَعْدَ الْهَزِيمَهْ
أَخْشَى عَلَى الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ
حَمْلَهُمْ مَا لا يُطَاقْ
أَخْشَى عَلَى نَخْلِ الْعِرَاقْ
أَخْشَى عَلَى حُلُمِي ..
بِلَمِّ الشَّمْلِ
إنْ مَرَّتْ لِوَأْدِ النَّوْمِ
عِنْدَ تَسَدُّلِ الأَجْفَانِ
عَنْ عَيْنَيهِ ..
مُفْزِعَةً لِغَفْوَتِهِ
بِكَابُوسِ الشِّقَاقْ
أَخْشَى عَلَى بَلَلِ الْجِدَارْ
أَخْشَى عَلَى مَخْدَعِنَا الْعَرَبِيِّ
مِنْ زَحْفِ التَّـتَارْ
إِذْ لَمْ يَعُدْ قُطُزٌ هُنَالِكَ
يَشْرَئِبُّ إِلَى الشِّجَارْ
وَلِمَ التَّزَحْلُقُ
حَيْثُ لا ثَلْجَ سَيَصْمُدُ
رَغْمَ قُرْبِ الْخَافِقَينْ
شِتَاؤُنَا الصَّيْفِيُّ
أَرْهَقَهُ الخَرِيفْ
وَلا رَبِيعَ فِي الْجِوَارْ
الزَّهْرُ لَمْ نَشْتَمُّهُ
إلاّ لَدَى الشُّعَرَاءِ
فِي نَزْفِ الْقَصَائِدْ
حَيْثُ لا الآسُ ..
وَلا النَّيْلُوفَرُ
عَبِقَا بِبُسْتَانِ ابْنِ زَيْدُونٍ
وَلا وَلاَّدَةَ الْيَوْمَ
بِأَنْدَلُسِ الطَّوَائِفْ
سَوْفَ تُذْكِي بِالتَّبَارِيحِ
سِرَاجَ الشِّعْرْ
إِذْ قَدْ صُودِرَتْ ..
عِنْدَ احْتِدَامِ الْجَذْوَتَينْ
كُلَّ الْقَوَافِي
وَتَنَاثَرَتْ فَوْقَ الْبُحُورِ
بِحُجَّةِ الإقْوَاءْ
شُطْآنُ تَفْعِيلاتِهَا
الْغُرُّ الْفَرَائِدْ
قَبْلَ انْبِلاجِ ..
الشَّمْسِ بِالأَوْزَانْ
فَانْتَحَرَتْ عَلَى الأَسْتَارِ
عِنْدَ الْكَعْبَةِ
مِمَّـا رَأَتْهُ
مُلْصَقَاتُ الْعَرَبِ السَّبْعُ
كَمَا افْتُرِشَتْ ..
لِكَي يَعْبُرَ هُولاكُو
ضِفَافَ النَّهْرِ صَاغِرَةً
وَنُكِّسَتِ الْمَحَابِرُ
مِثْلَمَا الرَّايَاتِ ثَانِيَةً
وَدُنِّسَتِ الْمَنَادِيلُ
الَّتِي تَحْوِي
عَلَى جَنَبَاتِهَا الْغَرَّاءْ
.. دِمَاءُ بَكَارَةِ النَّخَوَاتْ
عِنْدَ سُجُوفِ سُوقِ عُكَاظْ
وَفَوْقَ خِزَازِ هَائِمَةً
إِلَى الْمَشْجَى بِلا قَائِدْ
مِنَ الْحَنَقِ
عَلَى أَعْقَابِهَا ذُلاً
وَحُوِّرَتِ الرُّؤَى غُبنـاً
وَلَمْ تَأَلُ ..
وَمُزِّقَتِ الْقَصَائِدْ
بنغازي 12/2/2001م
صلاح الدين الغزال
بنغازي / ليبيا