أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد سمير عبد السلام - خوف الكتابة















المزيد.....


خوف الكتابة


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2143 - 2007 / 12 / 28 - 01:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خوف الكتابة
بقلم : جاك دريدا
تقديم و ترجمة : محمد سمير عبد السلام – مصر
أولا : مقدمة الترجمة :
الكتابة عند جاك دريدا ترتبط ارتباطا وثيقا ، بالتكرار الأول للحظة النشوء أو التكوين . هذه اللحظة الثرية المليئة بالتناقضات ، و طاقات اللاوعي الحادة ، بين ميول التجميع لاستعادة التكوين ، و ميول المحو ، و الاستبدال اللانهائي للصورة المستقرة للعمل ، فهي كتابة تنشأ و تنتهي من هذا التوتر ، و الخوف الذي يناظر تلك اللحظة ، و يليها ، و كذلك الفرح بالأرض البكر المتجددة خارج المرجع الثابت ، هذا المرجع الذي يلج مخاوف الكتابة كما يصفها دريدا في هذا المقال كعنصر لا واع يحافظ شكليا على النظام ، هذه بنيته ؛ و لكن وصف دريدا برأيي يذهب به في اتجاه مكمل للمحو الذي بدأته الكتابة بنوع من الفرح ، فهو يواصل تدمير الفاعل أو المرجع ، و يواصل حركة الاستبدال الكامنة فيه ، و كأنه يسخر من نفسه ، و من الكتابة اللعبية معا ، و يكشف عن انشطاراتها الداخلية في تخليها عن المركز ، و لهذه المخاوف التي يتحدث عنها دريدا أهمية كبيرة ؛ إذ تؤكد أن اللعب التفكيكي لا يمكن أن يكون بديلا للذات الفاعلة ، و المدلول ، و المرجع ، لكنه تحول مستمر لهذه الأشياء ، و إعادة لتناقضات لحظة النشوء ، في اختلاطها بعوامل الهدم ، في حالات متكررة يصاحبها القلق .
و مثلما يرصد دريدا حالة الذوبان ، أو التداخل بين كل من الصوت ، و الكتابة ، و الدال و المدلول ، و النص ، و القراءة ، و المركز ، و حالة اللعب الاستبدالية الكامنة فيه ، نجده هنا يتحدث عن حالة نصف النوم الحاملة لمخاوف الكتابة بوصفها حريصة على المرجع لكنها برأيي تحمل دلالة استمرار المحو حتى للكتابة الأولى نفسها . إنها طاقة تناهض لعب الدوال من خلال عملية غير واعية تسقط هي الأخرى في لعب آخر ، بتداخلها الأولي مع ميل حالة اليقظة عند دريدا إلى استعادة حضور اللاوعي مرة أخرى ، فهى تحفز اليقظة في سياق الغياب ، و تشبهها في ميل كل منهما لهذا النشوء الملتبس المصاحب لكتابة تتداخل فيها طاقات اللاوعي ، لتعيد تسمية نفسها في كتابة ، أو لعب ، أو قلق ، أو استبدال .. الخ .
يرى دريدا أن الدال يمحى تلقائيا ، في لحظة ولادته ، كما أن المدلول يعمل فيه من قبل بوصفه دالا ، و وجود المدلول في لعبة الإحالات يجسد حالة اللعب التي تمحو الحد الذي كانت تنتظم العلامات انطلاقا منه ( راجع – جاك دريدا – الكتابة و الاختلاف – ترجمة كاظم جهاد – دار توبقال ط 1 – عام 1988 ص 104 ) .
هل تتحول طاقة فقدان هذا المدلول المرجعي ، إلى طاقة مدمرة مضادة للكتابة ؟ هل يختلط حلم الإيروس اللاواعي بعدوان يناهض الاستبدال ، و إعادة لحظة النشوء ؟ هل هو حلم الاكتمال المؤجل ، و قد انقلب إلى سلطة عصابية تنشطر عن تحولاتها و تناثرها الخاص ؟
مثل هذه الأسئلة يولدها حديث دريدا الذي يكشف فيه الوجه الآخر لبهجة اللعب ، في تداخلها المعقد مع المخاوف المصاحبة لرصد التحول الكامن في بناء المركز .
إن دريدا لا يميل في حديثه لوصف ذي اتجاه ثابت لكنك تجد في حديثه عن الكتابة التفكيكية نشوءا لا ينتهي ، و تجد في مخاوف نصف النوم نزوعا نحو المرجع ، و مواصلة لحركة المقاومة في الاستبدال و اللعب .
و لا يمكن عزل هذا الوصف للكتابة و مخاوفها عند جاك دريدا بتداخل الغرائز اللاواعية عند فرويد ، و التي يمكن أن تؤول اللحظات الأولى لظهور الحياة و ما يسبقها ، و كأن فعل الكتابة عند دريدا يحاول القبض على هذه اللحظات المفقودة ، فيقرر دائما في حالة اليقظة أن يتمسك بيقين البكارة ، و لا يتخلى عنه أبدا .
و طبقا لفرويد فإن كلا من طاقة الإيروس الذي يهدف لتوحيد الذرات المفتتة ، و غريزة الموت الأكثر ميلا للحالة اللاعضوية الأسبق ، تحاول إعادة الحالة السابقة لظهور الحياة ، و يؤكد فرويد أن ظهور الحياة هو سبب استمرار الحياة ، و السعي نحو الموت ، و تصير الحياة صراعا و حلا توفيقيا بين الاتجاهين . ( راجع – فرويد – الأنا و الهو – ترجمة د محمد عثمان نجاتي – دار الشروق ص 66 و 67 ) .
هكذا يصير التجسد الأولي للمكتوب عند دريدا حاملا لطاقة الحياة ، و ظهورها المؤدي لتلك المخاوف ، و هذا التعقيد في اتجاهات المحو و النشوء الانفعالية المصاحبة للكاتب حيث تحمل إليه الفرح و الرعب و التعلق بالمنطقة الجديدة من الوجود لتجاوزها . هذا التجاوز برأيي هو المولد الأكبر للخوف .
محمد سمير عبد السلام – مصر
نوفمبر – 2007 .

