عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 10:40
المحور:
الادب والفن
يقولون أنه أشبع الحاضرين خمورا معتقة لم يتذوقها قياصرة روما ولا أكاسرة فارس بعرس قانا ، و يقولون أيضا أنه حدث المتكئين ليلتها بأمثال لم تسمع بها سوريا من قبل ولم تخرج قط من فم حكيم.
لقد سمعت عن الحرارة التي كانت تنسل من بين أصابعه كخيوط الصباح فتهرع الحمى هاربة من بدن العليل...وسمعت كذلك عن أعاجيب عديدة صنعها بكفر ناحوم وأورشليم والجليل ....
نعم ، لقد صدقت كل هذا و آمنت بكل ما سمعته عن ذلك الآتي من جليل الأمم فور رؤيته لأول وهلة على مشارف صيدا، لم يكن يسوع كسائر الرجال ، فقد كان يعطي الأمان و الثقة لكل من يستمع أو يحدق إليه ، و حتى و إن قال لك سأحرك هذا الجبل من موضعه ستصدقه في الحال ، أو قال للجائع ستشبع و للمريض ستشفى سيصدق ما يقوله فورا، وهذه قوة قلما تجتمع في حكيم أو نبي ...
لقد طلبت منه أنا أيضا أن يمنح ابنتي المعذبة الشفاء، لأنه كان لي يقين أن أمجاده ستشمل قلاعا غير قلاع اليهودية، وأن النعمة ستطالنا نحن أيضا، و لن يمكنه أن يتخلى عن امرأة كنعانية تطلبه و تتوسل إليه بشدة، أو مستضعفا خارج بيت إسرائيل يتألم و ينشد الرحمة ...
لقد حكت لي جدتي العتيقة ذات يوم عن نعمة اله إبراهيم و يعقوب التي شملت مستضعفين من باقي الأمم ، فأرملة صرفة صيداء منحها النبي "إيليا" رغيفا فاض عن حاجتها في وقت ضيق و شدة، ولم يفعل هذا مع "عليزة" أو "راحيل" ، و"أليشع" العظيم منح الشفاء ل" سمعان السرياني" بعد أن غطى البرص جسده ، ولم يمنحه لأبرص من بني إسرائيل ، لأنه ما من نبي مقبول في بلدته....
لقد صمت يسوع طويلا قبل أن يجيبني ويقول لي، يا امرأة أليس حريا بأن نترك الأبناء يشبعون؟؟ ، وطلب مني تلاميذه الانصراف لأن يسوع كانت عيونه على خراف اليهودية الضالة ، لكني كنت لجوجة إلى حد كبير وقلت له، يا سيد سأكتفي بالفتات الساقط من مائدتك و سأرضى بالقليل من عطيتك، فالتفت نحوي ناظرا إلي بإعجاب لم أعهده من قبل، وقال لتلامذته هي ذي امرأة مؤمنة بحق ،حينها أحسست بقبس من حرارته يغمرني كما يغمر نور الفجر كروم لبنان المثقلة و بشعاع خاطف من ضوء عينيه جعلني أؤمن بأن ابنتي ستشفى في الحين وكان لي ما أردت ...
وبعد مرور كل هذه السنين، سمعت أنه أمر تلاميذه الذهاب إلى كل الأمم ليحملوا الكلمة الحارة و الإيمان المشع لكل الناس، في مصر و وروما و فارس ..
فكما أن هيكل سليمان شيده بناءون مهرة من فينيقية بأحجار أورشليم و أرز لبنان، فإن أنوار السماء ستغمر كذلك أعالي الجليل وكل فينيقية، و سترفرف ذكرى الناصري العجيب مع نسائم الصباح وعبير الليل فوق هذه الربوع الشاهدة لتمنحنا السلام في مواسم القطاف و الحصاد، ولتعطينا البركات في غرة الأعراس و الأعياد ...
ولن تهتف أورشليم لوحدها هوشعنا لابن داوود، بل صور و صيدا أيضا ستهتف ، ولن يكتفي الأغراب بالفتات الباقي بل من مائدة الملوك سيشبعون و ومن خمور قانا سيشربون لأن عيني يسوع ستكون على خراف أخرى من باقي الأمم ليحضرها هي كذلك لمروجه المطرزة بزنابق نيسان و أزاهر شارون.
نعم ، هكذا كان وهكذا سيكون …
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