|
هل مات الدمع
دينا سليم حنحن
الحوار المتمدن-العدد: 2148 - 2008 / 1 / 2 - 08:31
المحور:
الادب والفن
• هل مات الدمع!؟ بنازير بوتو... نهاية عام واستقبال آخر...لماذا!؟
أبكتني دموعك يا بنازير عندما رأيتك مُهلة الى وطنك بعد رجوعكِ من منفى اختياركِ، كما ابكيتِ المئات من محبيكِ الذين ما يزالون يذرفون الدمع على فراقك. هل قتلوكِ بالفعل؟ هل متِ؟ هل تجرأ أحدهم وقتلكِ؟ لا أعتقد أن كل هذه الصلابة تموت، وكل هذه الوطنية تموت، وكل هذه العزيمة، هل ستدفن (الديموقراطية) الآن، هل سيموت الكفاح؟.
هل سيموت كل هذا الجمال؟ كم أنتِ جميلة يا ايتها المرأة والتي تجسرت على توزيع الأحلام على محبيكِ، ها هم يودعونكِ ويودعون أحلامهم التي حصدتها رصاصة غبية من يد حقودة بلهاء.
هل نودع عاما ونستقبل آخر ونحن بكل هذه المرارة، عام جديد، وليس من جديد سوى على صعيد القتل وهدر دماء الأبرياء، القتل المتعمد وعنادة الأفكار وتورم القلوب ورما غبيثا. بنازير بوتو المرأة التي تولت رئاسة الحكومة في دولة إسلامية، وهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا، تقتل برصاص معلن وقبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية في باكستان، الرصاصة لم تكن موجهه إلى رأس هذه المرأة المناضله فقط، بل ضد كل من يؤمن بالحريات والتغيير.
طلبت مني إحدى الصحف كتابة رأيي عن سنة 2007، وعن النجاحات الخاصة التي أثمرتها، قلت: ما زلت أتخبط بشؤون العالم المتدهور! فأنا جزء لا يتجزأ من العالم المنهار، وواحدة من النساء المحاربات والمكافحات، والمراقبات من بعيد ما يحدث في الشرق وفي العالم، ولم أعلم أني عندما تغزلت ببنازير بوتو أمام أصدقائي سيكون يوم مقتلها. مات الجمال... فذرفت الدموع على المشاهد التي صرعتني. ماتت العينان الوقادتان... انهارت المرأة داخلي. ماتت المرأة المكافحة... اختلّ توازني ووزعت آهاتي على الملأ. سقطت بنازير ، صُرعت القائدة، الإنسانة، الزوجة والأم. من سيعد وجبة العشاء لليلة رأس السنة! وهل نستطيع الاحتفال؟ لن تُرفع كؤوس الخمر على مائدتي الليلة...
يصر البعض على تعذيب الإنسان، والقتل من أجل القتل، والترهيب من أجل الترهيب، ونفخ روح العداوة وانتشار الكره! يتكلمون عن الاستشهاد في سبيل الله، لم أعرف عن أية اله يتكلمون، وهل أصبح للكون العشرات من (الله) على الأرض، وكيف يسكت الله في السماء على كل هذا؟ عندما كنا صغارا تعودنا إشعال بقعة نار صغيره نهاية كل عام، قفزنا وحلقنا فوقها مرارا، ونحن نقرأ ما يمليه علينا آباؤنا، بعض كلمات كانت كفيلة لتشبع رغباتنا في تطهير أنفسنا من ذنوب صغيره اقترفناها خلال السنة دون وعي، كالقسم، الكذب، المراوغة، إهانة الآخرين، التكبر، عدم احترام الآخرين، الأنانية، عدم التسامح، الاستهزاء والسخرية، الخ. طقس مفيد، أو هو نوع من أسلوب التطهير الذاتي وإعادة التوازن لأنفسنا، تاركين ذنوبنا تحترق في اللهيب الذي لم نكن لنسمح له الاتساع، ثم نخمد النار ونذهب معا لتناول طعام العشاء على مائدة كبيره تتسع للعائلة والأقارب وأهل الحارة، بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم. مراسيم جميلة أصيلة، دفن مرحلة مظلمة من حياتنا استعدادا لاستقبال سنة جديدة بقلوب جميلة وأفكار نظيفة.
وهنا في أستراليا والعالم، تنطلق الألعاب النارية معلنة بداية عام جديد، حاملة أمنيات زاهرة كألوان النيران الممتعة، وحاملة مسرات وسعادة وسرور... بضعة دقائق فقط تخمد بعدها وبعد أن تتلوّن وجوه البشر رفاهية وجمالا، طقس اعتادت الحكومة اتباعه من أجل نشر الطمأنينة والسعادة في نفوس مواطنيها. الألعاب النارية تعلن صراحة إصرارها على إسعاد الناس، وبوضوح وبصراحة أيضا إرغام العابس ترك عبوسه وفتح بابا جديدا أكثر سعادة مع بداية سنة جديدة، رسالة جميله مستمرة. لكن! النيران في بعض البقاع تُشعل ولا تُخمد، بل تبقى تتسع لتلسع، تُحرق، تُؤلم فتُميت... النار بداية تطور الإنسان والعالم...الاكتشاف والبحث...الحماية والأمن... الإعلان والوجود... التغيير...السمر وسحر الجمال...الحب والتشبث...التأمل والتفكير... التطور...وحتى النبوغ. سقط الإنسان من مستوى الكمال، إذن فهو أرقى من أن يقتل، لقد كانت إرادة الله (أقصد الحقيقي وليس الله الأرضي) لم تكن عشوائية بالخليقة، وتطورت الحياة من جهل إلى علم وحتى الكمال المُطلق.
لكن! الظاهر أني سأبقى حائرة بين ألف سؤال وسؤال وستبقى (لكن) عالقة في أذهاننا، (لكن) كثيرات جدا، أسئلة لا أجوبة لها، فتتحد معها (هل) و (لماذا) و (كيف) و (ماذا) لتستحوذ علينا من جديد ولعام جديد آخر مجهول يهلّ علينا بنيرانه؟ دينا سليم – أستراليا
#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستنقع الحياة
-
اصدار جديد
-
المفاتيح كاتمة اسرار
-
الحاسة السابعة
-
الضباب
-
مغادرة نافذتي
-
حفل تأبين نازك الملائكة في أستراليا
-
مطلوب حارس شخصي
-
ردا على مقال الزميلة رائدة الشلالفة
-
صانع الاحتجاجات – باسم فرات
-
عيني تمطر خجلا
-
بحثت عن أدونيس وقاسم حداد
-
صدور (تراتيل عزاء البحر)للأديبة دينا سليم
-
عيد البيض
-
عيد الأم أشعر أني ملكة
-
الثامن من آذار
-
قبعتان وغمزة
-
طائرات العيد
-
هل بقي ما نحتفل من أجله !
-
قصة قصيرة-المُهرج الباكي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|