الايدز وكراسي الجنرلات

عصام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 664 - 2003 / 11 / 26 - 04:35
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

  ساتحدث لكم باختصار عن دولة اسمها بورما  اشتهرت بتولي أحد أبناءها " يوثانت" سكرتارية الامم المتحدة في الستينات وخلال حقبة الحرب الباردة بين المعسكريين الغربى والشرقي.  وهي دولة من دول شرق أسيا عدد سكانها  مايقارب 43 مليون نسمة  ومساحتها  678 الف كيلومتر مربع  احتلها الانجليز قرابة 62 عاما (  1824-1886) وضموها للامبرواطرية  الهندية  واعتبروها اقليما هنديا لغاية انفصالها عام  1937 . وانفصلت عن منظمة  دول الكومنولث عام 1948 . وفي عام 1962  تولى  الجنرال ني وين حكمها عسكريا ثم رئاسيا  لغاية عام 1988  لحين تنصيب نفسه ملكا عليها وأول انتخابات متعددة المناطق  جرت عام 1990 وانتهت بفوز تكتل أحزاب المعارضة الخمسة   الذى تتزعمه الحاصلة على جائزة نوبل للسلام " اونغ سان سو كي " لكن الحكومة العسكرية رفضت الاقرار بالهزيمة  وانتهت بوضعها تحت الاقامة الجبرية 1989 لغاية 1995. ثم مرة اخرى من عام 2000 الى عام 2002 ثم مرة ثالثة  في شهر أيار من العام الحالي وتم التضييق على انصارها او ايداعم السجن وتبنت الولايات المتحدة قضية اونغ سان ومارست ضغوط شتى في سبيل حريتها.
لبورما حدود دولية مع الهند طولها 1463 كيلومتر ، مع بنغلاديش 193 كيلومتر ، مع الصين 2185 كيلومتر ،مع لاوس235  كيلومتر ،( مع تايلاند 1800 كيلومتر ولهما مشاكل حدودية بسبب اراضي تستغل لزراعة نباتات المخدرات وتهريبها وتقوم بورما باعتداءات على بعض قرى السكان الامنة في تايلند بين الحين والاخر وصل الامر فيه الى التهديد بنشوب حرب بينهما خلال هذا العام  ). وبورما  بلد زراعي بالدرجة الاولى يشكل فيها القطاع الزراعي 60 بالمئة والصناعي 9 بالمئة والخدمي 31 بالمئة  لكنها دولة ثرية بالمعادن مثل : النفط تنتج منه 14 الف برميل يوميا وتستهلك 38 الف برميل يوميا ويقدر احتياطيها المخزون منه  142 مليون برميل  ،الخارصين، الرصاص ،الخشب ،القصدير ،  حجر الكلس ، وقليلا من الاحجار الكريمة. ومع هذا تعيش بورما في فقر مدقع. حيث تصل موازنتها المالية 8 مليار دولار. تصدر الرز والحبوب والسكر  وتستورد النفط الخام ومواد البناء والمكائن ومعدات النقل. تبلغ ديونها الخارجية 6 مليار دولار .
معدل نموها السكاني نصف بالمئة ، معدل الولادة 19 بالمئة ومعدل الوفيات 12 بالمئة واخطر مافي الامر هو  معدل الاصابة بمرض نقص المناعة الوراثى (الايدز) 2 بالمئة ، عدد المصابين  نصف مليون نسمة   وعدد ضحايا المرض 65000 متوفي حسب تقديرات عام 2001.
البورميون يشكلون 68 بالمئة من السكان الاصليين والمتبقى من اصول مختلفة كالصينية والهندية . نسبة البوذيون 89 بالمئة والمسيحين 4 بالمئة  والمسلمين 4 بالمئة  والمتبقى  عبادات اخرى.
اقر الدستور فيها لمرة الاولى في  3 كانون الثاني 1974 وتم تعليقه في 18 ايلول 1988 لغاية اليوم منذ تولى القوى العسكرية الحكم فيها.  خدمة الانترنيت مسموح بها للقطاع الحكومي  ومكاتب خاصة للسياحة فقط.
يعتقد  نيكولاس كريستوف في مقالته  في نيويورك تايمز عن العقوبات الدولية الاميركية  على الدول ما نصه " بالنسبة للولايات المتحدة فإنها قد فرضت 85 حظرا اقتصاديا على بلدان أجنبية منذ 1996 وحتى 2001. لكن العقوبات التي كلفت الشركات الأميركية ما يقرب من 19 مليار دولار سنة 1995 فقط هي ليست سياسة صحيحة لأنها لا تحقق الهدف من ورائها فهي تلحق الأذى بالناس الذين تهدف هذه العقوبات لمساعدتهم"  وينتقد موقف حاملة جائزة نوبل للسلام البورمية  اونغ سان سو كي والمعارضة للحكم العسكري والمؤيدة للعقوبات الاميركية  المفروضة  على بلدها ، حيث قاد اليمقراطيون في الكونغرس الاميركي حملة  الجهود المبذولة لفرض حظر جديد على السلع المستوردة من بورما وأذا وافق  الجمهوريون والديمقراطيون على السواء للمصادقة على عقوبات اقتصادية جديدة ضد بورما تبدأ هذه السنة بعد التصويت لصالحها بنسبة 97 ضد صوت واحد في مجلس الشيوخ.
تقول وزارة الخارجية الأميركية إن التقرير الجديد حول الحظر الذي فرضناه منذ يوليو الماضي على السلع المستوردة من بورما قد سبّب لحد الآن فقدان ما بين 30 و40 ألف شخص لأعمالهم في ميدان صناعة الألبسة وسيبلغ عدد الذين سيفقدون عملهم بسبب هذا الحظر 100 ألف شخص. وأغلب هؤلاء هم شابات لا يستطعن كسب العيش بطريقة أخرى، وتقول وزارة الخارجية الأميركية إن بعض هؤلاء النساء أجبرن نتيجة لذلك على العمل كمومسات، وهذا سيؤدي لاحقا إلى إصابتهن بمرض الايدز.
يقول  ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: «نحن نعلم أن بعضا من هؤلاء الشابات قد اتجهن إلى تجارة الجنس» مع ذلك فهو يدافع عن قوانين الحظر وقال إنها في نهاية المطاف ستجعل الحياة أفضل في بورما مما هي عليه الآن. لذلك فإنه حسب أحسن سيناريو سيخرج 100 ألف شخص من وظائفهم بينما يظل الحكام الجنرالات محتفظين بكراسيهم.
لذلك فإن العقوبات الاميركية  الاقتصادية ستسبِّب موت الأطفال وإصابة الفتيات بمرض الايدز وتجويع العوائل فيما ظلت سو كي تظهر شجاعة استثنائية للوقوف بوجه الجنرالات البورميين وما يسببونه من أذى كبير، وتنتقد بشدة لعم شجاعتها بدرجة كافية  كي تتراجع عن موقفها وتدعو إلى إنهاء المقاطعة الاقتصادية لأنها تلحق الأذى بشعبها.

نعم سيبقى الجنرالات العسكريين شركاء مافيات المخدرات محتفظين بكراسيهم حتى ولو هلك اخر مواطن في بلدهم بالايدز ذلك لانهم أعداء اساسيين للديمقراطية وحق شعبهم في التعبير عن حاجاته السياسية والاصلاحية لاقتصاد بائس.  

#عصام_البغدادي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات