|
لو خيًرت ما بين أن أكون سياسيا أومبدئيا
راضي كريني
الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 11:36
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لو كنت سياسيا لاتبعت تكتيكا أغوص به وجعلته استراتيجيتي الدائمة التي تكبلني بوحلها – وحل المرحلة والتبريرات السياسية الموازية للعقائدية المطلوبة والمستحبة للأغلبية! ولنسيت السيرورة الجبهوية الدمقراطية الأفضل في احتمالات فنّ الممكن لتحقيق الأهداف البعيدة المدى، ولجعلت مبدئي السلطة بانتهازية وباكتمال بالذات أتنقل من نصر وهمي إلى نصر على عدو افتراضي ... لو كنت سياسيا لكنت، في أفضل الحالات، جريئا في بذل التضحيات براغماتيا في اتخاذ القرارات، وفي اليوم التالي فتشت عن خبر في جريدة أو في....! ولجعلت الجلسات مماحكات و"قيل وقال"! ولانتصرت في انتخابات المنظمة التي انتمي إليها عن قناعة ، بأصوات تتعدى نسبة 50% على من رميتهم بداء الخيانة أو بقلة الاستقامة والنزاهة والإخلاص والعمل والتضحية ونكران الذات! وبعد هذا وذاك اطالبهم بالوحدة وقوة التصدي للعدوّ المشترك!! لو كنت سياسيا لأحرجت زميلي ورفيقي ولاستنجدت واستحضرت العنف الثوري! لأعريه على أقليته ومعارضته ولأحرقت أوراقه.. ولاتهمته بمعاداة الإنسانية والشعوب المضطهدة وبإنكار الحق الاجتماعي السياسي للطبقة العاملة والمتعلمة! لأثبت له أنني أنا وحدي الضحية... ولتمسكنت لأكسب التعاطف والتضامن والتأييد، ولنفرت من.. ونفًرت عن العمل الجادّ وعن الحياة الطيبة والعفوية، ولزرعت الأحقاد والأقدار في حقل تنظيمي وفي حقّ زميلي الحرّ والأقوى مني، والمثقف الذي يتدخل في المنافسة ليجعل نسبة الأصوات التي سأحصل عليها في انتخابات الهيئة اقل من 50%.. لو كنت سياسيا لكنت مثل عمير بيرتس واستثمرت الفكر الاجتماعي والعمل النقابي وجعلتهما مطية لأدخل الحكومة وأنال المنصب والسلطة، ولعالجت كل احتجاج اجتماعي مدني بأساليب وبطرائق أمنية وبسيرورات سياسية.. ولاتهمت المعارضة اليسارية بالاعتداء على الشرطة والإخلال بالنظام وبتعطيل الجهود السلمية والوطنية ولقتلت نبيا لأخلق نبيا آخر! لأجل السلطة وضدا في المبادئ. لو كنت سياسيا لأسمعتك ما تريد وترغب !...... ولو كنت مبدئيا لأهملت التكتيك واهتممت بالنظرية والاستراتيجية وغصت في سبر أغوارهما لتكبلني المثالية، ولغامرت بالسيرورة والنتيجة ولصبغت أطياف الفضاء الواسع باللونين الأبيض والأسود ولتمنطقت بالميتافيزيقا، ولأعليت شأن الجوهر على الحسّ ونبض الشارع والواقع.. ولكنت مثاليا واعتمدت قليلا على التجربة السياسية. لو كنت مبدئيا لعملت على أن تنتخب الهيئة بنسبة 100% من الأصوات ، ولعرفت استثارة الطوباوية وتفعيل العاطفة والمنطق في الإقناع، وتناسيت سلوكي كأهمّ عامل إقناع ،ولبنيت لنفسي صرحًا هرميّا وهميّا من الفضائل، ولتربّعت على قمته باستكانة وصبر وإيمان بالكمال لأحقق ذاتي من خلال حقّ تقرير المصير! لو كنت مبدئيا لوثقت بإرادتي دون سواها لأعيش حدسي المبطن وخوفي اللا محدود من الوجود ، ولابتعدت عن نشاط الناس ككائنات حية . لو كنت مبدئيا.... لعرفت ماذا يجب أن تسمع! لكن يا صديقي أنا سياسي مبدئي، أعالج قضايا الاحتجاج الاجتماعي المدني بأساليب سياسية اجتماعية، اعترف لك بأنك لن تكون خارج المجتمع، وأعترف بمأساتك وبكارثتك وأنّي لست وحدي ضحية...سأكتمل بك وسأعتبر معارضتك لي بأنّها قاعدة للتأمل وإعادة النظر بقناعات وبأفكار تسكن بيتي وهي ملك للناس وليس عليهم. سأعمل على انفصالي عن المملكة الحيوانية والأحقاد البهيمية... سأتقبل الآخر بدون شروط مسبقة ليتقبلني هو بدوره كما أنا، سنعمل معا، رغم الاختلاف الهامشي، سننمّي ونطور في مجرى العمل القدرات والمواصفات البشرية، وسنخلق عالمنا الاجتماعي المتميز الذي نعيش فيه، وفيه فقط، حيث الصالح والطالح والخير والشر، وفيه المبادر والغادر وفيه نعرف ماذا نقول وماذا يسمع، فيه نعرف أن نتهرًب بكياسة من سؤال إذا كانت الإجابة عليه تسيء أو تبعدنا كثيرا عن الحقيقة والطيبة. أحبائي ، رغم مسؤوليتنا التاريخية والأخلاقية لن أرضى لنا بان نكون دائما أقلية أو معارضة. لو أتقنا يا رفاق مهارة الربط الجدلي بين النظرية والممارسة، ولو ذوًتنا فنّ السياسة وصدق المبادئ لما بالغت مجموعة منا في التكتيك على حساب الاستراتيجية، ولا بالغت مجموعة أخرى بالاستراتيجية على حساب التكتيك! نحن لسنا عصابة لا تحتمل المعارضة، نحن لا نفكر بما يتّسق مع فكر القائد، هو ينتج أفكارا وأنا وأنت كذلك،نحن جبهويون... لسنا بأطفال نتلذّذ على سماع دويً الرصاص نحن رجال نعرف أن نطلق ونصيب الهدف! فكل مؤتمر وأنتم بخير! (كفرياسيف) -------------------------------------------------------------------------------- [أرسل المادة لصديق] [طباعة المادة]
#راضي_كريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قم يا بني وانجح!
-
لجنة المتابعة.. مؤهّلة لخوض وقيادة معارك الاقلية القومية الع
...
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|