محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 08:23
المحور:
الادب والفن
تحية للحوار المتمدن تلك الكوة التي نطل منها على نتاج الفكر الانساني بكل حرية.. هذا المقال اعددته دفاعا عن العربية التي اصبحت في ظل ضعف العرب وترديهم السياسي و الفكري مادة للتهجم رغم ما أضافته هذه اللغة للفكر الانساني على مدى قرون من اضافات حضارية يعترف بها الجميع.. نامل أن اطل من منبركم مدافعا عن هذا هذه اللغة الكنز امام تخرصات المتهافتين السطحيين..
مع تقديري لكم م عبعوب
---------------------------
على هامش مؤتمر الاعلام الالكتروني و الرقمي
هذيان الجهل والاستلاب الحضاري
"اللغة العربية لغة ارهابية" عبارة اطلقها متدخل في ندوة متخصصة في الاعلام الرقمي عقدت نهاية اكتوبر الماضي بطرابلس (ليبيا) ذكرتني بحملة منظمة تشنها صحف امريكية ضد العرب و المسلمين في امريكا وصفت فيها العربية بهذه الصفة، وقد بدا لي في تلك اللحظة أن هذا المتدخل عضوا فاعلا في هذه الحملة وامتدادا لها يردد ادعاءاتها وهرطقتها التي لا يقبلها أي عاقل مدرك مهما بلغت عداءاته مع العرب والمسلمين دون أن يعي معانيها ..
والى أن وقف ذلك الشاب الثلاثيني ليلقي بما في جعبته عن المدونات وحرية التعبير وتقنين النشر الرقمي امام الحاضرين للمائدة المستديرة التي نظمت ضمن فعاليات المؤتمر العربي الاول للاعلام الالكتروني الذي احتضنته طرابلس نهاية اكتوبر الماضي– حتى تلك اللحظة كنت أعارض وبشدة تقنين النشر ووضع التشريعات والقوانين والعقوبات وما الى ذلك على النشر و الناشرين على شبكة المعلومات الدولية، لاعتقادي أن الاصل في الاشياء الاباحة، ولكن ما إن بدأ ذلك الشاب ويدعى غازي القبلاوي يدلي بملاحظاته المفككة عن المدونات وحرية النشر واللغة العربية والتي توحي بموقف مسبق ومعلومات مشوشة تهيمن عليها روح عدوانية ضد العربية، حتى بدأت تتسرب الى وعيي الباطن قناعات عن مدى صدقية وصوابية الداعين لتقنين النشر الرقمي وتحديد المسؤولية فيه..
القبلاوي الذي كان يتكلم تحت سيطرة هواجس سوداوية رافضة لواقع ثقافي فكري دونما سند مقنع لم يكن يقدم افكارا، بل كان يلقى الكلام على عواهنه، وكما يبدوا فان تقديمه من قبل رئيس الجلسة على أنه اول ليبي يضع مدونة على شبكة المعلومات الدولية قد افقدته السيطرة على نفسه فذهب يشطح ويحمل اللغة العربية قصورا و صفات لايصدقها العقل ويرفضها المنطق وتجافي العلم، فقد وصف هذا المتهافت اللغة العربية الفصحى بانها لغة ارهاب وقمع وصعبة في قواعدها وغير قادرة على توصيل الافكار، ودعا كتاب المدونات الى اعتماد اللهجات العامية أواللغات الانجليزية والفرنسية في كتابة المدوناتهم مدعيا أن الانجليزية و الفرنسية لغة متحررة وبسيطة في قواعدها وتغني عن العربية !!
إن اغرب ما في الامر أن هذا الجهبل العتيق في وضع المدونات كان يتكلم بالعربية الفصحى ويصفها في نفس الوقت بأنها لغة إرهاب وقامعة ومتحجرة ، وفاته أنه قد أدان نفسه بالجهل والتضارب في الافكار ، إذ كيف امكنه توصيل هذيانه هذا الينا إذا كانت العربية قمعية ومتحجرة.. ويتهجم على العربية لصعوبة علم النحو العربي كما يدعي وهو يعلم انه لا يمكن لأي لغة أن تكون لغة حية وقادرة على استيعاب افكار وثقافة العالم ما لم تكن مبنية على قواعد ونحو جيد ومحكم، اللهم إلا إذا كان يتكلم عن لغات محكية محلية يجيدها هو ولاتمتلك مقومات اللغة الحية مثل الامازيغية مع احترامي للامازيغ الذين يسجل لهم التاريخ اسهامات وابداعات في العربية لا ينكره عليهم احد.. أما أن يذهب التيه والخيلاء بهذا الدعي على اللغات وعلومها بالطعن في لغتنا العربية والصاق تهم بها والحط من شأنها امام اللغات الاخرى فذلك امر لاينبئ إلا عن حالة مرضية تسكن اغوار نفسه نتيجة حالة استيلاب حضاري و ثقافي يعاني منها افقدته الصلة بواقعه ودفعته للتماهي مع ثقافة التغريب . ولعله اساء فهم ابتسامات بعض الحضور الذين وكما يبدوا أنهم يرمونه بابتسامة إشفاق من جهله وسطحية افكاره – فتمادى في شطحه.
وأمام هذا الموقف اجد انه قد يكون من الضروري وضع تشريعات وقوانين تحدد المسؤولية في مجال النشر الرقمي بكل انواعه ، رغم إيماني القوي بان الحرية في التعبير هي الأصل، على ان تكون هذه الحرية مسنودة بالعلم والحجة المقنعة لا بالهذيان المرضي ..
كان حريا بهذا المدون الليبي رقم واحد أن يدعوا الى تطوير العربية وبلورة لغة واحدة تمكن القارئ بهذه اللغة في اي مكان من الوطن العربي فهم الافكار وطرحها بكل سهولة ويسر بدل أن يلصق بالعربية التي يعترف بها العالم اجمع صفات و توصيفات لايوافقه فيها حتى المثقف المبتدئ .. نعم إن العربية اليوم وبوضعها الجامد منذ قرون قد تكون قاصرة عن مواكبة التطور العلمي في العالم وهي في حاجة الى ثورة تبعث فيها الحيوية من جديد حتى تتمكن من مواكبة الحضارة و التطور.. لكن أن توصف العربية بانها لغة إرهاب وقمع فذلك تجاوز وتجني ينبئ عن حالة مرضية تعشعش في قناعات هذا الدعي الذي نسى نفسه فأساء لها ولمئات الملايين من عشاق العربية..
محمد عبعوب / صحفي ليبي
طرابلس .. ليبيا
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