أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن مدن - مجيد مرهون‮: ‬فلذة من تاريخنا















المزيد.....


مجيد مرهون‮: ‬فلذة من تاريخنا


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2134 - 2007 / 12 / 19 - 11:30
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


(1)

في‮ ‬مساء الثالث والعشرين من أغسطس ‮٣٠٠٢ ‬نظم المنبر التقدمي‮ ‬ندوة حاشدة قدم فيها المناضل والفنان مجيد مرهون صفحات من سيرته الذاتية التي‮ ‬هي‮ ‬نسيج من النضال والإبداع،‮ ‬وأدار هذه الندوة الفنان الوطني‮ ‬الملتزم سلمان زيمان مؤسس فرقة‮ »‬أجراس‮«.‬ حضر هذه الندوة رفاق مجيد ومحبوه،‮ ‬وحشد من الشبيبة التي‮ ‬تجد في‮ ‬سيرة هذا المناضل المقدام قدوة لها في‮ ‬الممارسة النضالية وفي‮ ‬العطاء الإبداعي‮.‬ روى مجيد في‮ ‬تلك الأمسية حكاية طفولته في‮ ‬حي‮ ‬العدامة بالحورة الذي‮ ‬ولد فيه،‮ ‬حي‮ ‬البسطاء المعدمين والكادحين المهمشين الذين كانوا‮ ‬يعيشون أسوأ أنواع شظف العيش،‮ ‬ويركضون لاهثين وراء لقمة العيش وكسـرة الخبز،‮ ‬وخوفا من الأمراض التي‮ ‬تحصد فيهم حصدا،‮ ‬وكانت فيضانات البحر تجعلهم‮ ‬يعايشون المستنقع الذي‮ ‬تعشش فيه مجاميع البعوض،‮ ‬ظاهرة آثارها على أجسادهم السقيمة،‮ ‬والتي‮ ‬تعاني‮ ‬من الجدري‮ ‬والتيفوئيد والسل،‮ ‬وغيرها من الأمراض‮.‬ في‮ ‬هذا الحي‮ ‬المبني‮ ‬من بيوت السعف والأزقة الضيقة،‮ ‬ولد مجيد مرهون في‮ ‬عز ظهيرة‮ ‬يوم قائض شديد الحرارة،‮ ‬كان ذلك بتاريخ ‮٧١ ‬أغسطس عام ‮٥٤٩١.‬ يقول مجيد إن ذلك حدث بعد أسبوع واحد فقط من قيام القوات الأمريكية بإلقاء القنبلة الذرية الثانية على اليابان‮. ‬وكانت الحرارة في‮ ‬ذلك اليوم على أشد ما‮ ‬يمكن تصوره،‮ ‬بسبب انتشار الغبار الذري‮ ‬في‮ ‬الغلاف الجوي‮ ‬حول العالم‮.‬ عاش مجيد طفولة مريرة ترد تفاصيلها في‮ ‬سيرته التي‮ ‬سننشرها قريبا،‮ ‬ولكنه واجه مرارة الحياة والفقر بالتفوق في‮ ‬دراسته سواء لدى المطوعة التي‮ ‬حفظ على‮ ‬يديها القرآن الكريم،‮ ‬أو بعد إدخاله إلى مدرسة الروضة الحكومية في‮ ‬المنامة والواقعة قبالة مديرية المعارف‮.‬ يقول مجيد‮ : »‬كنت من أفضل التلاميذ في‮ ‬الدراسة بالرغم من شظف العيش،‮ ‬حيث كنا ننام أحيانا ببطون خاوية‮ ‬يعتصرنا الجوع،‮ ‬وما كان لنا سوى الصبر والحرمان،‮ ‬وكانت النتيجة أنني‮ ‬كنت من الأوائل،‮ ‬وتم نقلي‮ ‬إلى مدرسة القضيبية الابتدائية قبل أن‮ ‬يكتمل بناؤها عام ‮٣٥٩١‬،‮ ‬وفي‮ ‬تلك المدرسة لاحظت الفارق الاجتماعي‮ ‬بين الطبقات،‮ ‬فأبناء الأسر الميسرة تعيش النعيم والدلال،‮ ‬بينما أبناء الأسر الفقيرة تعيش الحرمان والعوز،‮ ‬وكنت أنزوي‮ ‬محاولا تفسير السبب،‮ ‬ولكن دون طائل،‮ ‬لأن الموضوع وهمومه أكبر مما‮ ‬يحتمله عقلي‮. ‬وكان حلمي‮ ‬هو‮: ‬متى أكمل دراستي‮ ‬لكي‮ ‬أعمل وأعيش مع أهلي‮ ‬العيش الكريم،‮ ‬وبالرغم من أنني‮ ‬أعرف بأنه حق طبيعي،‮ ‬إلا أنه حلم بعيد المنال‮«.‬ في‮ ‬العام الدراسي‮ ٥٦٩١ - ٦٥٩١ ‬طلب منه مدرس التربية الفنية والرياضية،‮ ‬الأستاذ سلمان ماجد الدلال أن‮ ‬يقوم بتلحين كلمات أغنية مونولوج للأطفال في‮ ‬مسرحية ضمن النشاطات السنوية للمدرسة‮. ‬ كان ذلك أول لحن‮ ‬يقوم بتأليفه في‮ ‬حياته،‮ ‬ويتكون من تسلسل سلم نغمي‮ ‬صاعد ونازل مع بعض التغييرات النغمية والإيقاعية‮. ‬لم‮ ‬يكن عمر مجيد‮ ‬يتجاوز العاشرة حين ألف المنولوج الذي‮ ‬كان بعنوان‮: (‬وياكم‮ ‬يا ناس تحيرنا‮)‬،‮ ‬وتم تسجيله‮ ‬يومها في‮ ‬إذاعة البحرين‮. ‬

