أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - -آسيان- تعبد الطريق نحو اتحاد أقطارها















المزيد.....

-آسيان- تعبد الطريق نحو اتحاد أقطارها


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 2111 - 2007 / 11 / 26 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في قمتها الثالثة عشرة التي عقدت في سنغافورة في الأسبوع الماضي، والذي تزامنت مع الذكرى السنوية الأربعين لتأسيسها في عام 1967 كعمل جماعي ضد محاولات الاتحاد السوفياتي وحلفائها التمدد في جنوب شرق آسيا قبل أن تنتقل حصريا إلى أهداف التعاون والتنسيق والتكامل الاقتصادي والتنموي مع شيء من الاستراتيجيات الجماعية للتعامل مع بروز الصين كقوة منافسة، بدت رابطة أمم جنوب شرق آسيا أو "آسيان" في مأزق حقيقي. أما السبب فكان تطورات الأوضاع وتفاقمها في بورما، الدولة العضو التي بسياساتها الخرقاء وقمعها الممنهج ضد نشطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان واستهانتها بجهود الوسطاء الدوليين والإقليميين شوهت صورة المنظومة ومصداقيتها. والمعلوم أن الأخيرة تجاهلت الاعتراضات الأمريكية والأوروبية ومنحت عضويتها لبورما في أواخر التسعينات من منطلق أن ذلك سيكفل اعتدال نظام رانغون العسكري ويخفف من رعونته ويحول دون ارتمائه بالكامل في أحضان الصين، وهو ما ثبت فشله فشلا ذريعا، حيث استفادت بورما من عضويتها لفك عزلتها ونيل المساعدات الإنمائية وتنمية مواردها المالية من التصدير إلى دول المنظومة دون أن تقدم في المقابل شيئا.

غير أن الانقسام داخل المنظومة حول كيفية معالجة الوضع البورمي، والذي تراوح ما بين موقف متشدد كموقف الفليبين التي تعتبر من أكثر الأعضاء انتقادا لنظام رانغون وممارسته القمعية ومطالبة بإطلاق سراح قادة المعارضة الديمقراطية، وموقف مهادن كموقف تايلاند وبروناي ودول الهند الصينية، وموقف وسطي كموقف سنغافورة التي تبنت دون نجاح اقتراح دعوة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى بورما إبراهيم غمبري للحديث في اجتماع القمة، وكموقف اندونيسيا المستاءة من استخفاف رانغون بمبادرات وجهود رئيسها سيسليو بامبانغ يودويونو لحل القضية في مايو الماضي، لم يمنع القمة من إصدار بيان صريح يطالب النظام البورمي بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي ورموز المعارضة وتدشين حوار جاد معهم يساعد على انتقال البلاد سلميا نحو الديمقراطية. وهذا بطبيعة الحال يعكس سياسة جديدة لمنظومة آسيان، ويغري بالقول أن الأخيرة في طور التخلي عن مبدأ "عدم التدخل في الشئون الداخلية للأعضاء" ومعه مبدأ "ضرورة اتخاذ القرارات بالإجماع"، وهما ما أعاب عمل المنظومة طويلا وجعلها عرضة لانتقادات مريرة، على الرغم من وجود حالات سابقة حاولت فيها المنظومة التمرد على المبدأين، مثل قيامها بالوساطة في قضية تيمور الشرقية وتدخلها في الأزمة السياسية في كمبوديا قبل عقد من الزمن.

وبالمثل فان الانقسام المذكور لم يمنع آسيان من اتخاذ خطوة تعتبر بحق تدشينا لمرحلة جديدة من تاريخها، من بعد نجاحها المشهود خلال العقود الأربعة الماضية في توفير الاستقرار والأمن الإقليميين اللذين شكلا وقودا وحافزا للنهضة الاقتصادية والتنموية الراهنة، وبالتالي البروز كثاني انجح تكتل إقليمي بعد الإتحاد الأوروبي. ونعني بهذه الخطوة التوقيع على ميثاق جديد هو بمثابة الدستور الذي سيجري وفقه تعبيد الطريق نحو إقامة "الجماعة الجنوب شرق آسيوية" على غرار الجماعة الأوروبية. أما ابرز الأمور التي تضمنها هذا الميثاق المكون من 55 مادة، والذي جاء ثمرة لجهود استغرقت عامين وشارك فيها رسميون وأكاديميون وخبراء، فقد كان الالتزام بالديمقراطية نهجا، والتعهد باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية و مباديء القانون و إقامة الحكم الرشيد.

