أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة صفار - مقام سيدي لوركا!!














المزيد.....

مقام سيدي لوركا!!


أسامة صفار

الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


اليوم، طفلة من ماء
ماتت في الغدير
هي الآن خارج الغدير
مكفنة على الأرض

في بيت الطلبة بمدينة مدريد الأسبانية، كتب فيدريكو جارثيا لوركا هذا المقطع ضمن قصيدة بعنوان "ليليات النافذة" عام 1923م. ولوركا الطالب هو الآن شاعر أسبانيا العظيم، والشهيد الشهير، و"القطب" الرومانتيكي.. والسياسي(!) أيضا في عالم الشعر، وقد اختير أخيرًا كأحد أهم الأدباء في القرن العشرين الذي يلتقط أنفاسه الأخيرة مودعًا.
ولم يكن اختيار إحدى دور النشر الفرنسية للشاعر عشوائيًا، ولكنه أيضًا يدخل في "منظومة" التدليل التي عاشها لوركا منذ ميلاده وحتى وفاته التي لم تعرف حقيقتها حتى الآن، فهو الشاعر الأسباني الذي لم يتح لغيره ما ناله من شهرة وحظوة لدى النقاد أو القراء في داخل أسبانيا أو خارج حدودها.
وقد كان أثناء حياته "الطفل المدلل" -كما أطلق عليه محمود على مكي في تقديمه لأعماله الكاملة بالعربية- في عالم الأدب الأسباني، وأصبح بعد مقتله هو الشهيد المدلل، والغريب أن الشاعر الرقيق لم يوجد في مرحلة نضب فيها عالم العبقرية الأدبية إلا منه، على العكس من ذلك تمامًا، فقد كان عصرًا ذهبيًا بالنسبة للشعراء. فقد عاصر بدروساليناس، وخروخى جيين، ورافايل ألبرتي وبيثنتي أليساندرو وغيرهم، وقد نال أليساندرو جائزة نوبل، وقد لمعوا جميعًا كشعراء أو أكاديميين، وامتدت بهم جمعيًا الحياة بعد مصرع لوركا الذي مات قبل الأربعين، لكن الجميع يعترفون بما فيهم هؤلاء أنفسهم أن لوركا سبقهم جميعاً!!
لوركا.. ذلك الشاعر الذي كان مصرعه مأساويًا لحد العبقرية، وعظيمًا لحد تخليده.. هل جعله كشيوخ القرى الذين بنيت لهم مقامات فلا يعرف من هم، أو ماذا كانوا يفعلون في الحياة ؟ .. ومع ذلك تُبنَى لهم "مقامات"، وتتم زيارتهم من قبل بسطاء الفلاحين، وذلك من أجل التبرك، وإنجاب الأطفال(!)..!
أم أن هذا الشاعر قد استحق بالفعل بعبقريته الأدبية أن يصل إلى هذا الحد من الشهرة وذيوع الصيت؟
ولد قيدريكو جارثيا لوركا في قرية من قرى غرناطة الأسبانية هي "فونتي فاكيروس" في يونيه 1898م، وهو ينتمي إلى أسرة من أسر الطبقة الوسطى أقرب إلى الغنى، كان الطفل "المدلل" بين أربعة أطفال هم فرانسسكو أخوه الأصغر والفتاتان كونتشا وإيزابيل، وقضى أولى مراحل دراسته في القرية، ثم انتقل مع أسرته إلى غرناطة حيث أنهى دراسته الثانوية، وبدأ في دراسة الحقوق والآداب، وتعلم العزف على البيانو والقيثارة، وبدأ في التردد على المنتديات الأدبية، وانتقل عام 1919م إلى مدريد، وأقام في بيت الطلبة وعقد علاقات حميمة مع العديد من الفنانين، منهم: التشكيلي الشهير سلفادور دالي، والمخرج السينمائي لويس يونونيل، وفي عام 1928م أصدر مع عدد من أصدقائه مجلة أدبية لم يصدر منها إلا عددان، ثم سافر في رحلة إلى أمريكا، وبعد عودته عام 1930م، بدأ مشروعًا كان يمثل حلم حياته، وهو: تعريف الجمهور في الريف والقرى النائية الفقيرة بروائع المسرح الكلاسيكي الأسباني، وأنشأ ما عرف باسم "مسرح الكوخ"، وهو فرقة ألفها لوركا من شباب الجامعة كانوا يتنقلون بين قرى أسبانيا على ظهر شاحنة، فإذا حلُّوا بإحدى القرى نصبوا مسرحهم المتواضع لكي يقدموا عروضهم المسرحية مجانًا.
وأنشأ لوركا عام 1933م في العديد من مدن أسبانيا مجموعة من نوادي الثقافة المسرحية، ثم سافر إلى الأرجنتين وأورجواي لإلقاء عدد من المحاضرات، وعاد في العام التالي ليواصل جولاته مع مسرح الكوخ.
لقي لوركا مصرعه في 20 أغسطس عام 1936م في ملابسات غامضة، واتُخِذ مقتله أيامها سلاحًا سياسيًا وشعارًا رفعه خصوم نظام الجنرال فرانكو في الشرق والغرب على السواء، وألقيت التهمة على النظام؛ ولم يكن له أي مصلحة في قتله، ثم اتهم حزب "الكتائب" الفلانخ أيضا بتدبير الجريمة؛ رغم أنه كان يقوم بحمايته لعلاقة شخصية تربطه بأسرة معروفة تنتمي إلى الحزب.
ونتيجة لهذا الخلط نُسِبت إلى لوركا نزعات شيوعية ويسارية هو بريء منها، فليس في إنتاجه ما يدل على ذلك، بل كان ينفر من السياسة ويكره الزج باسمه في الصراعات السياسية، وقد وصل إلى هذه الحقيقة بالفعل الباحث والمؤرخ الأسباني "خوسين بلاسان" في كتابه "موت لوركا.. كل الحقيقة" بعد بحث وتحقيق استمرا نحو عامين، لكن انتشار هذا التزوير التاريخي جاء في مرحلة المد الاشتراكي في الستينيات، وخاصة في دول العالم الثالث.
ورغم أن لوركا لم يكن "مناضلاً سياسيًا" فلا شك أنه "ثوريّ" بكل ما تعني الكلمة، لكن ثورته كانت "أدبية" "مسرحية" و"فنية" أيضًا، وكان الرجل عبقريًا ورومانتيكيا في أدبه، بالقدر نفسه الذي كان فيه عبقريًا في إبداع الطرق المختلفة للوصول بهذا الأدب والمسرح والفن بشكل عام إلى الفقراء، فاستحق لوركا من جمهوره لقب "الشهيد"… واستحق التدليل … واستحق أيضا أن يبنى له مقام.. ويزوره المحبون والأدباء والسياسيون أيضا



#أسامة_صفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الإنترنت شباب العرب يتحاورون -بالبصق-!!
- الآلة والإنسان في عمارة يعقوبيان (5)
- الآلة والإنسان في عمارة يعقوبيان (4 )
- الآلة والإنسان في عمارة يعقوبيان (3)
- : الآلة والإنسان في عمارة يعقوبيان (2)
- الآلة والإنسان في عمارة يعقوبيان (1)
- مساحة للروح
- مواقف العاشق
- سيدة المزلقان الأولى
- أبواب القصر
- مشهد ليلي


المزيد.....




- التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة ...
- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة صفار - مقام سيدي لوركا!!