إن الخطأ من شيم الإنسان, و بمقدرته على اكتشاف الخطأ ومعالجته تكتمل إنسانيته, وبذلك يضع نفسه على دروب ومعارج التقدم. وعندما نكتشف خطأ ما لدينا أو لدى غيرنا, يفترض أن يكون الأمر طبيعيا, باعتبار أن اكتشاف الخطأ مقدمة للإصلاح. لكن عندما يُكتشف خطأ, ويقترح إصلاحه أو يصلح, بخطأ أكبر وربما كارثة أكبر تجعل المرء يتحسر على أيام الخطأ السابق, فإن الأمر يدعو للتوقف والتأمل, لأن القضية هنا ليست الحالة الطبيعية من جدلية الخطأ والإصلاح البشرية, هنا نكون أمام حالة وهم تدعي اكتشاف الخطأ ولكنها لم تكتشفه, أو حالة من ممارسة الدجل الفكري والسياسي من أجل إبعاد الأنظار عن الخطأ لغاية ما, ويكون من الطبيعي أن نواجَه بمضاعفة الأخطاء وليس معالجتها.
هذه الأفكار تخطر على بال القارئ وهو يقرأ مقالة الليث شبيلات المعنونة (ولى زمن الاستئصال) المنشورة في صحيفة النهار/الأربعاء 29 تشرين الأول 2003/. إنه أمر يدعو للفرح لمن مارس أوعانى من الصراعات الاستئصالية بين مختلف الكتل والتيارات السياسية وحتى الاجتماعية, وأحس بالثمن الباهظ لذلك على مستوى الفرد والمجتمع, وكذلك لعامة الناس, فها هو أحد رموز تيار استئصالي, من بين عدة تيارات, يعلن نهاية هذا الزمن. نعم يا لفرحتنا, لقد اكتشف الخطأ واصبح الطريق ممهدا للمعالجة, فقد (كنا في ما سبق من عقود نجعل الانتماء إلى مبدئنا العقائدي القول الفصل والأخير في علاقاتنا مع الآخرين. قد كنا كذلك جميعا، لا أستثني أحدا إلا ما رحم ربي، نعتبر من ليس معنا أنه بالضرورة علينا! كنا جميعا في ذلك استئصاليين لا نرى في أحلامنا الطوباوية سوى مجتمعات كاملة الطهر أي منتمية بالكامل إلى مبادئنا. فالقومي كان ينظر إلى الإسلامي بأنه رجعي عميل لا يليق به إلا الاستئصال - خاصة بسبب توظيف الإسلام من قبل الحكام لمقاومة الشيوعية واليسار المستقوي بالسوفيات- والإسلامي كان يعتبر القومي واليساري التقدمي ذيلا للغرب ولأفكاره وعاملا على تغريب الأمة) والكلام لشبيلات. هذا يعني أن التيارات الثلاث أصبحت على استعداد لتقبل الآخر والحوار معه ومنحه شرعية الوجود. إذا نحن في اتجاه اكتساب ثقافة وسياسة تتبنى قيم الحوار وتقبل الآخر والديمقراطية, مما يمهد للحلم بحدود معينة من الممارسة الديمقراطية في مجتمعاتنا.
ولكن, حتى لا تأخذك الفرحة بعيدا عزيزي القارئ, فإن متابعة مقالة الشبيلات تنسف كل هذه المقدمة بادعاءاتها الجميلة والمدغدغة لأحلام الحوار وتقبل الآخر والديمقراطية, فالرجل وضع يده على بعض مظاهر الخطأ أو المشكلة, ولكن لم يوصّف جذورها الحقيقية خطأ أو عمدا, والأهم من ذلك أنه انتقل من سلوكية الاستئصال المتبادل بين مختلف التيارات, القومية والإسلامية واليسارية- بسبب بعض الاختلافات بينها- إلى اتفاق بين التيارات الثلاث على استئصال الشعوب, ما دامت مواقف وسلوكيات هذه الشعوب لا تتوافق مع الأوهام أو الأمراض الأيديولوجية لهذه التيارات, لتكتمل بذلك الاستئصالية وتصل إلى نتيجتها المنطقية.
