أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - مقابر عربية














المزيد.....

مقابر عربية


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 2132 - 2007 / 12 / 17 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


إلى روح محمد الماغوط الهائمة
في أرصفة الضجيج العربي

هيأ الله لي كومة من حجارة هذا الضجيجِ..
ونافذةً..
ودعاني إلى الرمي بدءا..
وها قد رميتْ..
كان معلاقها خارقا..
سقطت شفتي في مهب الجنوبِ..
وكفي على الرمل مادتْ..
وتيهني الصمتُ إذ حاصرتني البيوتْ..
كان فستانها خارقا..
أشعل الخطوات التي ركضتني.. هناكَ..
رمادا تناثرني..
ثم أيقظ شوك الحصى..
شجرا للفحيح المرتِّل أفعى مداه.. هنا..
وأعمَّ السكوتْ..
كان خلخالها مارقا..
وضع الخنجر المر في كتفيَّ..
دماءًا تدفَّقني..
ثم سيجني بالصهيل المفاجئِ..
رملا تجمَّدني..
+++
قال لي صاحبي إذ رأى الشمس غاربةً..
والرمال على جسدي..
والسماء مهيأة للرحيلْ:
دلني..قدمي لا تحدد هذا المكانَ..
ولا جسدي..
دلني.. قد نأيتْ..
قلت: بوصلة العمر في.. لم تعد تترصد صوت الجهاتِ..
وقلبي الذي كان قد ضمني في البعيدِ..
وهيأ لي ولك الأرض طُورا..
وشق الصخورَ.. مضى..
قال لي : ولكن قلبيَ يخفقُ..
مد يديك إلى الصدرِ ..
عانق صدايْ..
قلت: مَرَّ الصدى منذ ألف سنه..
ولم يبق من جسدي ما يضاهي الضبابَ..
ولا فتحَ لي..
قال: لا تبتئسْ..
أماما.. إلى الخلفِ..
هذا الجنوب..شمالا.. أرى..
قلت: ها قد بدأتَ..
فدل خطاي إذن..
وانتشر في الفصولْ..
قال لي ـ واحتمى بالذهولْ ـ :
هذه الأرض غيما ترى..
أم ترى... ؟...
ثم أوقف ريح الكلامْ..
قلت: كانتْ..
إذا سرت سارتْ..
وتمطِر حيث أشاءُ..
ويأتي إليَ خراج فواصلها..
قال: إيهْ..
كان فيجلُنا..
زعترُ الحبِ..
والمدن المشرئبة في القلبِ.. ثُم..
بكى.........................وبكيتْ..
ورأيت السواحل خيط دموع تجفُّ..
وكان المدى صخرة من عويل الظلامْ.
+++
كانت الصخرة الأرضَ فينا..
مشينا إلى العمقِ..
حفت بنا الطائراتُ..
ورتبنا.. واحدا.. واحدا.. سَجَعُ الإنتظارْ..
لا ماءَ.. لا عشبَ.. قالْ..
عطش مالحٌ..
وأضاف: علينا الرحيلَ..
إلى أين؟.. قلتُ..
إلى أي لونٍ.. أجابَ.. ومد الخطى..
وكان السواد جميعَ الجهاتِ..
تساءلت سرا: تُرى.. هل يرى اللونَ؟..
صحت: توقفْ..
تفاجأ .. ثم استدار إليَ..
توقفتُ.. ماذا تريد..ْ؟
أين أنتَ..؟.. سألت مجيبا..
تأمل كفيَ.. ضم البقيةَ.. ثم..
رحلنا معا .. في الشهيق البعيدْ
+++
سنينٌ..
قرون تمرُّ.. ونحن هنا..
بنى صاحبي خيمةً.. وبنيتُ..
ومرت قوافل منا إلينا..
أكلنا اليرابيعَ..
هذا الغبارَ..
ووحلا شربنا..
تزوج.. أيضا.. تزوجتُ..
أنجب عشرين/ أنجبتُ..
لم تلد الأرض منا سوى.. لهثِنا..
نبحنا.. معا..
وذُبحنا.. معا..
وكنا نبيع الترابَ..
ورمل الحقول الحزينةِ..
صرنا......................... إلى المقبره
+++
أخرجت دودَها المقبره..
كان قرنُ وحيدِ الكلامِ المشتتِ أشياءَنا..
نطحنا الصواريخَ..
أغرقنها سفنَ الحربِ جَداتُنا..
وهذي القنابل أيضا محونا..

وكنا المحيطَ..
وكنا الخليجَ..
على مد أبصارنا وسدتنا الجبالُ شواهقَُها..
وانتعلنا البريقَ..
وكان الكلام الذي بدأُُنا..
شوارع هذا الزحامْ
+++
في الزحام مشينا..
رأينا الحوانيت محشوةً بالنعاسِ..
على الواجهات تدفق سيل الفصول الأخيرةِ..
هل نشتري القمح أم نشتري اللعب البجعاتْ..؟ قال لي صاحبي..
ثم مرر خطوته للرصيف المقابلِِ..
أم ندخل الرقص.. هذا الغناء الطويلَ؟..أضافَ..
تُرى.. أم نطيرْ؟..
كان لي حائطٌ.. وحصيرْ..
أيقظت صمتَها الكلماتْ..
كانت الأرض دائرةً في القتيل الذي ما مضى..
كانت الطفل يرفع كفيهِ..
هذا الحذاء الممزقَ..
حِرْزَ النعيق على عنقي..
وسواد السياط التي التهبتْ في الجسدْ..
كانت الأرضُ........................ هذا الكبدْ..
وكنا الرصيف المقابلَ..
شارعَ هذا المكان الذي ...........لا يلدْ
+++
سنينٌ..
قرون تمر.. ونحن هناكَ..
مشى صاحبي خطوتين إلى الخلفِ..
كنت مشيتْ..
كان في ظننا أن نسير إلى الأرضِ..
أن نجعل الأرض فينا دما..
وسواعد من وهج الحرِِّ..
لكنها.. شوكة الدود فينا تعرتْ..
وجرت خطانا إلى الخلف أكثرَ..
غاصت بنا في الزفير الصديدْ..
كان في ظننا أن نغنيَ أسماءنا:
طيبا وسعيدا..
عليا، حميدا..
أبا ذرنا..
وفاطمةً، آمنه..
كان في ظننا..
لكنها القبضة الخائنه..
مزقت رئتينا..
وألقت على جسدينا الذبابْ.



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيم لأعشاب الجفاف
- لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟
- متى تصير القراءة ركنا إسلاميا..؟
- نفس الطريق أيضا ..؟
- تمرّين ..وهذا دمي
- أغان لتراب الطفولة
- العمدة
- أوتار للفرح الصعب
- أحزان المربي الذي..كان سعيدا
- لقاء مع الشاعر والقاص الجزائري الطيب طهوري
- الأصوليات الإسلامية وادعاءها تقليدنا الغرب
- !أيها الغرب، أنقذنا من تقليدك
- الموتى.. يهاجرون أيضا
- رحيق الأفعى
- الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي
- الطريق
- نهايات طللية
- مهاباد مهداة إلى عبد الله أوجلان
- العرب بيت الديكتاتورية والفهم المتخلف للدين


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - مقابر عربية