أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يسري حسين - انقلاب مفتي الجهاد














المزيد.....

انقلاب مفتي الجهاد


يسري حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 11:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انزلق المجتمع المصري إلى ردة حقيقية عن تطلعات مشروعات التنوير والانفتاح , وتميزت الحياة بالتراجع عن برنامج النهضة الذي أطل برأسه مع بدايات القرن الماضي , حيث اندفعت مصر نحو بناء الجامعات وفتح استديوهات السينما ومعاهد الموسيقى , وعاشت البلاد تلك الأيام وهي على ثقة بقهر الاستعمار والحصول على الاستقلال ودخول معترك بناء الدولة الحديثة .
وكان للصدمة القاسية في عصر الفاروق وتراجعه عن الدستور وحماية المجتمع المدني فرصة لانطلاق ثورة عسكرية أطاحت بنظامه كله وجرفت معها الشريحة الرقيقة التي تكونت بفضل جهود د . طه حسين وأحمد لطفي السيد ومحمد عبده والأفغاني وأحمد أمين وغيرهما من قيادات التنوير والتحديث .
ولأن مشروع النهضة أجهض وهو لا يزال يحبو , فجاءت نكسة 1967 لتقضي على ما تبقى من أحلام المجتمع المدني المفتوح , على العلم والحرية والفن . وتكفلت المعتقلات والسجون في سحق الليبراليين واليساريين , وتركت الباب مفتوحاً امام التيار الأصولي الذي راح يستنطق النصوص ليبرر العنف واطلاق النار وتحجيب المجتمع وكراهية الموسيقى وحرية المرأة ونمو المؤسسات المدنية .
ومع غياب عبد الناصر وصعود السادات , تم فتح كل القنوات في عهد الرئيس المؤمن أمام حرية تكوين التيار الديني الذي تربى في الجامعات المصرية بدعم من الحكومة على مناهضة تيار التحديث والوطنية والحرية والحداثة , والذي عبّر عن نفسه في انتفاضة الطلاب عام 1972 .
أغدق النظام الساداتي على تمويل جماعات ترتدي القناع الديني لنشر الإرهاب في الجامعات , ثم انطلقت في صعيد مصر بالذات لتطبيق منهجها ولاخضاع النصوص بعنف لتبرير القتل والهجوم على الاقباط وابعاد المرأة عن التعليم والفن والمشاركة في الحياة العامة .
منح النظام الساداتي هذه الجماعات كل الحرية والحماية , وانطلقت تبني نفسها وترسخ وجودها في الشارع وتشيع الإرهاب عبر استخدام أسلوب الاغتيالات وقتل شخصيات بارزة في حقول الفكر والأدب والسياسة مثل اغتيال فرج فودة , ثم محاولة اغتيال الأديب والروائي نجيب محفوظ قبل رحيله .
وإذا كانت نهضة العرب في العصر الحديث انطلقت من مصر بداية القرن الماضي , فإن نكستهم أيضاً خرجت من صعيد مصر وقلب مدن الجنوب حيث تجمعت تلك المنظمات مستفيدة من الحرية في العصر الساداتي , التي أعادت تشكيل المجتمع المصري ودفعه إلى المحافظة القاتلة وحجاب العقل ومنع الاجتهاد وفرض تفسيرات مغلوطة للدين , تقف عند المظهر الخارجي , وتترك الجوهر باعتباره يدعو إلى تحرير البشر من قيود التخلف والعبودية والانطلاق في مسار الحرية والاختيار والتوازن والإيمان بالعلم وتصنيع المجتمع .
لقد انتكست مصر بشدة مع عصر السادات , وعندما بدأ الرئيس المؤمن يتجه للمصالحة مع إسرائيل واستقبال شاه إيران في القاهرة , تمردت عليه القوى التي تحالفت معه حتى اغتالته في وضح النهار وهو يستعرض قواته المسلحة في احتفال انقلب إلى حمام دم لا يزال ماثلاً في الذاكرة .
وكان الانقلاب على السادات قمة صعود المد الأصولي , الذي لم يستهدف الرئيس فقط وإنما الدولة المصرية ذاتها , التي رأت أن عليها مهمة الدفاع عن نفسها فتصدت للتيار المسلح بعنف وحزم , وألقت القبض على جميع قياداته . وعندما تم حبسه داخل السجون والمعتقلات لم تعد لديهم قوة في الخارج , صحيح أن النفوذ الديني استمر يعيد صوغ المجتمع , لكن قوة الدفع لمنظمات و لم يعد قائماً مع وجود رموز التكفير أما في المعتقلات أو خارج البلاد .