إن إبادة الشعوب بغرض قولبتها على مقاس فكرة أو أيديولوجيا, ممارسة ليست جديدة تماما, فطوال التاريخ الإنساني, كان الإنسان ينتج أفكارا عن الواقع أو المستقبل, بغرض استخدامها في تفسير وتحسين ظروف معيشته المادية والروحية, أي بغرض خدمة الأفكار له. لكن ومع الزمن كان الإنسان يُستَلَب من قبل هذه الأفكار وتسيطر عليه, وتصبح هذه الأفكار هدفا وقيمة يجب خدمتها حتى على حساب الوجود الإنساني ذاته. لكن في العصر الحديث أصبح الإنسان مركز التفكير, ويعطى الوجود الإنساني بحد ذاته قيمة عليا, وتأتي الأفكار لتخدمه لا العكس. ومع ذلك فإن محاولة قولبة الإنسان على مقاس الفكرة لم تتوقف, وخصوصا في الدول المتخلفة, بل تسلحت بكل وسائل القسر والإبادة التي أنتجتها الحضارة الحديثة. قد تكون الفكرة دينية أو قومية أو تتعلق بالعدالة لا فرق, والمثال الفاضح على مثل هذه الممارسات كان بول بوت الذي أباد أكثر من مليون كمبودي لكي يتطابق الشعب الكمبودي مع اشتراكيته, وحاول صدام مجاراته بأيديولوجيا مختلفة شكلا, وهناك أمثلة كثيرة ومن مختلف الاتجاهات.
إن الليث شبيلات بدلا من أن يترقى, يمعن في التراجع, ويدفع الأمور باتجاه الانسجام مع منطقه الاستئصالي في أقصى تجلياته, أي استئصال شعوب بأكملها, وهذا يجعلنا نطرح سؤالا ضروريا للبحث عن الخطأ, لماذا نتحدث عن الاشتراكية فنغرق في الإقطاعية, نتحدث عن القومية والوحدة فنغرق في التفتت, نتحدث عن الإسلام فنغرق في الجاهلية, نتحدث عن الإصلاح فنغرق في الخطأ؟
حتى لا يكون كلامنا في الفراغ نعود إلى مقالة السيد الليث, وسنجد أن المحور الرئيسي يدور حول حدوث تقارب بين التيارات الثلاث المذكورة, وإثبات براءة حزب البعث, خصوصا الجناح العراقي منه, من تهم الإلحاد وما شابه. ويتحفنا كذلك السيد الليث بأنه اكتشف أن هذا الحزب وطني أيضا, بالطبع العملية حصلت بعد الحرب الأخيرة في العراق. كيف ذلك؟ إنها أمريكا, فما دامت أمريكا قد حظرت حزب البعث في العراق, فهذا يعني العفو عن كل أخطائه وخطاياه, ويعني أيضا أن نظام صدام قد حصل على شهادة الأيزو في الوطنية ( والآن وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب إذ أعلن الأميركيون بأن البعث عدو يجب استئصاله وضموه في ذلك إلى الإسلام الثوري والإسلام الجهادي فلا يجرؤ إلا عميل ثقافي على تصنيف البعث والبعثيين وإسلام الصادقين من المجاهدين الأفغان وابن لادن على انهما عميلان للغرب كما كان خصومهما ينعتونهما في السابق رغم الأخطاء الكبيرة التي أوقع بها هؤلاء أنفسهم فيها), (ولا شك في أن ممارسة البعثيين السيئة وخاصة موقفهم من الانفصال، والانكى