(2)

كان مجيد مرهون لما‮ ‬يزل تلميذا في‮ ‬المدرسة الابتدائية،‮ ‬حين كان قبل أن‮ ‬يخلد إلى النوم في‮ ‬كل ليلة‮ ‬يستمع إلى راديو الظهران من مذياع قديم في‮ ‬بيتهم‮ ‬يعمل على البطارية الناشفة،‮ ‬وكانت تلك الإذاعة تقدم الموسيقى طوال الليل والنهار‮.‬ سيصبح الفتى الذي‮ ‬ولد موهوباً،‮ ‬مدمناً‮ ‬على الاستماع إلى الموسيقى السيمفونية،‮ ‬والتي‮ ‬كانت ثرية في‮ ‬هارمونياتها المتنوعة،‮ ‬رغم انه في‮ ‬تلك السن المبكرة لم‮ ‬يكن قادرًا على استيعاب كل شيء فيها‮.‬ أثار ذلك فضوله كثيرًا وشكل له تحدياً‮ ‬حقيقياً‮ ‬للمعرفة،‮ ‬وكان ذلك دافعاً‮ ‬له للمثابرة والاجتهاد في‮ ‬دخول العالم السحري‮ ‬للموسيقى‮.‬ من المدرسة الابتدائية سينتقل مجيد إلى مدرسة بابكو للتدريب،‮ ‬التي‮ ‬كان الانتساب إليها‮ ‬يؤمن مدخولاً،‮ ‬ساعده في‮ ‬البداية على الانتقال مع عائلته من البيت الذي‮ ‬كانوا‮ ‬يسكنونه بالإيجار،‮ ‬حيث انتقلت العائلة إلى منطقة السلمانية لتعيش في‮ ‬بيت أفضل من السابق‮.‬ هذا المدخول ساعده أيضا في‮ ‬تحقيق رغبته القديمة في‮ ‬اقتناء آلة موسيقية،‮ ‬حيث اشترى آلة الهارمونيكا عام ‮٩٥٩١‬،‮ ‬ومعها اشترى كتابا لكي‮ ‬يرشده في‮ ‬تعلم كيفية العزف عليها‮.‬ الاستيعاب النظري‮ ‬للدروس لم‮ ‬يكن صعباً‮ ‬بالنسبة له،‮ ‬لكن كيفية تطبيق تلك الدروس كانت المشكلة،‮ ‬خاصة وأن معرفته باللغة الإنجليزية آنذاك كانت محدودة،‮ ‬مما أوشك أن‮ ‬يصيبه باليأس،‮ ‬لأن محاولاته الأولى في‮ ‬تعلم النوتة كانت فاشلة‮.‬ قرر أن‮ ‬يتغلب على ذلك بتعلم العزف وفقاً‮ ‬لسمعه،‮ ‬فكان‮ ‬يخرج ليلاً‮ ‬إلى ساحل البحر خلف قصر القضيبية،‮ ‬لكي‮ ‬يعزف ما‮ ‬يعتمل في‮ ‬صدره وعقله،‮ ‬وكان منظر القمر وهو‮ ‬يتلألأ في‮ ‬أمواج البحر الراقصة‮ ‬يثير أشجانه‮. ‬ الفتى المنذور للإبداع،‮ ‬سيصبح منذورًا للنضال أيضا،‮ ‬في‮ ‬ذلك الزمن الجميل الذي‮ ‬كان المبدعون لا‮ ‬يجدون أنفسهم إلا في‮ ‬الانحياز لقضية شعبهم،‮ ‬وللنهج الثوري‮ ‬التقدمي‮ ‬المعبر عن التوق للحرية‮.‬ ففي‮ ‬ليلة من تلك الليالي‮ ‬سيلتقي‮ ‬مجيد بواحد من الشباب الذين كانوا‮ ‬يدرسون معه في‮ ‬مركز التدريب المهني‮ ‬في‮ ‬بابكو لكنه‮ ‬يسبقه بفصل واحد،‮ ‬وهو حسن علي‮ ‬محمد المحرقي،‮ ‬وكان آنذاك‮ ‬يسكن في‮ ‬بيت والده في‮ ‬الحورة،‮ ‬فأحس بألفة وقرابة تجاهه،‮ ‬وبسرعة تطورت علاقة الشابين،‮ ‬فأخذ مجيد‮ ‬يزوره في‮ ‬بيت والده بصورة منتظمة،‮ ‬حيث‮ ‬يقضيان الوقت في‮ ‬نقاشات ودراسات عديدة،‮ ‬كانت فائدته منها،‮ ‬كما‮ ‬يروي،‮ ‬كبيرة جدا‮. ‬ سيقوده ذلك إلى قراءة روايات ومؤلفات جورج حنا وسلامة موسى ومحمد مندور ومكسيم جوركي،‮ ‬وكان لروايات وقصص هذا الأخير أثرها العميق جدا في‮ ‬نفسه،‮ ‬لأنه وجد في‮ ‬شخوص هذه القصص تجسيدات حية في‮ ‬مجتمعنا الحقيقي‮.‬ وبعد حين لم‮ ‬يطل بات مجيد على‮ ‬يقين من أن الميول والتوجهات الاشتراكية أقرب إلى قلبه وعقله‮.‬ حينها سئل إن كان‮ ‬يرغب في‮ ‬الانضمام لجبهة التحرير الوطني‮ ‬المناضلة من أجل حقوق الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة ولأجل الديموقراطية‮.‬ يقول مجيد‮: »‬بدون تردد أعلنت رغبتي‮ ‬ولهفتي‮ ‬للانخراط فيها‮«.

