أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال صبري - مشاعر طفلة















المزيد.....


مشاعر طفلة


منال صبري

الحوار المتمدن-العدد: 2124 - 2007 / 12 / 9 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


بيوت المدينة هادئة والشارع يلفه الظلام ...
والطفلة علا التي لم تتجاوز من عمرها العشر سنوات جالسة في هدوء يجذبها صوت انفتاح الباب ....
مصدر الصوت يفتح ببطء وفجأة ...وقعت نظراتها على سيدة كالهاربة الحيرانة تبحث عن مكان
ثقلت قدماها وحين ألح التعب جلست بجانب الجد ..
يظهر على ملامحها البؤس والشقاء تهدجت أنفاسها وهي تتطلع إليه ودموعها تنهمر بغزارة
الرعدة تسري في كيانها وشفتاهما تتحركان .. تُتمتمان تُرى ماذا يقولوا ؟
غمغمة...نداء..أصوات .. أنين ...
النور .. الظلام .. لا شيء غير أنها منجذبة لها
ظلت واجمة طويلاً الحيرة في عينيها بريق
الاستغراب يلفها لتسأل لمَ تبكي هكذا وما دعاها لذلك ..؟
والسيدة ما زالت عيناها تشكو وتتلوى في حسرة...
إحساس الألم يطفو إلى صدرها وغمام الضيق يزحف إلى نفسها...
يدركها الغور والضعف كلما حاولت أن تقاوم
والطفلة الصغيرة ما زالت مشدوه تود أن تفهم ما يخرج من أصوات
وفجأة يهدأ كل شيء فترى علا جدها يربت على كتف السيدة في حنان حتى جعلها تهدأ
وخرجت السيدة وما زالت الطفلة علا لا تفهم ما يدور حولها
فنظر لها الجد منادياً عليها : اقتربي يا علا تعالي يا فتاتي الصغيرة
لمَ أنتِ واقفة بعيداً هكذا اقتربي ...
فاقتربت علا لتجلس بجانبه وهو يحدق النظر لها والبشاشة تعم وجهه .. تتحدث شفتاه إليها
كلماته تحاول أن تمسح آثار الاستغراب منها قائلاً لها : فيكِ البراءة دائما ..أنتِ النقاء بعيني يا فتاتي الصغيرة
فيكِ أجد الصفحة الناصعة البياض , تتأجج فوق خديكِ وردتان وكريزتان ناعستان على صفى لؤلؤ
روعة يحيط بها كنار ذهبي من الشعر المنساب
،،
وبتلقائية شديدة تقول علا :
من هذه السيدة يا جدي ولمَ هي تبكي هكذا أراها حزينة والدموع تملأ عيناها
من فعل بها هكذا يا جدي ..؟
فينظر لها الجد بابتسامة قائلاً: هذه سيدة تعاني من الفقر وقلة الحيلة
تعودت أن أعطف عليها وعلى أبنائها ولكن عندما تقدم بي العمر ولا عدتُ أستطيع الذهاب إليها
أصبحت تأتي هي بين الحين والحين لتأخذ مني ما يساعدها على المعيشة
فقد تعودت طوال عمري أن أعطف على الفقير وأن أعطي المحتاج ما دام عندي المقدرة على فعل ذلك
وأريدك أنتِ أيضاً عندما تكبرين أن تفعلي مثلي هكذا وتعطفي على الفقراء والمساكين...
وفجأة ترد علا في تلقائية شديدة قائلة : ما هو الظلم يا جدي
الجد: الظلم ..ما دعاك لسؤال عنه؟
علا : قد سمعت السيدة عندما كانت تحدثك سمعتها تقول أنا أعيش في ظلم
ما هو الظلم يا جدي وكيف للإنسان أن يعيش في ظلم ..؟
الجد: الظلم من طبيعة الإنسان في حال لو ترك الأهواء تتحكم فيه ولولا رسالات السماء
و الإيمان الذي ينهيه من الوقوع فيه, فالإسلام جاء بالعدل ونهي عن الظلم يا ابنتي
فصور الظلم عديدة و منها ظلم الإنسان لنفسه ، الظلم في محيط الأسرة و المجتمع
ظلم الدول لبعضها البعض و ما يترتب عليه من خراب و هلاك على الظالم و لو بعد حين
علا : وكيف يحمي الإنسان نفسه من الظلم
الجد: على الإنسان عدم الاستسلام للظلم ومقاومته فواجب المؤمن عدم الركون إلى الظالم أو المشاركة في الظلم
حتى لا يعم الخراب و الفساد على المجتمع
علا: ولكني عندما نظرت لها ابتسمت .. فكيف لها أن تبتسم وهي يملأها الحزن ..؟!!
الجد: هناك الكثير من الناس نحسبهم سعداء .. فرحين بالحياة , نغتر بابتسامة في ثغورهم وطلاقة في وجههم
