ولدتني أمي وهي تحمل جرة ماء على الرأس ،
و قالوا في نسبي ،
إنه يرجع إلى قصبة محترقة في الأهوار،
أو إلى سمكة سمراء في بحر "قزوين" ،
وربما إلى ذرات غبار تصعد من تحت سنابك خيول المغول،
أو إلى كلبة سائبة في أسواق الشام.
حين ولدت كان " الوند" يجري دما،
و نخيل أهلي كادت أن تموت من العطش،
و السمك أخرجت رؤوسها تتطلع إلى الله،
و ترثي بشرا دخلوا في دين جديد ،
غداالتبول في أصص الورود ،
و النواح على قتلاهم من طقوسهم.
اصبحت مؤمنا بالثالوث،
وكنت أصلي ،
باسم الريح القدس،
والورد ،
و الماء ..... آمين.
و تشيّعت ،
و كان رأس شهيدي ينثر فضة الحزن على سطوح منازلنا،
لئلا يتوقف البكاء،
و القلوب ترتعش أبدا.
حين مات أبي ،
عجزت أذناي عن سماع هديل الحمام،
و نواح طيور فقدت فراخها في سيول العار.
آه! يومذاك تربة مدينتي احمرت من الخجل...
إذ كان أبي يُحرق الرمل بلا رحمة و يعجنه ناصع البياض لكي يخبزوا به بيوتا لله ،
وأحاريم لنساء الأتقياء.
وحين مات انتقمت منه الأرض ،
و مدت السماء أياديها الملونة للأرض استحسانا.