|
8 قصائد
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 2120 - 2007 / 12 / 5 - 09:09
المحور:
الادب والفن
لوازم الخياطة
حالماً في رحلة طويلة الى ايثاكا أنهضُ وانزلق على العشب اللزج لرغباتي التي تغوص في السأم حياتي مسمّرة هنا في طينها وصخرتها الفارغة . ندف الثلج الكثيفة تهطل على المدينة منذ الليلة الفائتة أود الآن أن أشرب الجن لكن الوقت مبكر واليوم ليس يوم عطلة ما يزيد النفس انقباضاً في هذه اللحظة الشريرة هو مشاركتي زوجتي في البحث عن لوازم الخياطة . هل تريد أن تخيط لي كفني ؟ صوت ماريا كالاس الذي يأتي من المطبخ ويذكرني بمأساتها ينبأني أن كفني سيكون جاهزاً الليلة . ليس لي الآن سوى مواصلة الحلم والسفر بعيداً في الأقفاص المتعددة للرغبات .
رغم كل ما فعلته وما سأفعله من أجل علوّها وديمومة قناديلها تبقى لوازم خياطتها الحاجز العالي الذي يفصلني عن الوصول الى ايثاكا .
4 / 12 / 2007 مالمو
آدم العتيق
أنا آدم العتيق فقدتُ عقيق ايماني وأزحت فكرة إلهي أحيا الآن في غابات الاسمنت بلا أوهام أو حلم يعينني على النوم في دغل ضفة ما . هل كانت فكرة اختراع البشرية للآلهة نبيلة للغاية ؟ لكن أرض الآلهة محفرّة ومسخّمة مثل أرض محنتنا لا مرح ولا فضيلة عند آلهتنا التي اخترعناها على شاكلتنا . في الصيف الماضي رأيت بوذا في الهند ببنيته الضعيفة كأنه رجل مصاب بالسل وفي الصين وتايلند رأيته ضخم الجثة كأنه عامل في مطعم وفي فيتنام كانت للسيد المسيح عيون صغيرة كعيون الناس في المصانع والأرياف . لماذا السيد المسيح أشقر في اوروبا ؟ أنا آدم العتيق ما أحتاجه الآن بعد أن حررتُ نفسي بفقداني ليقين ثابت . فكرة تافهة اشارة غامضة الى وهم يشدّني الى ميزان شيخوختي . ترنيمة ماكرة أعمّق في ترديدها تفاهة وجودي على هذه الأرض المليئة بالعظام النخرة .
15 / 11 / 2007 مالمو
التنهدات الخفيضة لانسان الخليقة
يسابقُ الانسان في فتوته وهرمه الظلال العالية والسريعة للزمن ، من أجل الوصول الى النبيذ الأحمر للهاوية لكن نغمة الزمن المتقرحة التي تتآكلنا في كل آنٍ باقية على حالها منذ الأزل . نحفر دائماً قبورنا وسط هذه الرتابة المتكررة لطبعات الحياة ونأملُ في صرخة جديدة تنبثقُ من شجرة ما أو أعطية رحيمة من الآلهة نرفعُ لها صلواتنا المريضة وننادي : { تتبدلُ أطوار حيواتنا مليارات المرات ولم تتبدل النغمة العتيقة للزمن في رمال الخليقة } .
التنهدات الخفيضة للانسان بحاجة الى حنوّك أيها الموت الجميل .
15 / 11 / 2007 مالمو
نشيد ضعفي ورفعتي
هل لي من أجل نسيان ماضي حياتي المدّمى أن أنهض من خرائب نومي المهتزة في الفجر وأتلو نشيد ضعفي ورفعتي أمام الطوفان الجامد للحركة ؟ أيام حياتي مريرة في الليل والنهار وأحلام يقظتي أشجار محطمة في الجحيم .
15 / 11 / 2007 مالمو
شاعر عراقي
يوماً ما سأعودُ الى دفء الهيكل العظمي لبغداد وأتجولُ تحت النبضات المتراصة لساعاتها المحفرّة . لا شمس عندي هنا ولا أشرعة لا باب ولا سياج ووميض حجارة الرصيف الغريبة يسخر منّي . عيناي تتهدلان وحياتي تتجمّدُ مثل نهر في أغنية حزينة . أود الخلاص من هذا الجحيم والرحيل الى جحيم آخر لكن الى أين ؟ احساسي بالشيخوخة يحتم عليّ أن أرضى بما أنا فيه لا شيء عندي في الثلاجة وكيس التبغ يوشك على الانتهاء وديوني تتراكم مثل كتل الجليد . أنا لاجىء أعيش هنا على مساعدة الضمان الاجتماعي سوق العمل مغلق بوجهي منذ 9 سنوات افلاسي في { مالمو } مثل ضوء الحباحب معتاد أنا على الجوع والافلاس منذ بدء الخليقة اليوم الذي أكتب فيه قصيدة ، تتطاير عبره الأضواء والعطور وأولد ولادة جديدة . هل يمكنني أن أعمل في يوم ما زبّالاً في الشوارع أو حدائق البلدية ؟ مهنتي في جواز سفري العراقي : شاعر .
