|
قلق الموت هل أصبح هاجساً لدى الفرد العراقي ؟ 2
علي عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2138 - 2007 / 12 / 23 - 11:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قلق الموت هل أصبح هاجساً لدى الفرد العراقي شعور لطالما حاول الإنسان الهرب منه ، و عدم التفكير فيه ، لما يحمل معه من أحاسيس منفرة ، و مشاعر مكرهه ، تشعر الإنسان بضعفه و قلة حيلته ، قد يرهبه لما سيحدث له أن وقع عليه الموت أو ما سيحدث له بعد موته . فهل سيعاني الألم و العذاب ؟ أم سيجد النعيم و الراحة الأبدية ؟ و ماذا سيحل بأحبابه ؟ هل يتذكرونه و يحزنون عليه أم سينسونه في غمرة فرح في هذه الحياة ؟ ، أسئلة كثيرة يستثيرها هذا القلق , قد لا تكون له أجوبة كافية تريح بها كاهل الإنسان ، و لما لا فالموت رحلة إلى عالم مجهول ، لا يعرف فيها الإنسان ماذا سيحدث له أو ما سيحل به ، هل هي رحلة مشابهة لما نقلته لنا أحاديث السنة النبوية و رواية الإسراء و المعراج أم هنالك أشياء قد خفت عليه ، أسئلة و أسئلة كثيرة لا تنتهي ، يحاول بها الفرد أن يروي رمق خوفه و يسد بها جوع قلقه ، فالموت نهاية يتوقعها أي إنسان ، قد تنقله إلى حياة رائعة جميلة أو مؤلمة شنيعة ، حياة يعيشها إلى ما نهاية لا مرد لها و لا رجوعا ً فيها ،أذ الموت مفهوم مجرد غير مرئي لكنه حقيقة مادية و فعل واقعي يجربه أي إنسان . يعرف قلق الموت بأنه حالة انفعالية غير سارة يعجل بها تأمل الفرد في وفاته ( تمبلر ) . أو هو استجابة غير سارة تتضمن مشاعر ذاتية من عدم السرور و الانشغال على تأمل أو توقع مظهر من المظاهر العديدة المرتبطة بالموت ( هولتر ) . أو هو حالة انفعالية حادة ناجمة من تفكير الفرد بحالة زواله و انتهاء مصيره و انتقاله إلى عالم أخر مجهول غير مادي مصحوبة بأعراض جسمية و أحاسيس منطوية على الشعور بالرهبة والضيق و النفور . أن قلق الموت نظرة مستقبلية إلى ما سيحدث لدى الفرد أن أصابه مكروه أو حدث ما يؤدي بحياته إلى الموت ، منطوي على مشاعر سلبية متميزة بالخوف و الضيق و النفور ، تتصاحب معه أعرض جسمية فسيولوجية من زيادة سرعة التنفس و ضربات القلب و تصبب العرق و اتساع حدقة العين و الارتعاش في أطراف الجسم أو كله ، مع فقدان الشهية و شحوب الوجه و تيبس البلعوم ، و هذه الأعراض قد تختلف في الزيادة و النقصان من فرد لأخر حسب استجابة الأفراد لقلق الموت ، أو النظرة أليه , فالبض قد ينظر أليه نظرة من التقبل و الرضا و في هيئة من الاستعداد و التهيؤ و البعض الأخر في نظرة من الرهبة قد تصل به إلى انعدام التكيف و الانسجام مع المحيط .
(الفرد العراقي بين دفة قلق الموت و رغبة البقاء ) نتيجة لما يمر به الفرد العراقي الآن و في وعصره الحالي من نكبات و أزمات ، و انعدام الشعور بالأمن ، و سيادة شعور الخوف أصبح قلق الموت لدى الفرد العراقي شعورا ًمتكرراً في كثير من الأحيان ، يصاحبه أين ما حل و ذهب و أقصد بذلك تحديدا ً المناطق المنكوبة ( مناطق الموت المنتظر ) مثل بغداد و الموصل و الفلوجة و ديالى ..... وغيرها من المناطق التي تتدهور فيها حالات الأمن، أذ لا يعلم الفرد متى سيقتل و في أي حال ؟ أفي انفجار أم عملية اغتيال أو ذبح ..... و تتعد مسميات القتل الأخرى التي لا أريد ذكرها. أما أسباب ظهور هذا القلق لدى الفرد العراقي متعددة منها : أولا : الخوف من توقف الحياة : ـــ ان لدى كل فرد في رغبة في الحياة و غالباً ما تحفل بذكريات جميلة و أوقات سعيدة قد مر بها وعاشها سواء كانت مع أفراد عائلته أو أصدقائه و جماعة عمله ، و أن كانت الحياة تحمل أحيانا ً الألم و المعاناة ، و لكن الإنسان في حالة شعوره بقلق الموت لا يستذكر في مخيلته سوى هذه الأيام الجميلة التي عاشها ، و ينسى كل ما مر به من معاناة ،( فلا يوجد إنسان يحب الموت و أن تمناه ألا في حالات المرض النفسي ) . ثانيا ً : الخوف من الطريقة التي سيموت بها : ــ أن الفرد العراقي معرضه حياته الآن للخطر و احتمال الموت في أي لحظة و بأي طريقة بشعة سواء كانت في منزله أو سيارته أو دائرة عمله أو الأسواق و المحال ، و هذا الخوف قد أتى نتيجة تعدد فنون ممارسة القتل و انعدام الأمن الذي ساد بيئته ، والذي جعله في حالة من الارتباك و التوتر و القلق ، فهو لا يعلم بأي طريقة سوف يموت ، و متى يأتي أليه هذا المجهول ؟ مما يكرر لديه شعور قلق الموت . ثالثا ً : الخوف على الآخرين : أن عيش الفرد في بيئة غير أمنة ، تسود فيها توقعات الموت المرتقب تولد لديه شعور الخوف على الآخرين من أفراد أسرته و أحبابه و أصدقائه ، و هو يتمثل في ( الخوف على الآخرين ) من خلال قلقه على كيفية عيشهم في هذه الحياة ، وهل سيلاقون نفس المعاناة التي سيلاقيها ؟ هل سيعيشون في أمن و طمأنينة بعد رحيله أم لا ؟ أضافه إلى ذلك يسود لدى الفرد القلق الشعور بتلاشي شخصه ، أي بمعنى هل سيتذكره الآخرون أم ينسونه ؟ هل سيحزنون عليه أم سيفقدون ذكراه ، كل هذا الخوف و التفكير بالآخرين يساعد على تولد و تكرار قلق الموت لدى الفرد . رابعا ً : الخوف مما سيحدث بعد الموت أو بماذا سينتهي هذا اللقاء : أن كل إنسان مصيره الزوال و الموت ، فهو لا يعلم متى سيموت أو تحين ساعته ؟ و لا يعلم ماذا سيلاقي من مصير بعد موته ، هل سيعيش جنة الملتقى ورياض الخلد ؟ أم سيعاني الألم والعذاب في نار الآخرة، و هكذا يضل تفكير الفرد يتارجح بين فكرة زواله و شعوره بإثم و ذنب أخطائه و بين ما سيلاقيه من مصير، و هذا بدوره يساعد على الشعور بقلق الموت أو قلق المجهول ، فهنا يتركز تفكير الفرد على عدم الاستعداد لهذا اللقاء الذي فرض عليه .
(قلق الموت بين صحوة الضمير وانعدام التكيف) لقلق الموت فوائد كثيرة ، كما له مضار كثيرة ، فمن فوائد قلق الموت أنه يعد (شعورا ً دافعاً ) يدفع سلوك الإنسان و يحركه اتجاه القيام بأعمال الخير و تصحيح السلوك و تقويمه ، فهو شعور يوقض الإنسان للصحوة الأخلاقية و الفكرية ، و يدفعه نحو المشاعر الطيبة القائمة على الحب و المودة .و قد يدفع الفرد لأن يعمل و يبدع ، فهو يجهز الإنسان إلى المستقبل خوفا ً من وقوع خطر أو مكروه ما . أما مضار قلق الموت فهو لا يقل عن فوائده عندما يصيب الفرد ، و خاصة عندما يصير شعورا ً متكرراً ، مثال ما نمر به الآن ، حيث يسبب لدى الفرد حالة من عدم التوافق مع أمور و مجريات حياته الشخصية و الاجتماعية و المهنية ، فمن الناحية الشخصية يلعب قلق الموت دورا ً رئيسيا ً في تدني الصحة النفسية للفرد ، من اكتئاب و خوف و اضطراب في النوم و قلة في الشهية و اضطراب في العلاقة الجنسية و تدهور في الكفاءة العقلية عند تعامله مع الأشياء الخارجية ، و أما في الناحية الاجتماعية يساهم في اضطراب العلاقات الاجتماعية للفرد ، أذ يدفعه نحو العزلة و قلة الاختلاط و الاتصال الاجتماعي مع الآخرين ، كذلك في الناحية المهنية أذ يؤثر على حياة الفرد المهنية ، و في ناحيتين الأولى انه يؤدي إلى ضعف التركيز الذهني و العقلي للفرد في ميدان عمله و يظهر في سوء الأداء و التوافق المهني ، و الثانية قد ترتبط بالأولى ، و تظهر في اضطراب العلاقة بين الفرد و مسئولة و زملاءه في العمل ، نتيجة كثرة غياب الفرد و هروبه من عمله أو في كثرة الأجازات اليومية و الزمنية التي يأخذها، كل هذا قد يؤدي بالفرد إلى تدهور صحتة الجسمية و النفسية أوقد يعرضه في حالة الأزمات الشديدة إلى الإصابة بالمرض النفسي . أما أذا أردنا أن نتخلص من هذا الشعور ، الأ في حالة شعور الفرد بالأمان و الطمأنينة و توفرت له كل المتطلبات الحياة و حاجاتها الضرورية.
نعتذر عن الاخطاء التي وقعت سهواً
#علي_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الطريقة الصحيحة لاستخدام الشوكة والسكين أثناء تناول الطعا
...
-
مصر.. القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بعد فقدانهم خلا
...
-
لماذا تريد أوكرانيا ضرب العمق الروسي باستخدام صواريخ غربية ب
...
-
فون دير لايين تكشف عن أعضاء المفوضية الأوروبية الجديدة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
المجر تكشف كيف تحمي مصر أوروبا
-
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 عناصر في -حزب الله- (فيديو)
-
-حماس- تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل لمربع سكني مكتظ شرق مخ
...
-
بفيديوهات جنسية.. ضجة في العراق وتحرك أمني إثر ابتزاز شبكات
...
-
روسيا.. إطلاق أقمار صناعية للأغراض العسكرية
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|