وبقدر ما توقف الكثيرون عند هذه الالتزامات للإشادة بها واعتبارها امتحانا لمدى جدية دول المنظومة وقدرتها على الموائمة ما بين ظروفها وخصوصياتها من جهة و متطلبات التوحد والاندماج وفق المعايير والاشتراطات السائدة في عالم اليوم، فان آخرين بادروا إلى التشكيك معتبرين أن الميثاق الجديد جاء فضفاضا وخاليا من التفاصيل الدقيقة، ومذكرين بالعقبات التي تحول دون تنفيذ بعض الأعضاء للالتزامات المذكورة آنفا بحلول عام 2015 ، وهو العام الذي قررته المنظومة كحد أقصى لإعلان قيام السوق الجنوب شرق آسيوية المشتركة.

ومما ذكر في سياق الحديث عن العقبات، تمسك النظام الحاكم في بورما بنهجه القمعي الديكتاتوري، وهيمنة الشيوعيين على الحكم في فيتنام دون وجود بوادر للتقدم نحو الإصلاح السياسي والتعددية الحزبية، والملكية المطلقة في بروناي، والغموض الذي يشوب تخلي العسكر في تايلاند عن السلطة لصالح حكومة مدنية حقيقية. هذا ناهيك عن صعوبة تخلي الدول الأعضاء بسهولة عن بعض المسائل السيادية لصالح كيان فوق قطري، على نحو ما أثبتته استماتتها خلال العقود الماضية لقطع الطريق على أية محاولات من جانب المنظومة للتدخل في شئونها الخاصة، بل رفضها الحاسم لتوقيع أية عقوبات على الأعضاء غير الملتزمين بمباديء الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل حدودهم.

وردا على هذه الانتقادات وما قيل عن المنظومة بأنها تمر في وضع أشبه ما يكون بأزمة الإنسان في منتصف العمر، اعترف وزير خارجية تايلاند السابق "سورين بيتسوان" الذي سيتولى منصب الأمين العام لآسيان في يناير المقبل، بأن الميثاق الجديد قد لا يلبي كل الطموحات، لكنه أفضل المتاح والممكن في ظل الأوضاع الحالية، مضيفا أن الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العولمة والمنافسة الشديدة من قبل الصين والهند سوف يجبران الدول الأعضاء على تعديل الكثير من مواقفها لاحقا.

على أن ما ذكرناه من عقبات وتحديات ليس كل شيء. فالميثاق الجديد يؤكد مثلا على ضرورة خلق هوية واحدة ورؤية موحدة كأساس لقيام الجماعة الجنوب شرق آسيوية، لكنه لا يتحدث عن كيفية الوصول إلى ذلك الهدف في ضؤ التنوع الثقافي الحاد بين شعوب آسيان البالغ عددها 577 مليون نسمة، ووجود أقطار إسلامية الهوية كإندونيسيا وماليزيا وبروناي وأخرى بوذية مثل تايلاند وكمبوديا ولاوس وبورما، إضافة إلى الفليبين ذات الثقافة الكاثوليكية. هذا التنوع الذي كان إلى وقت قريب مصدر غنى وإبداع، فإذا به في السنوات الأخيرة يتحول إلى مصدر للشقاق والانقسام بفضل ظهور التيارات المتشددة وتبني بعضها لأساليب عنيفة مستوردة.