من ذلك الخلاف بين البعثيين السوري والعراقي، وعجز جميع الوساطات عن رأب الصدع، إلا بعد فوات الأوان، اسقط اسهم البعث وصدقيته إلى أدنى الحدود، لكن تمسك البعثيين رغم الخطيئات الكبرى تلك بفضيلة عدم خيانة الأمة بالانحياز إلى المشروع الاستعماري كما فعل غيرهم من الأنظمة الأخرى لدليل على نظافة المعتقد البعثي حتى أن الأميركيين أعلنوا رغبتهم في استئصال شأفة البعثيين من كبيرهم إلى صغيرهم لاعتبارهم أعداء المشروع الاستعماري الأميركي). وكل من عارض هذا النظام أو مستمر في معارضة سلوكياته, وكل من يتعاون مع قوات التحالف أو يشكك في كلام السيد ليث هو العكس, أي لا وطني وربما عميل, هكذا وبكل بساطة, إما هذا أو ذاك, فبعضهم يرتكب الخطيئة (إذ يغازلون أميركا كاللواتي يتمنّعن وهن الراغبات، فيستنبطون شعارات تنسف وجودهم وتنسف المذهب العظيم الذي يعتنقونه والذي انتج المعارضين والثائرين، مثل شعار "الحياد الإيجابي" عند حلول الغزو الاستعماري الكافر في البلاد، وشعار "المقاومة السلمية" للأميركيين بعد أن كان شعار الموت لأميركا والموت لإسرائيل محور شعاراتهم). وهو هنا يدين السلوك العقلاني للقوى الشيعية في العراق وبقية القوى العراقية التي تفضل الصراع السلمي مع الأمريكيين ويخونها. ومن ثم يصل بنا السيد الليث إلى إدانة ما حصل لقبر ميشيل عفلق (الاعتداء الحاقد اللاأخلاقي على قبر الأستاذ ميشال......... ولا يدركون بأن تدنيس القبور وإزالة آثار الزعماء الذين يمرون على الأمة في تاريخها يعتبر صبيانية فوق اعتباره نذالة. فتزوير التاريخ مستحيل وان الأمم الحية لتحفظ تراثها بغض النظر عن رضاها أو عدم رضاها عن زعامة معينة أو فترة محددة), وما لم يصرح به السيد الليث هنا, وانسجاما مع منطقه, هو اعتبار إزالة تماثيل صدام أمرا بربريا ونذالة, باعتبار صدام أحد زعماء الأمة حسب مقاييسه.
إن السيد ليث يمعن هنا في استئصاليته, ولكنها استئصالية ليست بالمعنى الذي يعتقده هو, أي استئصالية التيارات الفكرية والسياسية, وإنما استئصالية العقلية العشائرية التي قد تتمظهر بمظهر إسلامي أو قومي أو يساري ...الخ, إنها العقلية نفسها تنطلق من منطق أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب, والصلة مع الأخ وابن العم والغريب قرابية أولا, مهما ادعت من أفكار وقيم, لأن هذه القيم إما أن تخضع للمنطق العشائري, أو يضحى بها عند أول تعارض غير مأسوفة عليها, والعقلية العشائرية هي أكثر مراحل العقلية البشرية بدائية واستئصالية, بدءا من ابن العم وصولا إلى من هو خارج القبيلة الذي يشكل مادة للغزو والقتل والنهب ليس إلا.