ولكن لو كشفوا لنا عن أنفسهم لرأينا ما ينطوي عليهم من الهموم والأحزان
و فجأة تجمعت كل قوى الحياة في صوت أطلقه الجد من القلب يجلجل كالثورة
وما زالت الطفلة الصغيرة تستمع لجدها منصته له ولحديثه ..
والجد ما زال يتحدث قائلاً : ما أجمل أن يشعر الإنسان بنسيم الراحة ينساب إلى جوانحه
وأن تنقضي وحشة الليل....ويقبل إلينا أنس النهار بشمسه العارمة بالخير والأمان
يعمنا حــب ينير الدرب في ليل الشقاء, البهجة تزيد من تلألؤ الأضواء على الوجوه ...
تملأ الوجود الألحان والأنوار والضحكات الرنانة المنبعثة من كل مكان ...
خفق النجوم يضوي خلال أفق المساء ...الأرض منيرة غامرها الضياء ..
تشرق أيضاً في النفس فتنير ظلمتها وتبدد ما أظلمها من سحب الهموم والأحزان
الورود تعطر دنيانا ومشاعر الحب شموع تنير لنا الظلام , نجوم تضئ الليل
وسحب تروي صحرائنا و الأمل ما زال في صدورنا يبرق
وفجأة رجعت به الذاكرة للوراء ...أرجعته سنوات طويلة وتذكر تلك الأيام الجميلة مع من أحبها
تذكر عندما كانوا ينطلقان بخطواتهما لتسابق ضحكاتهما
وهما يقفزان في كل مكان فوق العشب الأخضر , يتركوا قدماهما تقودهما إلى حيث تهوى نفسهما
تذكر تلك البقعة التي تحيطها الزهور في شكل بديع , ذلك المكان الذي عاش فيه أجمل سنوات عمره الماضي
تذكر عندما كانوا يركضان بين المروج الخضراء وكل منهما يشعر بسعادة لا حد لها ...
أحلامهما تدفعهما إلى الحياة ...حبهما يطير بهما إلى الجنة ,من عيني كل منهما يشع بريق الأمل في الغد
وحين تتشابك كفيهما تتفتح من حولهما الأزهار و العصافير تغرد في كل مكان
يتطلعوا إلى السماء الصافية وهما يروا أحلامهما تسبح حول السحب
وفجأة تنهد ثم قال : يا لها من أيام أحسست فيها بالدفء
وما زالت علا الطفلة الجميلة مستمعة لحوار جدها قائلة له : وما هي تلك المشاعر التي كانت تغمركما يا جدي ؟
فنظر لها الجد والإبتسامة تملأ وجهه قائلاً : هي مشاعر مبعثرة, متناقضة ,مشاعر أمل ويأس
مشاعر حزن وفرح , قرب وبعد, خوف وحيرة..
ترد علا قائلة : أكمل يا جدي
فيكمل الجد حكايته قائلاً: ما زلتُ أبصر بعين الحب أحن إلى ذكريات الطفولة ووقع الصبا
أتذكر شجرة التوت تلك العتيقة وكلما اهتزت الأفرع بيدانا تساقطت ثمار التوت لأجمعها
ظلت علا تتابعه حتى غلبها النعاس ...
وفجأة تستيقظ علا على خطوط وجه تنسج الارتياح لتجد والدتها تطلب منها
أن تذهب للنوم لذهاب كعادتها غداً إلى المدرسة
وعلا الطفلة الجميلة ما زالت مستمتعة بالجلوس مع جدها سارحة مع حديثه
لا تريد أن تتركه وتذهب لتنام
ولكن الجد وعدها أن يكمل لها الحكاية غداً وفي نفس الميعاد .
بقلم : منال صبري
=====================



#منال_صبري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد حلم عابر
- سيأتي يوما
- أحلام أنثى
- دنيا بعين صغيرة


المزيد.....




- المفكر التونسي الطاهر لبيب: سيقول العرب يوما أُكلنا يوم أُكل ...
- بعد مسيرة حافلة وجدل كبير.. نجمة كورية شابة تفارق الحياة في ...
- ما الأفلام التي حصدت جوائز البافتا لهذا العام؟
- سفيرة الفلكلور السوداني.. وفاة المطربة آسيا مدني بالقاهرة
- إيهاب الؤاقد :شاعر يقتل الحظ والفوضى !
- الفنان وسام ضياء: الدراما عليها الابتعاد عن المال السياسي وع ...
- لون وذاكرة.. معرض تشكيلي لفناني ذي قار يشارك فيه نحو 60 فنان ...
- إطلاق الدورة الـ14 من جوائز فلسطين للكتاب
- وفاة المطربة آسية مدني مرسال الفلكلور السوداني
- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال صبري - مشاعر طفلة