(3)

في‮ ‬العام ‮١٦٩١‬،‮ ‬إذا،‮ ‬انضم مجيد إلى جبهة التحرير،‮ ‬وفي‮ ‬نفس هذا العام طلب منه المرحوم باقر كلبهرام،‮ ‬أن‮ ‬يؤسس فرقة موسيقية للعزف في‮ ‬موكب عزاء مأتم كلبهرام،‮ ‬لأنه كان من أشهر الموسيقيين بين فقراء تلك المنطقة‮.‬ وبما عهد عنه من حماس شديد وافق مجيد على انجاز هذه المهمة لأنه كان قد بدأ نشاطه الثوري‮ ‬بين الشباب الفقراء من هم في‮ ‬مثل سنه،‮ ‬أو أكبر أو أصغر قليلا،‮ ‬وكلهم من أبناء الطبقة العاملة والعاطلين عن العمل،‮ ‬ومن الرعاع أيضا‮.‬ في‮ ‬هذه المرحلة بدا‮ ‬يتبلور عنده الإحساس والوعي‮ ‬بالتقاء الفن الموسيقي‮ ‬مع الثورة،‮ ‬وهذا ما عزز موقفه من الموسيقى في‮ ‬منظورها التقدمي‮ ‬وكوسيلة في‮ ‬الارتقاء بذائقة الإنسان وتهذيب روحه‮.‬ كانت مهاراته الموسيقية قد أخذت في‮ ‬التطور،‮ ‬وبدأت آلات موسيقية أخرى تشده إلى عالمها،‮ ‬فاشترى آلة السكسفون بعد تعرفه على بعض آلات النفخ مثل الترومبت والكلارنيت عام ‮١٦٩١.‬ وحسب المرحوم الفنان أحمد جمال الذي‮ ‬كان‮ ‬يملك متجرا لبيع الآلات الموسيقية والكتب الموسيقية،‮ ‬فان مجيدا كان أول بحريني‮ ‬يشتري‮ ‬هذه الآلة من المحل،‮ ‬كما اشترى أول كتاب لتعلم العزف على السكسفون،‮ ‬وفعل ذلك بدون معلم أو مدرب‮.‬ وفي‮ ‬العام نفسه قام بتأليف لحن لوحة المأتم،‮ ‬وبشكل عام فقد سجلت هذه الفترة انطلاقة له في‮ ‬التأليف الموسيقي،‮ ‬وكذلك في‮ ‬العزف على السكسفون بموسيقى الجاز والأغاني‮ ‬من مختلف الأنواع‮.‬ إضافة إلى ذلك انضم إلى أسرة هواة الفن في‮ ‬أواخر عام ‮٣٦٩١ ‬ولمدة ستة أشهر،‮ ‬وشارك معها في‮ ‬عدة حفلات أقامتها في‮ ‬عدد من النوادي‮ ‬والمناسبات،‮ ‬ولكن عضويته فيها لم تطل بسبب بعض الخلافات،‮ ‬ليصبح بعد ذلك واحدا من مؤسسي‮ ‬فرقة الأنوار،‮ ‬والتي‮ ‬كان لها في‮ ‬ذلك الحين نشاطات بارزة‮.‬ تشكلت الفرقة عمليا من فرقتين واحدة للموسيقى الشرقية بقيادة أحمد فردان وتدريب عيسى جاسم،‮ ‬والثانية للموسيقى الغربية،‮ ‬وهي‮ ‬أول فرقة موسيقية في‮ ‬البحرين وربما في‮ ‬الخليج بأسره أعضاؤها بحرينيون،‮ ‬وكانت الفرقتان تعملان بصورة مستقلة في‮ ‬الاحتفالات العادية،‮ ‬ولكنهما تعملان معا في‮ ‬المهرجانات‮.‬ سيحل العام ‮٥٦٩١‬،‮ ‬عام الانتفاضة العمالية ضد الاستعمار وتعسف شركة النفط‮. ‬ويرى مجيد أن هذه الانتفاضة شكلت وحدة بين النضال العمالي‮ ‬والحركة الطلابية في‮ ‬المدارس،‮ ‬خاصة في‮ ‬الثانويات‮.‬ كان مجيد العامل‮ ‬يومذاك بين من ساهموا في‮ ‬هذه الانتفاضة العمالية،‮ ‬في‮ ‬المظاهرات وكذلك في‮ ‬إلقاء الحجارة،‮ ‬ووضع الكمائن ضد الشرطة،‮ ‬وفي‮ ‬احد الأيام التي‮ ‬كان فيها مجيد عائدا من مظاهرة عمالية وطلابية مشتركة،‮ ‬اختلى به احد رفاقه ليبلغه توجيها بعدم الخروج بعد اليوم في‮ ‬المظاهرات‮.‬ وعندما سأله مجيد عن السبب،‮ ‬قال له بالحرف الواحد‮: ‬لا نريدك أن تنكشف الآن‮.. ‬تنتظرك مهام خاصة‮. ‬للحديث تتمة‮.‬

(5)