في محاولة التقاط اسقاطات واقعية من هذه العقلية, لنتأمل موقفه من حزب البعث العراقي ووطنيته من خلال ممارساته في حكم العراق, حيث يرى أن البعث العراقي وقائده صدام لم ينحازا للمشروع الاستعماري, وهنا لنتساءل هل الوطنية ومعاداة الاستعمار مجرد شعارات أم سلوكيات وممارسات ونتائج؟ إذا كان الأمر شعارات, نعم فإن صدام هو الأكثر وطنية والأكثر معاداة للاستعمار والصهيونية وأمريكا, فهو صاحب شعار تحرير فلسطين من البحر إلى النهر, وهو صاحب جيش القدس ...وهذا ينسجم مع العقل العشائري الجاهلي الذي يهتم بالتفاخر الكاذب ورنين الكلمات على حساب الفعل والمضمون. أما إذا اعتبرنا أن الوطنية ومعاداة الاستعمار أفعالا فإن للمسألة أوجه أخرى. وحتى لا نخرج خارج مقاييس السيد الليث نفسه, فإن مسألة الوطنية تقاس بالموقف من أمريكا وموقف أمريكا من أي قوة, رغم بساطة وسذاجة وتخلف هذا المقياس الذي لن يقتنع به إلا عقل عشائري مسطح- قارن ذلك قارئي العزيز مع ما قاله المرحوم خالد بكداش ذات يوم, أن موقفنا من الآخرين يتحدد من خلال موقفهم من الاتحاد السوفييتي- مع ذلك فلنجاري السيد شبيلات ونستخدم مقاييسه, إن صدام لم يحارب إيران إلا عندما قامت الثورة الإسلامية, وطردت السفير الإسرائيلي, وأحلت ممثل منظمة التحرير محله, وحاصرت السفارة الأمريكية, وأعلنت دعمها لقضية فلسطين, وخلال هذه الحرب أنقذته الولايات المتحدة أكثر من مرة من هزيمة منكرة في الحرب. كذلك اعتدى صدام على الكويت, واستعدى الجيوش الأجنبية وأعطاها الذريعة للقدوم والبقاء في المنطقة, وعندما انتفض العراقيون ضده بعد الحرب ساعده الأمريكان على البقاء.فأي موقف معاد للاستعمار والأمريكان هذا الذي يجعل الأمريكان يحافظون على صاحب الموقف ويدافعون عنه طوال عشرات السنين؟ كذلك أهدى صدام للسوريين العديد من السيارات المفخخة, فهل كان ذلك جزءا من الممارسة الوطنية؟.
إن الوطنية مفهوم ملتبس في عالمنا المتخلف, لأن الوطن مفهوم ملتبس, حيث تفهم منه العقليات العشائرية جغرافيا هيمنة زعيم العشيرة ومجال رعي إبلها, وبالصورة الحديثة حدود جغرافية وسلطة سياسية وعصبية مهيمنة, بغض النظر عن مدى قبول السكان للسلطة ودورهم في تحديد الحدود. إن الوطن شيء آخر, الوطن هو حقوق وواجبات المواطن, بدون ذلك ليس للكلمة من معنى, فهل كان للعراقيين أية حقوق تجاه القائد الضرورة ؟ لا شك أن الحرب أثبت أن العراقيين لم يكن لديهم ما يدافعون عنه. وهنا لا يستطيع السيد الليث ومن لف لفه, تقبل هذا الأمر وتفهمه, باعتباره لا يتطابق مع عقلهم العشائري الذي يعتبر أن من الواجب الدفاع عن حمى القبيلة ضد الغريب مهما يكن, وبما أن العراقيين لم يفعلوا ذلك فإن إبادتهم تصبح ضرورة لكي يستقيم منطق هذه العقلية, لذلك فإن السيد الليث عندما عدد خطايا البعث لم يشر إلى إبادة مئات الألوف من العراقيين على يد نظام صدام, باعتبار ذلك ضرورة لكي يستقيم ويتناسق هذا الشعب مع تطلعات القائد الضرورة وأوهام الليث شبيلات وغيره, وكذلك لا بد من دفع من سلم من العراقيين من بطش صدام, إلى محرقة صراع عسكري مع الأمريكان, لكي يستقيم الواقع مع عقل ينتمي, على الأقل, إلى ما قبل ألف وخمسمائة سنة.
