محمد المهدي السقال
الحوار المتمدن-العدد: 2111 - 2007 / 11 / 26 - 08:12
المحور:
الادب والفن
ثم أردف الإمام : جنازة رجل .
اتجهت عين الكاميرا إلى ملاءة خضراء مطرزة بحروف مذهبة، قلت لصاحبي ساخرا:
سيعرونه منها عند مواراته التراب، ربما يحتفظون بها نفسها لموت آخرمن نفس العائلة، تابع الشريط رصد الكلمات من الكتاب المقدس، بينما الناس يأخذون في التراص ببرودة غير مسبوقة في حضرة الفقيد،سبحان مبدل الأحوال .
قال صاحبي جادا:
لن أطمئن حتى أرى التراب فوق جثمانه،ولم يترك لي فرصة التعبير عن استغراب، يحكى أن أميرا في بلاد السند،طلع على الناس في اللحظة الحاسمة، بينما كانوا يشيعونه إلى مثواه الأخير،وجدوا في ذلك معجزة، بينما كانت إحدى حيله لاختبار مكانته في النفوس وخروج خصومه من غيرانهم بعد الإعلان عن وفاته،وكانت مجزرة رهيبة لم يبلغ حجمها إلا ما فعله التتر ببغداد في القديم والحديث.
لا أنكر أن حكايته جمدت دمعة فرح في عيني على فراق الراحل، ثم تحولت عين الكاميرا إلى حشود المشيعين خارج الأسوار، تراءت في الخلفية البعيدة للصورة جسوم صغيرة لعلها لأطفال يلقون بظهورهم للشاشة:
إنهم يلعبون.
وبسرعة خاطفة كالبرق تحولت اللقطة إلى نساء عواجز يبكين بإيقاع منتظم تماما كما في حفلات التأبين المؤدى عنها، توقف النادل بيننا وبين الجهاز،لا يبدو منشغلا إلا بحساب ما تبقى من طلبات الرواد،حاولت تحاشيه لمتابعة المشهد غير المؤثر، فوجدته يعاندني عن غير قصد، يستدعي صب الحليب اتزانا للجسد في وجه الرؤيا كالجدار، كانت البرهة كافية لاستحضار حكاية أمير السند ، و تملكني خوف غريب من عودة الميت ثانية إلى الحياة ، بعدما أخطأه عزائيل أكثر من مرة في الأرض كما في السماء.
********
#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