في‮ ‬العام ‮٨٦٩١ ‬شن جهاز الأمن البريطاني‮ ‬بقيادة‮ ‬يان هندرسن حملة اعتقالات انتقامية في‮ ‬صفوف مناضلي‮ ‬جبهة التحرير،‮ ‬كان هدفها الإجهاز عليها نهائياً،‮ ‬وشملت الحملة العشرات من المناضلين،‮ ‬واستمرت حتى عام ‮٩٦٩١‬،‮ ‬وفي‮ ٨ ‬فبراير حضر إلى بوابة مصنع التكرير حيث كان‮ ‬يعمل مجيد مرهون ضابط المخابرات البريطاني‮ ‬شور بمعية المحقق‮ ‬يوسف إسحاق،‮ ‬وتسلماه من أيدي‮ ‬رجال الأمن الإنجليز في‮ ‬بابكو،‮ ‬حيث نقل إلى قسم التحقيقات في‮ ‬القلعة‮.‬ ظل أمر التخطيط والتنفيذ للعمليتين التي‮ ‬اشترك فيهما مجيد سراً‮ ‬منذ عام ‮٦٦٩١‬،‮ ‬عام تننفيذها حتى العام ‮٩٦٩١‬،‮ ‬حيث استطاع جهاز الأمن الإمساك ببعض الخيوط التي‮ ‬قادت إلى التعرف على دور مجيد في‮ ‬تنفيذ إحداهما‮. ‬ وفي‮ ٣٢ ‬مارس ‮٩٦٩١ ‬اقتيد إلى محاكمة صورية لم تدم أكثر من نصف ساعة،‮ ‬حيث صدر الحكم الذي‮ ‬أعده هندرسون سلفاً،‮ ‬والذي‮ ‬تضمن عقوبتين إحداهما السجن المؤبد والثانية السجن لمدة ‮٠١ ‬سنوات‮.‬ بعدها بيومين ربطوا جسم مجيد ويديه بسلاسل كبيرة وثقيلة من الحديد بالإضافة إلى رباط الكفين،‮ ‬وربطوا السلاسل بالشاحنة التي‮ ‬أركبوه فيها وكانت مكشوفة،‮ ‬حيث تحركت من القلعة إلى ميناء البديع،‮ ‬ومن الشاحنة تم نقله إلى زورق خفر السواحل الخاص بجزيرة جدا في‮ ‬يوم عاصف صادف،‮ ‬كما‮ ‬يتذكر مجيد،‮ ‬السابع من محرم‮.‬ لأول وهلة بدت له جزيرة جدا مخيفة لأنها تختلف تماماً‮ ‬عن جزر البحرين،‮ ‬ففيها الهضاب الجبلية والكهوف ما‮ ‬يثير الرعب في‮ ‬قلب الوافد الجديد،‮ ‬وفور وصوله الجزيرة تم إدخاله على مدير السجن،‮ ‬فرنك سميث،‮ ‬في‮ ‬مكتبه،‮ ‬الذي‮ ‬حدثه بخشونة وعنف،‮ ‬ثم أمر بتركيب القيود الحديدية‮ (‬الصنقل‮) ‬على قدميه ويتكون من حلقتين بوزن ثقيل مع سلسلة‮ ‬يحملها بيديه أو‮ ‬يربطها بخاصرته‮.