خوف الكتابة
حديث : جاك دريدا
ترجمة : محمد سمير عبد السلام .
في كل مرة أبدأ الكتابة ، ينتابني إحساس بأنني أتقدم باتجاه أرض بكر جديدة ، لم أكن فيها من قبل . هذا النوع من التقدم يحتاج إلى إيماءات يقينية ، و قد يفهم بأنه عدائي ، مع احترامي للمفكرين الآخرين ، و زملائي .
و بعيدا عن الجدل الطبيعي ، فإن الإيماءات التفكيكية قد تبدو حقا كنوع من الزعزعة ، أو التخريب ، أو حالة من القلق ، أو تحتمل جرحا للآخرين ، و من ثم ففي كل مرة أحقق فيها هذا النوع من الإيماء ، تتولد لحظات من الخوف ، و لا يحدث هذا الأمر أثناء انخراطي في فعل الكتابة .
عندما أكتب أشعر بأن هناك رغبة ملحة أقوى مني تتطلب وجوب الكتابة بالطريقة التي أكتب بها .
و لا أنكر شيئا كنت قد كتبته ، بسبب الخوف من بعض العواقب المحققة ، و أقول عندما أكتب : لا شيء يرعبني . و هذا ما يجب أن يقال أيضا عندما لا أكتب .
و لكن ثمة لحظة غريبة جدا تصاحبني عندما أذهب للنوم ، و بالتحديد بين بدايات النوم ، و النوم الكامل ؛ في تلك اللحظة التي هي نصف النوم تحدث المفاجأة ، فأعيش حالة من الرهبة تتولد عن الذي قمت بكتابته ، و أخبر نفسي : أنت مجنون لأنك كتبت هذا ، أنت مجنون لأنك تهاجم ذلك الشيء ، أنت مجنون لأنك تناقش هذا المرجع النصي ، أو المؤسسي ، أو الشخصي .
يكمن في لا وعيي نوع من الرعب أستطيع أن أشبهه بأخيلة الطفل الذي يفعل شيئا كريها ، و قد تحدث فرويد عن أحلام الطفولة حين يرى الشخص نفسه عاريا ، مذعورا ، لأن كل من حوله يدرك هذا العراء .
على أية حال ففي حالة نصف النوم ، يتكون لدي انطباع بأنني قد ارتكبت جرما ، أو أمرا مخجلا لا يمكن الجهر به ، و لم يكن علي أن أفعله .
و يأتيني شخص ليخبرني : لكنك مجنون ؛ لأنك قمت بعمل هذا ، و أكون مصدقا لهذا الأمر بالفعل في حالة نصف النوم التي تتضمن دلالات سلطة تأمر بإيقاف كل شيء ، و إعادته من جديد ، و حرق الأوراق ، فما أقوم به غير مقبول .
و لكن عندما أستيقظ و أكون في حالة وعي ، و عمل بشكل يقيني ، أقترب بدرجة أكبر من اللا وعي عن حالة نصف النوم ، ففي الأخيرة هناك حذر ، و يقظة باتجاه الحقيقة ، فضلا عن إيحائها بأن ما أقوم به جاد بدرجة كبيرة .
و لكن في في حالة اليقظة و العمل ، يصير ذلك الاحتراس نائما حقا ، و لكل من الحالتين قوة كبيرة ، و لهذا أفعل ما يجب أن أفعله .
* حديث جاك دريدا منشور بعنوان :
Fear Of Writing
على الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=qoKnzsiR6Ss



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكوين الحدسي للمكان .. قراءة في قصص دوريس ليسنج
- ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق
- القصيدة في نشوء آخر .. قراءة في شطح الغياب لمهدي بندق
- تجاوز ما بعد الحداثية ، أو التفاعل المفتوح بين المحلي و العا ...
- الزمن الآخر للظل .. قراءة في مهمل لعلاء عبد الهادي
- أحلام الجسد البهيجة .. قراءة في مأوى الروح لمحمد عبد السلام ...
- إعادة إبداع الإنسانية
- عبث ما بعد الحرب ... قراءة في رواية بلا دماء
- طيف الأنوثة المستعادة .. قراءة في هيكل الزهر ل فاطمة ناعوت
- دالي .. حلم النص و أسطورة الفوتوغرافيا
- جماليات الاختفاء عند مكسويل كوتزي
- لذة الكشف في رواية نوافذ النوافذ ل..جمال الغيطاني
- الحكي كإبداع للوعي .. قراءة في ما لا نراه ل محمد جبريل
- معرفة كونفوشيوس
- توهج النهايات عند صمويل بيكيت
- المحظور و التمثيلي و العوالم الافتراضية .. عن الأنوثة في قصص ...
- العمل ، و إبداع العالم
- الغياب في فضاء المحاكاة .. قراءة في فكر جان بودريار
- العبث ، و أحلام التجدد
- أحلام الأم المقدسة عند نوال السعداوي


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد سمير عبد السلام - خوف الكتابة