وفيما يتعلق بزعماء الأمة وموقع ميشيل عفلق, فإن مسألة نبش القبور أو إزالتها ليست مستحبة, ولكن متى كان ميشيل عفلق زعيما للأمة؟ وأية أمة؟ لقد رُفضَ عفلق حتى من قبل البعث السوري وطرد, وتخلى عن مسيحيته لكي تستقيم أوضاعه مع أيديولوجيته, وبذلك ربما كان يطعن بعروبة المسيحيين ويقصيهم, أم أنه بمجرد اقتناع الليث شبيلات بذلك يفرض على الآخرين أن يفعلوا مثله؟!. لقد قام الرسول محمد بهدم أصنام الكعبة لأن تلك الأصنام كانت ترتبط بدلالات دينية منكرة, والأمر مفهوم, وأعتقد أن شبيلات يتفهم ذلك, لكن لماذا لا يتفهم أن عفلق بالنسبة للعراقيين وغيرهم, يرمز إلى نظام عانوا على يديه الإبادة؟ فقد كان صدام هدية الحزب إلى الشعب كما عبر عفلق ذاته, وكان صدام تلميذا لعفلق ونال رضاه, وهو أحد كتب ميشيل عفلق حسب تعبير شبيلات عن العلاقة بين المعلم والتلميذ, ألا يجعلنا ذلك نتفهم ردة فعل ضحايا صدام؟ أم أن ضحايا صدام يستحقون ما فعله بهم, لأن ذلك يستقيم مع أيديولوجيا شبيلات, باعتبار هؤلاء ينتمون إلى خارج قبيلته, وبالتالي ليسوا أكثر من مادة للغزو والقتل؟.
ما الذي يجعل شبيلات يبرر لابن لادن وصدام التعاون مع أمريكا ولا يبرر ذلك لغيرهما؟ بل انه يضعهما في مراتب قيمية مرتفعة؟ جوابه لأن أمريكا تعاديهم الآن, مما يتطلب طرح سؤال مفاده كيف يمكن أن نبرر إضفاء مراتب قيمية متقدمة على من خدم أمريكا لفترات طويلة, وعندما انتهت صلاحيته للخدمة تخلت عنه أو تخلصت منه؟ لماذا نضفي قيمنا ونوكل أهدافنا لمن تخطاه الزمن, واستهلكه الآخرون فعلا وخلقا ؟ لماذا نحدد أفقنا فقط بردة الفعل تجاه مواقف الآخرين؟ والجواب باعتقادي هو العقل العشائري الذي لن يعرف سوى ثنائية العشيرة وخارج العشيرة.
إن عقلا هذه منهجيته, أي كونه عقلا عشائريا, من الطبيعي أن ينتج سلوكا عشائريا, سواء ادعى القومية أو الماركسية أو الإسلام أو غير ذلك, فلن يتفهم العصر ولن ينتج سلوكا عصريا, إذ ليس من الطبيعي أن يتفهم عقل ينتمي إلى ما قبل ألف وخمسمائة سنة متغيرات عصرنا ويعيها وينتج سلوكا ملائما لها. سيظل هذا العقل غريبا وعالة على العصر, سيظل يدعي أمورا ويفعل العكس, باعتباره لا يستطيع إلا أن ينتكس إلى عصره الحقيقي وينتج سلوكا يتلاءم مع ذلك العصر. فمثلا أغلب التيارات السياسية في العراق تفهمت الاحتلال الأمريكي للعراق, وتحاول التعامل معه بأسلوب عقلاني, واشتركت في مجلس الحكم, وغالبية التيارات السياسية في الكويت أيضا تفهمت الوضع, أما في باقي البلدان العربية فإن ذلك محل إدانة وتكفير, والسؤال لماذا يتفهم أصحاب التجربة والمعاناة الأمر, ولا يستطيع ذلك أصحاب النظريات, القابعون في بيوتهم آمنين؟ والجواب أن من عانى وخبر وحشية صدام وبطانته من العراقيين والكويتيين, اضطروا للخروج من أوهام أيديولوجيات العقل العشائري وأمراضه لمواجهة الواقع والتعامل معه, أما الآخرون فمن المستحيل عليهم, في غياب المعاناة الشخصية, أن يتفهموا أحداثا لا تنتمي إلى عصر العقلية التي يحملون. وبالتالي ليس هناك مانع لدى هؤلاء, بل أنهم يسعون, لاستئصال العراقيين كافة انتقاما لأوهامهم الإيديولوجية.
ما يمكن قوله لليث شبيلات في النهاية, فلتتذكر دائما هذه الآية: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: ما بين القوسين اقتباسات من مقالة الليث شبيلات المذكورة