والمراجعات التي بدأت مع < الجماعة الإسلامية > واستمرت الآن مع < الجهاد > تشير إلى انقلاب على المراجع والفتاوى السابقة التي استند عليها المتطرفون في الهجوم على المجتمع المدني من برلمان وقضاة وشرطة وجيش وجامعات , مع تكفير المفكرين والأدباء وقتل السياح وتبرير الهجوم على متاجر الأقباط وحرق الحوانيت التي تبيع شرائط الفيديو .
اعتمدت قوى التطرف في السابق على نصوص بررت لهم هذا الاجرام , والآن يعودون إلى النصوص نفسها فيستخرجون منها ما يجرم قتل السياح ورفض البرلمان وقتل الأبرياء والاقباط .
لقد ظللنا في هوس الفتاوى المتطرفة لما يقرب من 30 عاماً , والآن أباطرة الفتوى والتيارات التي تسمى تاريخية , يتراجعون عما أفتوا به في السابق , ويقولون أن الحق هو ما يطرحونها الآن من الكلمة الطيبة والدعوة الحسنة والاعتراف بالآخر .
وإذا كانت أجهزة الأمن عاقبت هؤلاء على اجرام وقتل وسفك الدماء , فهناك حق المجتمع الذي دفع ضريبة الغلو , والنظر إلى الدين بأنه يبيح القتل والاغتيالات , بينما كان الإمام محمد عبده , يرى في النصوص نفسها ما يدفع إلى الاصلاح عبر التعليم والحض على استقرار المجتمع . وكان خالد محمد خالد يرى مثل الأمام محمد عبده , أن الإسلام يدعو للحرية والديمقراطية ومقاومة الظلم الاجتماعي وتحقيق المساواة .
إن رجوع الشيخ سيد إمام مفتي جماعة < الجهاد > عن خطاياه يستحق التنويه والترحيب , لكنه وهو ينشر هذه المراجعات ينسى أن لديه كتابات لا تزال متداولة تحرض على القتل والاغتيال , فلماذا لا يدعو الشيخ إلى تحريم ما كتبه من قبل ويتبرأ منه أمام الله والناس علانية , قبل محاولته الحالية التي يرتدي فيها ثوب البراءة والعفو والتسامح , وهو الذي ظل لعقود يرتدي زي المحرض على قتل الأبرياء دون سبب أو مبرر من دين أو شرع أو عقيدة على الاطلاق .
إن فقيه تنظيم الجهاد يمارس لعبة أخرى وهو قيد الحبس والاعتقال . والسؤال لماذا لم يتراجع عن فتاويه المدمرة , وهو حر طليق في باكستان واليمن والسودان ؟ . إنه الآن يحدثنا بلغة عاقلة وهادئة ورحيمة بالبشر , الذين كان يدعو في أيام حريته لابادتهم لأنهم في رأيه كفار ومشركون , على الرغم من أنهم يعبدون الله ويقرون بوحدانيته ويمتثلون لتعاليمه وفرائضه ؟ .




#يسري_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثرياء في العالم العربي على حساب الفقراء
- توني بن : سيرة يساري بريطاني يدافع عن العدل والإشتراكية
- مواقف لنصرة الحرية
- نوال السعداوي : كاتبة تحارب بالقلم حزب التخلف العربي
- تحالف الإخوان مع الحزب الوطني الحاكم
- مذبحة بيت حانون وأزمة الضمير الإنساني
- تداول السلطة ومأزق الاصلاح الدستوري
- ملفات السويس لا تزال مفتوحة
- الخروج من حالة اليأس
- برلمان لحماية الإستبداد والفساد
- مصر والعودة إلى الخلف
- كارثة الأغلبية البرلمانية على الديمقراطية
- صراع الحضارات : بضاعة أمريكية
- النقابيون البريطانيون : الرأسمالية المتوحشة تدمر الشعوب
- غضب من سياسة ( بلير ) المنحازة لإسرائيل
- الديمقراطية ضحية الحرب على الإرهاب
- صوت الناس ضد الهزيمة والإنكسار
- حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده
- طارق علي مثقف نبيل مع العدل وضد الإستبداد والإستعمار
- الرهان على المستقبل


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يسري حسين - انقلاب مفتي الجهاد