انتصار عبد المنعم
الحوار المتمدن-العدد: 2132 - 2007 / 12 / 17 - 08:12
المحور:
الادب والفن
هذه المرة أريد أن أكتب كلاما بسيطا ، كلام يدخل الى القلب دون المرور على الأذن
لو بدأت كلامي بسؤال بسيط كهذا :هل أنت متفائل ؟
كيف ستجيب؟ في كل الأحوال ستكون كاذباً
فالمتفائل لا يظل متفائلا ، والمتشائم لا يظل متشائما أيضا
فهناك لحظات تمر على الإنسان تحيله كائنا غير الذي كان
ربما تسهم هذه اللحظات في بناء حياة أو في هدم حياة أو الإثنين معا
ربما تعتاد على رؤية إنسان معين وهو ثائر هائج يصارع الحياة ويصارع من حوله ،
وفجأة ترى وجهه العابس البلاستيكي يفيض بالبشر والسعادة
تجد تجاعيد الجبهة قد تبدلت إلى ابتسامات فلا تملك إلا أن تقول : سبحان مغير الأحوال
و صديقك المرح الذي كان لا يمشي خطوتين إلا وكانت بينهما قفزة ، وضحكة رنانة ، تجده فجأة حزينا بائسا وقد زهد الحياة وما فيها
وحينئذ تقول أيضا : سبحان الله!
الإنسان بعواطفه واتجاهاته كأي شيء في الوجود متغير مليء بالتناقضات ،
هذا الانسان هو مثال التطور في كل شيء في شكل جسده ،وطول شعره ، وطول لسانه
حتى نبضات قلبه كاذبة ، فهو ان أحب تسارعت ، وان وقع في موقف حرج تسارعت ، وان جرى وراء الأتوبيس تسارعت ، وهكذا
تناقضات ، وتقلبات ، ورغبات ، وشهوات تتقاذف القلوب وتغيرها بين عشية وضحاها
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو: ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
هذا الانسان لديه القدرة على أن يرسم لنفسه الطريق،
لديه القدرة على الاختيار ولكن عليه أن يتحمل نتيجة اختياره في النهاية،
الانسان لديه مطلق الحرية في تقرير مصيره
فهو صاحب الجنة ، وصاحب النار ، والله ترك له الحرية الكاملة ليختار بينهما بعد أن بين له الطريق المؤدي الى كل منهما.
الانسان هو خليفة الله وصورته التي خلقها وشكلها بيديه سبحانه .
لم يخلقه ليعذبه ،حتى الذين اختاروا الخطيئة فلا يتركهم بل ينتظرهم.
( وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي , ان تابوا الي فأنا حبيبهم وان لم يتوبوا فأنا طبيبهم)
هذا الانسان هو عالم متناقض ومتكامل في نفس الوقت
قال الامام علي كرم الله وجهه
دواؤك فيك وما تشعر
وداؤك منك وما تبصر
وتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
أنت حر نعم حر ولكن أنت حر ما لم تضر.
مارس حريتك ولكن لا تضر نفسك وتهينها في الحياة وتدخلها النار في الاخرة.
مارس حريتك ولكن لا تضر غيرك.
بل قل معي ( اللهم قوني ثم قوني ثم قوني حتى لا أقوى على أحد)
#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