|
منطق الطير ومنطق الشر
عبد العاطي جميل
الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 08:18
المحور:
الادب والفن
... إلى كل المستضعفين بيننا ...
...اليوم جمعة .. والمكان باب الأحد .بدأ الآذان مدويا وأنا أبحث عن الحافلة الرخيصة ، تحملني إلى حي يعقوب المنصور .. اتخذت مكاني في الزاوية اليسرى أتصفح جريدة القدس العربي ..قرأت للكاتب الطاهر الطويل حوارا مع الروائي عبد الإلة الحمدوشي الذي قال " الرواية البوليسية تتنفس الحرية ... وتكشف عما يروج في أحشاء المجتمع . " ص 11 عرجت على الصفحة الأخيرة فقرأت للكاتب إدريس الخوري " صار القتل عملية يومية ، وأضحى الوطن جدارا مثقوبا بالرصاص ... " كان العنوان مثيرا " اعترافات "أمير القتل " ."ص 20 وضعت الجريدة في حسرة .أخذت كتاب " منطق الطير " لفريد الدين العطار النيسابوري .. كانت لذة القراءة تزداد كلما توغلت في القراءة ، والحافلة انطلقت ، لكن صوتا جهوريا مزق خيط تركيزي ، وانتشل استغراقي في لذة القراءة .. سيدة بيضاوية الجرأة والملامح أرغمتني بحماسها على سماع حكايتها .. ساردة بصوت جسور يخترق فضاء الحافلة " ربما كانت ترغب في أن يسمع الجميع حكايتها " قلت . وأرخيت أذني إلى مسرودها . كانت توجه حديثها إلى شابة تجلس قبالتها بالصدفة " ...لقد بذلت كل ما في جهدي من أجل أبنائي كي أضمن لهم حياة كريمة ، لكنني لم أستطع . فأبنائي كبروا وتعلموا لكنهم لم يتوظفوا ـ فالغالب الله ـ فأنا لا أملك أموالا أتوسط بها لهم ـ كما يفعل غالبية الخلق ـ ..وهذه حال البلاد اا .. " ثم أضافت في حرقة " تصوري أنني الآن مع أبنائي في الشارع ، مطرودون من البيت . فقد جرحت كرامة أبنائي ظلما وعدوانا .. طرقت جميع الأبواب ..لإنصافي .. كتبت العديد من الشكايات . فلا من يسمع اا .. ولا من يرد اا .. كل أبواب المسؤولين مقفلة .. ولست أدري إن كنا في دولة الحق والقانون أم لا ؟ .. .. تصوري ، راسلت الوزراء المعنيين . فلم أتوصل بجواب . ولا أدري لماذا ؟ .. فأنا الآن في الشارع مع أبنائي .. المحكمة حكمت ضدي .لأن الخصم اشترى من اشترى ..وفي علمي أنه أقام لهم حفلة خمر في مدينة مراكش ـ لعنهم الله أجمعين ـ " كان الغضب يتطاير من عينيها .. وصوتها يزداد تأججا ، وحدة ، وتحديا .. أشارت إلى بائع التذاكر ـ وقد كان يتابع حديثها بعناية فائقة ـ " الله يرضي عليك أولدي إلى وصلت محطة الجولان اخبرني أنزل " وقد كانت تقصد ديوركومباطا ..واصلت حديثها في دهشة " تصوري يا أختي . ، أنا التي أمامك .عرضت قضيتي على برنامج القناة الجديدة .. فسجلت معي ثلاثة أشرطة بالصوت والصورة ، ثم قيل إن بعض الأشرطة قد سرق ـ والله أعلم ـ وحين أذيع البرنامج لم يذيعوا ما قلت بأمانة ، فقد حذفوا تقريبا كل كلامي ، فلم يذيعوا منه إلا بعض الكلمات . فهل هكذا تكون حقوق الإنسان في البلاد ؟اا .. " التفتت لتعدل جلستها ، لم تكن مرتاحة . ثم قالت لجارتها " هل شاهدت برنامجا في التلفزيون عن شهادات عمالنا في الخارج ؟ قالت سيدة مقيمة في هولندا " أنا مغربية ولا أريد أن أعيش في المغرب.، لأنه لا توجد حقوق المرأة فيه ..ولا ..ولا .. " وأكد سيد مغربي نفس الرأي " أنا لا أريد أن أقضي بقية عمري بين المحامين اا.. " قلت " أإلى هذا الحد ينفر المواطن من وطنه ، أو ينفر منه ؟اا .. " .ألهذا تزدهر في البلاد ظاهرة قوارب الموت .وأشياء أخرى ... " ..انتفضت الجارة من مكانها ، التفتت يمنة ويسرة ثم تشجعت فقالت بصوت متقطع " ت .. تصوري أنه في مدينة تطوان ..وفي المحكمة .. في المحكمة اختفى ملف لسيد مهاجر لعمالنا اللي في الخارج لمدة أسبوع كاملة ، ويوم الجلسة ، وجد السيد الملف يسبقه إلى قاعة الجلسة . فهل هذا معقول ؟اا .. " ثم أضافت لهذه الأسباب الكثير من المغاربة يرفضون الرجوع إلى وطنهم ، ومنهم من يرغب في تغيير جنسيته ، وحتى عقيدته . بل بعضهم الآن يسعى للحصول على الجنسية الإسرائيلية والعياذ بالله اا .. " ... الحافلة تقترب من سينما الحمراء بحي العكاري .لا تفصلها عن محطة النزول إلا محطة واحدة . فقالت السيدة " سأطالب بحقي وأدافع عنه بكل الوسائل الممكنة ولن أخشى أحدا ما دمت أطالب به " . تنهدت ثم صاحت " في هذه البلاد .. إذا رأيتم أو سمعتم أن أحدا يقتل بالسكين أو بالسيف أو بشيء آخر . فاعلموا أنه قتل من أجل حقه أو لأنه لم يجد من يسمع شكواه ... وأنا أؤكد أني مستعدة للدفاع عن حقي ، وبكل الوسائل والطرق التي بقيت أمامي وآخرها سجن عكاشة اا .. " ..قاطعتها جارتها " عليك أن تصلي ركعتين كل صباح ومساء حتى يظهر الحق .." فردت " أنا أصلي ، وأدعو أكثر من اللازم ، وأصلي التراويح وزيادة دون وقت . لكن ، دون جدوى اا .." . أشار إليها بائع التذاكر ..نزلت و بيدها بلاستيك سوداء ..ثم نزلت خلفها وبيدي بلاستيك بيضاء ..لم أقو على الكلام ، ولا على التعليق اا .. وهي تتوارى عن نظري ، قلت " إن الطريق إلى العدالة والحقيقة شاقة . كما الطريق إلى الله في منظومة "" منطق الطير " فهي حافلة بالأخطار والمفاتن .. لا يصل نهايتها إلا من أخذ الله برجله ...اا .(...) الرباط 2000
#عبد_العاطي_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عطلة إجبارية
-
بقاء
-
غروب نشرق فيه ...
-
ديوان المختلف
-
عابر سبيل
-
مر بي ...
-
شطحات المكان
-
اختبار
-
... نقوش بيضاء
-
...قد من رأى
-
... إملاءات
-
... من آيات بلقيس
-
أصابع انتظار .
-
مسودتان ...
-
كأن لجسدها عناوين أخرى
-
... كما أشتهي
-
... ضاع السلمون
-
... أقسو علي ...
-
...صمت الكتابة..ااا...
-
...مسودة إفلاسطين...
المزيد.....
-
الجزيرة 360 تطلق برنامجها الساخر -الشبكة-
-
ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي
...
-
جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن
...
-
كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر
...
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|