أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - الخالة أم بشير - قصة قصيرة














المزيد.....

الخالة أم بشير - قصة قصيرة


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 08:26
المحور: الادب والفن
    



كنت فتى يوم سألتها:
- مين اللي قالت "يا ريتهم قسّموا".*
- أم محمد العمشة قالتها، يوم رمت طيارات الكفرة بلاويها على المجدل ، وضيعت الناس.. يا ريتهم قسموا، كان بقينا في بلادنا.
- لو قسموا كان رحل ناس غيرنا من بلادها.
- نص العمى ولا العمى كله.. اللي بيرحل يسكن عند جاره أو أخوه.. ويفرجها ربك وبيرجع .
وضربت أم بشير صدرها اللحيم، الذي نذرته في شبابها للأطفال الذين لا يشبعون من صدور أمهاتهم، حتى المرضعات الوافرات كن يذهبن بأطفالهن إليها لما كان يشاع عن حليبها الطيب ، وتقول العجائز "أنها تغفو على أنغام شبابة زوجها اللويح، الدبيك، فيُشبعها ويصفو حليبها من كل غم أو عكر ويحتفظ بسره.."
وفي أيام الحصيدة، تتفرغ لأطفال الحصادات، وتمنحهم أخوة في الرضاعة، تظهر نذرها عندما يشبون رجالاً وصبايا ويلهث كل قلب خلف وليفه، فيصدهما عن الغواية صدر أم بشير الذي توسداه سوياً وارتويا منه وأصبحا أخوة في عشيرتها، فإذا سمعت عن خاطب منهم نسي أهله أو تناسوا التواريخ، تعترض الجاهة عند باب العروس وتتنمر:
- كيف يتزوج ابني من أخته في الرضاعة؟!
ينفض الأمر عند شهادتها، وتتوزع القسمة من جديد وتصبح وليفة الأمس أخت اليوم، لها حقوق الأخت العزيزة، تنتظر علم الأيام، وتحلم بزواج ابنتها المنتظرة من ابن أخيها القادم..
والخالة أم بشير وزعت من بطنها البستان خمسة أولاد وخمس بنات، كبروا وتفرعوا وأصبحوا حمولة، حطت رحالها في مخيم الشاطئ، وعاف أبو بشير الشبابة وقاطع حلقات السامر وملاعب الدبكة، وإذا ما عاتبه صديق يوم فرحة زواج أو زفة طهور يعتذر:
- الفرحة الحقيقية بتقول للدبيك تعال.. وين هي الفرحة؟
يترك حلقات الأفراح ويمضي إلى شاطئ البحر، يحاور صدر الماء في عتمة الليل.. وظل على سهومه حتى شيعه المخيم إلى مثواه الأخير، ولم تردد خلف نعشه ردادة ولا ناحت نوّاحة ، فقد وقفت أم بشير في وجه النساء، ولوحت لهن بشبابته:
- اللي خلف ما مات .
واحتضنت حفيدها الصغير سهمود، وأعطته الشبابة، همست في أذنه تغالب دمعتها:
- أنفخ فيها علشان جدك يبقى في الدار.
ومضت الأيام وتفرقت حمولة أم بشير، وكبرنا ويوم دعوتها لحفل لزفافي قالت وقد اهتز صدرها:
- بنت من عروستك يا ولد؟
أخبرتها عن أم العروس وأبيها، تنهدت ارتياحاً:
- العروسة من مواليد الهجرة لم ترضع صدري .
- وأنا يا خالة؟
- هاجرنا وعمرك سنة، شبعت مني ،كنت رفيع مثل الخيط، وبعد ما تعودت على صدري صار فيك لحم وأصبحت بني آدم, وذكرت من رصعوا معي من صدرها.
ومرت الأيام وأدركتها الانتفاضة، وحافظت على جلستها عند عتبة الدار، تنتظر حفيدها الذي يطارد الجنود في الأزقة، قلت:
- يا ريتهم قسموا يا خالة..
- اللي فات مات، الله يرحمك يا أم محمد العمشة، تعال يا ولد قرب مني.
توسدت صدرها قالت :
- الولد الشقي ترك شبابة جده وراح يطارد العسكر..
- بكرة بيرجع للشبابة يا خالة .
وتكومت عليّ، فقد قذف الجنود عبوة مسيل للدموع في الزقاق.. لم تهطل دموعي، كنت مغموراً برحيق صدرها.

* يا ريتهم قسموا,جملة رددها أهالي مدينة المجدل عسقلان, إشارة لقرار التقسيم الذي رفضه العرب قبل النكبة



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدهد والديك الديك الرومي - قصة قصيرة
- أطوار/ المرأة الوردة
- فلة وسكبن صغير - قصة قصيرة
- أول المرايا - فضاء سردي
- الهليون - قصة قصيرة
- ثلاث شجرات يثمرن برتقالا - قصة قصيرة
- قصص سوداء
- أشلاء بؤرة العشاق للروائي أحمد حميدة
- فوزية مهران امرأة تقترف الوجد - مقاربة نقدية
- الوجوه الباهتة - مقاربة نقدية
- غزالة الموج
- من هنا وهناك- وقاربة نقدية
- من هنا وهناك
- الهدهد والديك الرومي
- مرآيا الأثير- قصة قصيرة
- امرأة في الحصار- قراءة في رواية بقايا امرأة للثاص باسل ناصر
- امرأفي الحصار- متابعة نقدية
- بحر رمادي غويط
- ثلاث عيون تيصرن كثيراً - قصة قصيرة
- في سيرة المنجد -قراءة في حرفة التنجيد اليدوي-


المزيد.....




- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - الخالة أم بشير - قصة قصيرة