محمود جلبوط
الحوار المتمدن-العدد: 2134 - 2007 / 12 / 19 - 08:56
المحور:
الادب والفن
صار الحزن خريفيا
كان الزمن خريفيا , أمن قبل القهر أم من بعد , لا يذكر , عندما حملت له الريح مع الندى حزنا آخر لا جديد فيه سوى أنه أكبر , أفقد فيه الخريف زمنه أم صار الزمن كله خريفا , لا فرق , فلقد فقد الزمن ساعته في متحولات ما يجري حوله , فقد قوته ولونه وروحه وصوته , والاغتراب هو الوحدة الزمانية الوحيدة التي يقيس بها تقويم متقلبات الأحداث لجسد بلي وروح أصبحت بليدة , على جغرافية تقلبات المنافي .
هبت ريح حملت رائحة , كانا معا , أين؟ كيف؟ لا شيء له معنى , المعنى أن الليلة كانت حزينية .
عندما نطقت شفتاها بكلمة أحبّكَ , سقط الفرح , وصارت الحياة شحوبا , وراح ظل الفرح يدور حول الشمس يطارد الأرض لا يصلها , و عمت رائحة الخيانة المكان .
كان المهم لديها الأمان , فأعطاها إياه , وراح يحلم , وما علم عن سمومها شيئا , ما كان موقنا من شيء كيقينه أن أيامه انقلبت حزينية , سادها الخريف , اختفى الفرح فيها بين الصباح والمساء , بين المساء والصباح , لكنه أبدا ما استطاع اللحاق به .
كان الزمن خريفيا , وقليلا قليلا راح عن يسر وشك يلاحق ما وفرته له الأيام يزق زغب القطا , ولم يكن يدري أنه يزق فراخ الغراب , فعندما نبت ريشها نهشت صدره , والتهمت القلب , والدرب ذهب كما اتفق .
عن خبث ارتدت له ثوب البراءة , وعبثت ببراءته حتى جعّدتها , فهجرها , ولماّ التقتاها ثانية , هبت في وجهه فجأة نار , ريح غدر , وصار الصمت خريفيا , واكتشف ألفباء المرأة أكثر من أي رجل آخر , وأسرار نزف الروح , ونهش اللحم , وطعن الظهر , وكأنه يقرؤها في كتاب .
وبعد انتهت العاصفة , صار الحزن خريفيا , والسهر على جمر , والتهمت فراخ الغراب عينيه .
#محمود_جلبوط (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