أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - فرار للمجهول














المزيد.....

فرار للمجهول


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 07:07
المحور: الادب والفن
    


بدون حرية لا معنى للوجود فهي جوهره، لأن الحرية ماء يجب أن يتدفق لنحيا حياة عادية يجب أن تتجدد كل يوم ، ومن لا حرية له لا شخصية له، فهي مفقودة حتى ولو وجدت في الأوهام .

الحرية طريق واعد،وجدار آمن لكل كينونة خاصة ترفض الذوبان والتحلل في الآخر.

فجأة رن الهاتف على غفلة منها .

لم تكن تعلم أن الزمن هو لحظة عودة سيد البيت من العمل، لذلك انهمكت نائمة لتستريح من عناء أيام قاتمة، كانت تحس بها مثل إحساس رجل ناعمة تمر فوق رمال صحراء قاحلة في زوال صيف حار جدا .

قفزت فجأة لتفتح الباب لطارق لم يخطر على بالها .

حين فتحت الباب، كان السيد يصيح :

+ ماذا تفعلين؟؟ ألم يحن وقت الغداء؟؟؟؟

- لا يا سيدي الساعة الآن العاشرة، والغذاء موعده الثانية عشرة …….

+ آه……….. أين سوسن ؟؟؟؟؟

- خرجت ياسيدي .

+ وأين ؟

-لا أدري …….وصمتت صمتا معبرا عن شيء تحاول إخفاءه .

كان السيد مصابا بنرفزة خاصة، وهو يرجع للمنزل ليتأكد أن زوجته غير موجودة فيه فعلا، فقد تلقى مكالمة هاتفية مجهولة في مقر عمله تخبره أن زوجته تخونه اللحظة مع شخص آخر..

انتظر هنيهة ليتبين الأمر، لكن المتكلم على الجانب الآخر طلب منه العودة إلى المنزل للتأكد من الخبر المفزع.

سأله عن هويته فأجابه : فاعل خير

حين كانت الهستيريا تجتاح السيد الواقف أمام فاطمة، كانت تغسل وجهها الصبوح الذي تحول عن براءته الطفولية لتقفز تجاعيدها هاربة إلى ثنايا جبهتها في غير ميعاد .

لا تدري كيف تحولت من بؤس شديد إلى شبه سعادة تغمرها وهي تلاحظ بكاء السيد الذي كان يصيح:فعلا الخبر صحيح .

سألته : أي خبر

فنهرها قائلا:اذهبي لتهيئي الغداء وانبرى في بكاء شبه طفولي

تذكرت فاطمة بكاءها منذ سنتين خلت، حينها كان يمارس عليها ساديته الحيوانية منذ وصولها للبيت كخادمة معارة تمنع عنها زيارة أهلها القاطنين بالبادية أو الاتصال بهم ، تقوم بكل الأعمال في المنزل : غسيل، صابون، طهي …….

بل سمعتهم يهمسون ذات مساء أنهم يخططون لكي تصبح حقل تجارب لفحولة الابن الذي بدأت تظهر عليه مخايل المراهقة

لكن حدسها منذ الأسبوع الماضي أكد لها أن صراعا خفيا بدأ بين الزوجين فعلا، فقد زار العائلة شخص يتمتع بأناقة خاصة وسيارة فارهة، وكثرت اتصالاته الهاتفية مع سيدة البيت التي تصر على أن تخرج للحديقة لإتمام مكالمتها الهاتفية خشية تجسس الخادمة..

وفي غمرة هذه الأزمة صممت على الرحيل واستغلال أي فرصة قادمة، لذلك أعدت خطة منذ يومين، ويبدو أن اليوم هو الفضاء المناسب لتنفيذها .

لم تتردد في الأمر، فقد عاشت محنا عديدة في هذا السجن الخاص ، وحرمت من كل شيء يسبغ عليها الإحساس بطفولتها الخاصة ، لذلك جمعت كل ماخف وزنه وغلا ثمنه، وتزودت بنقود كانت موضوعة في أحد زوايا المنزل لتغطية مصاريف النقل إلى قريتها الصغيرة التي مازالت بالكاد تتذكر اسمها مستفيدة من مشاهدة برنامج إخباري عن بؤسها في أحد نشرات الأخبار..

في ظل هذه الأجواء مازال السيد يواصل النحيب، فكر في أخذ الهاتف لاستفسار زوجته، لكن مالجدوى ؟؟ فلينتظر حتى ترجع ولو كان ذلك على حساب يومه المفترض أن يقتطع أجره.

لكن فاطمة بدا لها أن تلعب لعبة أخرى من عيار خاص. اقتربت منه، وجلست بجواره لتواسيه في ماحل به، كان يريد إخفاء تأثره ونحيبه، لكن الدموع كانت معبرة أكثر من اللازم ، لاسيما أنها لم تتوهم في يوم ما أنها قد تراه على هذه الحالة

سألته بلطف يخفي تهكما :عمي، مالك تبكي؟

وتظاهرت بدورها بالبكاء أمامه حتى خرجت الدموع من مقلتيها، لكن دموع هذه اللحظة كانت بطعم آخر غير الذي اعتادت عليه، فقد أصبح الجلاد ضحية، والضحية متفرجة على الجلاد-الضحية

أبكي على همومي ومشاكل تواجهني …

ماهي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تجاهل سؤالها، لكنها حاولت أن تستفسره من جديد حول الهم الخاص والمشاكل، لكنها سمعت صوت سيارة سيدة البيت وقد ولجت باب الفيلا .

وقفت، توقفت لحظة لتعلن بداية خطة التحرر من أغلال عبوديتها كخادمة منذ سنتين، وهرعت لحقيبتها الخاصة، فقد أدركت أنها ساعة الخلاص التي انتظرتها منذ سنتين …

ما إن فتح الباب حتى بدت الزوجة مذهولة لوجود الزوج…….

صاح فيها الزوج الذي تخلص من دموعه مؤقتا

*أين كنت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قولي بصراحة أنا أعرف……..

+ ماذا تعرف ؟

*أعرف أين كنت تتواجدين .

+ولماذا تسأل إذن؟؟؟؟؟؟ لماذا لم تلحق بي لنجلس جميعا ؟؟؟؟؟؟؟؟

ارتفع الصراخ والنحيب، وبدأ تبادل الضرب والشتم

في هذه اللحظة لبست فاطمة جلابتها القديمة التي مازالت تحتفظ بها، وحملت حقيبتها، وانسلت هاربة من الضجيج الذي ارتفع في الفيلا الهادئة

حين لفحها هواء بارد في الخارج صاحت: أيا حرية طالما انتظرتك منذ زمان

هربت مني وتركتينني وحيدة

أقاسي غربة السجن والمنفى

يا أمي أينك لتعانقيني

وتمسحي دمعاتي المنسابة



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي ...
- هروب
- الفريق
- رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن ...
- دعاء
- حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت ...
- يا بحريي هيلا هيلا
- الانتخابات المغربية: دروس وعبر
- الأمن والمواطنة
- كرامة ضائعة
- أحزان بلا حدود
- عتبات -في انتظار الصباح-
- يورتريه الشهيد مهدي عامل
- الشباب والراهن :أية علاقة ؟
- ذكريات معلمة في الخليج كتاب يرصد التعليم بمدينة صحار بسلطنة ...
- فاس
- ربيع الصيف
- الهجرة في * موسم الهجرة إلى أي مكان* للمبدع محمد سعيد الريحا ...
- علي الصحراء
- علي و الصحراء


المزيد.....




- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - فرار للمجهول