28 / 11 / 2007 مالمو
مرثية الى كزار حنتوش
تنفسات الجذور في ليل قبرك الساهر تحت الأشعة البنفسجية للزمان توقظُ النائم في برد المنفى نسكن الآن في ضوء اسمك وشفاعتك المرجوّة ونلعن القتلة الذين ساهموا في موتك المبكر سلام عليك في هذه السنوات التي يُقتل فيها الشعراء وسلام على كلمتك الصدّاحة في خراب العراق . أتذكرك يا كزار حنتوش يا من تحول جسدك الى كلمة بملابسك المجعدة وفروة رأسك الشبيهة بغيمة معطرة وكريمة ها أنا أعدّ أيامي هنا وأحلم في العودة الى قبرك لأستمد منك القوة والرفعة وأحنو على الظلام في الطبيعة باب الحياة موصد الآن بعدك يا حبيبي والغابات العراقية يملأها حفيف جزمات المارينز . عيناك الصفراوان قمر العراق وشمسه .
29 / 11 / 2007 مالمو
نفاية الصقور في صيف الغابة
وجهان للحياة وجه طفل معمور باللذة والسرور ووجه عجوز تتعثر في تخدداته أصوات الألم والأسى والفقدان . علينا أن نخلق وننتزع الغبطات القليلة ونحياها بعيداً عن السأم ، بكامل البهاء . ما يهمنا في الدروب المظلمة ، ليس القناديل بل اللحظات ونبضاتها الشفيفة في الزمان الذي يدحرج الصخور الصلدة في ممرات نزهاتنا المتعثرة . في بحثنا عن علامات من أجل الوصول الى أرض الأحلام يصادفنا أولئك الحمقى الذين يطمحون الى الخلود المزعوم . لماذا يتناسى هؤلاء في صراعهم الطويل مع الفناء انهم نفاية تركتها الصقور في أشجار الغابة الحارة لصيف الوجود ؟
10 / 11 / 2007 مالمو
أشياء ما بعد الموت Till Anna Eriksson
دَنت نهايتي ونهايتي في كل آنٍ دانية . تخشى زوجتي هجراني لها والعودة الى العراق أقولُ لها : { أعشقكِ يا امرأة معطاءة ولا أبدلكِ بكل ذخائر ونفائس وفراديس العالم } . ملكتني وتريد بعد موتي أن تحرق جثماني وتذريه في قناديل الأنهار السويدية . أجمل أفعالها انها تحيا يومها بذاكرة جديدة . تستمع الى الموسيقى ليل نهار وتشاركني وضيوفي الشراب وتقوم برحلات الى بلدان غريبة وبعيدة مطبخها يشعُ بأضواء البهارات المغربية والهندية والمكسيكية . تقول لي : { أفضل افصاح لصدّ رياح الوحشة والضجر في الحياة ، يكمن في مواصلة الحصاد الطويل بحقول الجنس } .
عطل الذهن عن مخاريق وأشياء ما بعد الموت نعمة عظيمة .
10 / 11 / 2007 مالمو
* شاعر من العراق يقيم في السويد
[email protected]
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجثث مجهولة الهوية ببغداد والإرث العراقي في القتل
-
معرفة أساسية :الحرب . الشعر . الحب . الموت . الفصل 12 الأخير
-
نجوم اسمكِ وهندباء مؤامرات شفته المكشوفة للعقيق
-
الأرض الغنائية الشقراء لشفتكِ وقناديلها التراتبية
-
صمتكِ الذي يتصدر الشجرة الكبيرة المحتاطة على هاويتها
-
سهر الانسان المنبطح على ليل الغابة الفانية
-
صقركِ المنقلب باتجاه اللحظة الأخيرة للرغبة
-
الشاعر . الصعلوك . الشحاذ . الكحولي
-
مجموعة جديدة للشاعر العُماني زاهر الغافري
-
الحجارة الكريمة لانتظارك بين شواطئ الزمان المتهدمة
-
سور المدينة خصرها ووجهها الباب
-
3 نجوم الصيف التي لأثدائها مذاق الشفاعات -قصائد
-
تمهيدات عظيمة للصعود الى ضوء القرابين
-
معرفة أساسية .الحرب . الشعر . الحب الموت . 11 فصل من سيرة قي
...
-
أرض خضراء مثل أبواب السنة
-
22 قصيدة
-
نشيدُ محنتِنا الشَّبيهُ بالصَّلواتِ المزدوجةِ لنساءِ الإغريق
-
أحلامٌ تذبلُ من شدّةِ الدّوي
-
في ضوء السنبلة المعدة للقربان
-
ولاء إلى جان دمو
المزيد.....
-
تركيا تقضي باعتقال مديرة أعمال فنانين مشهورة بتهمة محاولة ال
...
-
-من هو النمبر وان؟-.. الفنان المصري محمد رمضان يسأل والذكاء
...
-
الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا
...
-
طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با
...
-
الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
-
فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب
...
-
افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو
...
-
محمد الأثري.. فارس اللغة
-
الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة -
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|