وهنا أيضا يرد سورين بيتسوان، الذي يعتبر مفكرا تايلانديا بارزا من جنوب البلاد المسلم ومن دعاة المصالحة والحلول السلمية لإنهاء التمرد الإسلامي الانفصالي في جنوب تايلاند، في مقابلة أجريت معه مؤخرا في واشنطون قائلا: إن على شعوب آسيان أن تخلق لنفسها هوية مزدوجة بمعنى أن تكون لها هوية قطرية وأخرى إقليمية، مع ضرورة إبداء قدر اكبر من التسامح مع الآخر الغربي والتعاون معه بعيدا عن الإيديولوجيات العقيمة والأفكار المسبقة وإثارة القضايا الخلافية التاريخية. وكحل لظاهرة التطرف والتشدد الدخيلة التي وجدت في أوساط المهمشين والفقراء وقليلي التعليم أرضا خصبة للنمو ، يقترح سورين قيام آسيان بجهود جماعية اكبر لدمج هؤلاء في مجتمعات حديثة ورفع مستوياتهم المعيشية وتحصينهم علميا ضد ثقافة التطرف والكراهية والعنف.

وأخيرا فان الميثاق الجديد يتحدث عن ضرورة خلق مستويات اقتصادية متقاربة بين دول المنظومة كمقدمة لاندماجها في كيان اقتصادي واحد، دونما الإشارة إلى السياسات والأدوات التي يمكن من خلالها تضييق الفجوة القائمة حاليا بين اقتصاديات صناعية يبلغ معدل دخل الفرد السنوي فيها 30 ألف دولار مثل سنغافورة، واقتصاديات صناعية/زراعية يبلغ المعدل دخل الفرد السنوي فيها 1600 دولار كاندونيسيا، واقتصاديات زراعية متخلفة ككمبوديا ولاوس حيث الرقم لا يتجاوز 200 دولار. ومثل هذا الهدف يتطلب بطبيعة الحال سرعة و جدية اكبر من المنظومة لجهة إزالة الحواجز الجمركية بين أعضائها والتخلي التام عن السياسات الحمائية، مع الاسترشاد بما فعلته دول الاتحاد الأوروبي الصناعية الغنية لجهة الارتقاء بأحوال زميلاتها الأضعف اقتصاديا والأقل نموا.




#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -صنع في الصين- أمام تحديات كبيرة
- تايوان .. كيان يبحث عن عنوان و دور
- مشرف إذ يستعد لخلع الزي العسكري
- من سيقود اليابان بعد استقالة -حلمها-؟
- الأصابع تشير مرة أخرى إلى -وزيرستان-
- إستراتيجية طالبان الجديدة : اخطف و طالب
- مدن لا تعرف الشيخوخة
- ظاهرة البنوك الإسلامية تجتاح آسيا
- صنع في اليابان Made in Japan
- الجيل الثالث من قادة الصين يرسخ أقدامه في السلطة
- انتخاب -براتيبها باتيل- حدث تاريخي لنساء الهند
- توريط مسلمي الهند في الإرهاب
- الطموحات النووية تجتاح آسيا
- المفرزة 88.. سلاح جاكرتا الأهم ضد الإرهاب
- تعلموا من هذا البنغالي الفقير!
- زكية زكي: اغتيال امرأة شجاعة
- خليجيون في فييتنام
- الخليج و كوريا : عطفا على بدأ في السبعينات
- -صفقة العصر- تعزز الحضور الياباني في الهند
- ماذا بعد مقتل -زرقاوي أفغانستان- ؟


المزيد.....




- تُوفي سائقها جراء الحادث.. شاهد لحظة اصطدام شاحنة ذات 18 عجل ...
- بيني غانتس للسفراء الأوروبيين: لبنان سيدفع ثمن تصرفات حزب ال ...
- إعادة انتخاب محمد ولد الغزواني رئيسا لموريتانيا- نتائج أولية ...
- من هي مارين لوبان التي تريد وضع قيود على الهجرة والحجاب؟
- من هو جوردان بارديلا الزعيم الشاب لليمين المتطرف في فرنسا؟
- مؤكدة علميا.. -أفضل طريقة- لتعزيز قوة دماغك
- روسيا تدعم بعض سفنها الحربية بصواريخ -زيركون-
- إعلام عبري: إحباط محاولة لتهريب شحنة أسلحة خفيفة من الأردن إ ...
- مواعيد إغلاق جديدة للمحال التجارية تدفع مصر لإظلام إجباري طو ...
- هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - -آسيان- تعبد الطريق نحو اتحاد أقطارها