|
اختطاف في وضح النهار
محمد علوان جبر
الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:17
المحور:
الادب والفن
المهدي ابن بركة ثانية
بمناسبة مرور اكثر من اربعين عاما على حادثة اختطاف واغتيال – المهدي بن بركة – المعارض المغربي الشهير – التي اعتبرت قضية اختطافه واغتياله من اكثر القضايا غموضا في تاريخ فرنسا ‘ حيث- افرجت - المخابرات الفرنسية مؤخرا عن المعلومات الخاصة بالحدث الذي بقي غامضا ‘ ولم تعرف لحد الان اسباب الاختطاف او القتل ودواعيه الصريحة ، وعلى اثر ذلك صادقت بلدية باريس على قرار يقضي باطلاق اسم – المهدي بن بركة – على ساحة قريبة من المكان الذي تمت فيه عملية الاختطاف الغامضة ، وكذلك اعلن عن الاعداد لانتاج فيلم جديد يحمل اسم – اختطاف في وضح النهار – يجمع كل ملابسات الاختفاء على ضوء ماتم كشفه من معلومات جديدة تتعلق بالموضوع ، على عكس فيلم – الاغتيال – الذي كان نتاج تعاون– فرنسي – ايطالي – الماني – ومن اخراج – ايف بواسيه – الذي لم يوفق في الاختيار بين تقديم قصة اغتيال الزعيم المغربي بحذافيرها وبين اخراج فيلم يقوم بدراسة ظاهرة الاغتيال السياسي ، ولهذا نحن بانتظار الفيلم الجديد الذي سيتناول هذه القضية بعد كشف بعض اسرارها في محاولة لاعادة وقائعها ( ولان – بواسيه – اراد تقديم الكثير من وقائع قضية بن بركة مع الابتعاد عنها كلما شعر بانه قد يتورط مع شخصيات لازالت على قيد الحياة ، فقد لجأ الى تناقض غريب ، أي الخلط بين ادق الحقائق عن ملابسات الاختطاف واختلاق مواقف وملابسات ليس لها وجود الا في مخيلة اصحاب الفيلم ( ونفس التناقض نلحظه ايضا في تصريحات – بواسيه – حيث يقول ان – الاغتيال – ليس محاولة لتجسيد قضية بن بركة .. انه عملية اقتباس خيالية او انه – قصة – للجمهور بمعناه الواسع ... ) في الوقت الذي يعترف فيه تارة اخرى بانه ( ليس هناك من يجهل ان فيلمي يتناول حادث اختطاف – المهدي بن بركة – زعيم المعارضة المغربي الذي وقع في قلب حي – سان جرمان دي بريه – في التاسع والعشرين من اكتوبر عام1965 ) وهذا المزج بين الحقائق والمواقف المختلفة له اثار سيئة بطبيعة الحال على المشاهد العادي الذي لايمكنه تصور ان احداث قضية بن بركة لازالت عالقة في ذهنه مما يؤدي به الى عدم استطاعته التفرقة بين واقع ماحدث ومااراده خيال المخرج ، وقد التزم – بواسيه – بقصة وجود احد زعماء العالم الثالث في المنفى بجنيف واستدراجه الى باريس واختطافه هناك ونقله الى فيلا في احدى ضواحيها حيث جرى استجوابه من قبل وزير داخلية احدى الحكومات العربية وقام بتصوير معظم هذه الاحداث في اماكن وقوع الحادثة ، ومقابل ذلك يقدم لنا ( بواسيه ) مشهدا يصور لقاء – ساديل - جسد دوره بنجاح الممثل – جان ماريا فولونتي - وكسار – جسده بروعة الممثل – ميشيل بيكولي – في غرفة مغلقة والحوار الذي يدور بين الرجلين. كما اخترع المخرج شخصية مفتش بوليس يتسم بالنزاهة وايضا محاولة قتل داريان ( جان لوي ترانثيان ) على قارعة الطريق . واذا ماتأملنا سيناريو الفيلم بعناية نجده يضم عدة نقاط ضعف منها ان – بواسيه – يفاجئنا في ختام الفيلم بأن – هوارد – الصحفي الامريكي هو من رجال المخابرات المركزية الامريكية ... وطالما انه كان حائزا على ثقة – ساديل – كما ظهرفي الفيلم ، فما الذي كان يمنع المتأمرين من استخدام – هوارد- لاستدراج – ساديل – الى باريس ؟ ثم ماالذي منع – داريان – من اعطاء عشيقته – اديت – الممثلة – جين سيبرج – بيانات دقيقة عن مكان وجود – ساديل – بدلا من ان يكتفي بقوله لها : ( ... ابلغي المحامي فينو .. ان ساديل موجود في فيلا توفي في بالانكور ... ) مما يؤدي الى عدم ادراك المحامي لما هو مقصود وضياع وقت ثمين جدا في البحث ثم ابلاغ البوليس بما جرى ... ان عدم احاطة – داريان – الفتاة بتفاصيل دقيقة ليس الا حيلة غير موفقة من جانب كاتب السيناريو لغرض تأخير وصول المحامي واديت الى الفيلا ، وبالتالي عدم اكتشاف – ساديل - في الوقت المناسب . ويشير – بواسيه – بشكل لالبس فيه مسؤولية المخابرات المركزية الامريكية في تدبير عملية اختطاف بن بركة رغم ان الغموض يغلف هذه النقطة ، صحيح ان الافتراض قائم وهو الارجح حين تثبت انه في كل الاحوال تقف المخابرات الامريكية خلف كل ماله علاقة بالانقلابات او الاغتيالات السياسية التي عاشتها دول العالم الثالث خلال عقود طويلة من القرن الماضي والحالي الا ان تأكيد – بواسيه – لذلك بشكل قاطع فيه الكثير من عدم الصدق والرغبة الاكيدة في عدم ترك اى نقطة يكتنفها الغموض . وهذه الرغبة تتضح كذلك في تأكيده لطريقة موت – داريان – في حين ان وفاة تلك الشخصية في القضية الحقيقية بقيت غامضة ( لم يعرف بشكل قاطع مااذا كان الرجل قد وضع حدا لحياته بالانتحار ام القتل ؟ ) .... وتبدو ايضا على سبيل المثال في تأكيده نقل جثة – ساديل – الى وطنه وهو مالم يثبت بالنسبة للزعيم المغربي المهدي بن بركة ، والواقع ان رغبة – بواسيه – في توضيح كل شيء ، من وجهة نظره الشخصية ، عن قضية بن بركة المليئة بالنقاط الغامضة مع اصراره على الرد على جميع التساؤلات الممكنة ، قد تدفع بالمرء الى الاقتناع بانه ليس هناك ضرورة لاعادة فتح ملف اختطاف ومقتل الزعيم المغربي المهدي بن بركة .... وهذا بطبيعة الحال اسوأ مايمكن ان يحدث لهذه القضية .
#محمد_علوان_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحطة - قصة قصيرة
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|