‬ وبعد ذلك تم إدخاله في‮ ‬الزنزانة الانفرادية رقم ‮٦٢ ‬وتم إقفال بابها عليه،‮ ‬وهناك اكتشف أن رفيقه المناضل حسن علي‮ ‬المحرقي‮ ‬كان في‮ ‬الزنزانة المجاورة حيث كان‮ ‬يقضي‮ ‬عقوبة السجن لمدة ‮٦ ‬سنوات لأن المطبعة السرية لجبهة التحرير صودرت من منزله‮.‬ قضى الرفيقان ما‮ ‬يقارب ‮٤ ‬سنوات في‮ ‬السجن الانفرادي‮ ‬وفي‮ ‬عزلة عن العالم،‮ ‬حيث لم‮ ‬يكن‮ ‬يسمح لهما بالاختلاط بأي‮ ‬من المساجين‮.‬ يقول مجيد إنه من تلك الزنزانة صمَّم على ألا‮ ‬يدع مجالاً‮ ‬لليأس أو الخوف من الموت في‮ ‬السجن أن‮ ‬يتسلل إلى نفسه‮.‬ ويتذكر أن تلك الفترة كانت رحلة من المعاناة حيث ان رجال الأمن كانوا‮ ‬يتعمدون استفزازه‮ ‬يومياً‮ ‬ليل نهار،‮ ‬لكنه صمد بوجه ذلك بمساعدة حسن المحرقي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعضده ويرفع معنوياته،‮ ‬خاصة وأن الأخبار كانت تتوارد إلى السجن من أن الحملة على جبهة التحرير أخفقت في‮ ‬القضاء عليها كما كان هندرسن‮ ‬يقول،‮ ‬وان الخلايا تعيد تنظيم صفوفها،‮ ‬وأن نشرة‮ »‬الجماهير‮« ‬السرية قد عاودت الصدور رغم مصادرة المطبعة‮. ‬مما قوى من عزيمة مناضلي‮ ‬الجبهة السجناء في‮ ‬جدا‮. ‬للحديث تتمة‮.‬




#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث عشرة توصية
- كلمة جمعيتي - المنبر التقدمي - و-وعد- في حفل إحياء ذكرى الشه ...
- النص الكامل لأجوبة الأمين العام للمنبر التقدمي د . حسن مدن ع ...
- عن رواتب الوزراء والنواب
- أملاك الدولة
- قانون مستنير للصحافة
- قمصان جيفارا‮: ‬ رمز أم موضة ؟‮!‬
- بين الدراما والتاريخ
- أسئلة راهنة‮ (1-4)
- أسئلة راهنة
- انفلونزا الفساد
- لماذا‮ ‬يغيب المسؤولون؟
- مداخلة المنبر التقدمي في الحلقة الحوارية بمناسبة يوم استقلال ...
- نضالات مطلبية
- صفقات التسلح‮ .. ‬لماذا ؟‮!‬
- هل نفتح ‮ ‬النوافذ ونمنع الهواء؟‮!‬
- لجان التحقيق‮ !‬
- عن التجربة المغربية
- من أجل مداواة الجروح
- ليست مسألة شكلية


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن مدن - مجيد مرهون‮: ‬فلذة من تاريخنا