|
السيف الخفي – قصة قصيرة
حسين علي غالب
الحوار المتمدن-العدد: 2096 - 2007 / 11 / 11 - 09:23
المحور:
الادب والفن
أخيرا و بعد طول انتظار وافق أبي على نقل التحف المعلقة على الحائط أو الموضوعة على الطاولات إلى المخزن . فبيتنا رغم مساحته الكبيرة إلا أنه أصبح ضيق بالنسبة لي و لأبي أيضا فكلما ألتفت أجد شيئا معلقا على الحائط كصورة كبيرة أو سيف. أم بالنسبة للطاولات فالمزهريات تحاصرني بكل مكان حتى أنني فكرة بأن أجعل من البيت محلا للتحف . و لكن الآن تغير كل شيء فالبيت سوف ينقلب رأسا على عقب بعد نقل التحف إلى المخزن . يبدأ أبي المسن بلف التحف بعناية بأوراق الصحف القديمة و أنا أراقبه بفرح فرغم كبر سنه إلا أنه يتقن عمل أي شيء فرغم كثرة التحف إلا أن البيت نظيف للغاية و الغبار ممنوع من الدخول لبيتنا لأن أبي ينظف البيت بشكل يومي . يلفت انتبهي السيف المزركش باللون الذهبي و حبات الزمرد الحمراء و السوداء فلهذا السيف أهمية عند أبي لأن جدي رحمه الله قد أشتراه وهو في ريعان شبابه . أمسك السيف بأطراف أصابعي خوفا عليه و التفت إلى أبي و أقول له : أبي هذا السيف ماذا سوف نفعل به ..؟؟ يبتسم أبي لي و يقول : أنه لك يا بني فكم أتمنى أن تتعلم المبارزة بالسيف . شعرت بالتعجب من كلام أبي لأنه تنازل عن السيف بهذه السهولة لي و كذلك دعاني لتعلم المبارزة . توقفت لعدة دقائق عن الكلام لأنني أردت أن أجد إجابة مناسبة أقولها لأبي و لكن للأسف الشديد فلم أجد إجابة مناسبة فقمت بتحريك رأسي كإشارة على الموافقة . فرح أبي للغاية لأنني وافقت على طلبه و قال لي : خذ السيف و أذهب لغرفتك الآن و لكن لا تقلد أبطال أفلام الكاراتيه فهم يعرفون كيف يستخدمون السيوف أما أنت فلا . ارتسمت على شفتاي ابتسامة صغيرة كابتسامة الأطفال بسبب كلام أبي الجميل و الممتع و أخذت السيف و ذهبت لغرفتي . مرت ساعتين و أنا أحرك السيف بيدي متجاهلا كلام أبي حتى سمعت أبي يطرق الباب فقالت: تفضل يا أبي . دخل أبي على غرفتي و قال : الآن انتهيت من لف التحف بأوراق الصحف القديمة و سوف أخذها إلى المخزن فهل تريد مساعدتي ...؟؟ قالت لأبي على الفور و من دون تردد : بالطبع و لكن يجب أن أدخل السيف في غمده . فرد أبي و هو متعجب : عن أي سيف تتحدث أنني لا أراك ممسكا بشيء لا بأس يبدو أنك متعب فلذلك لا تتعب نفسك بمساعدتي . و خرج أبي من غرفتي و أغلق الباب . شعرت بالاستغراب من كلام أبي فكيف لم يشاهد السيف الذي أحمله بيدي..!! فنظرة إلى المرآة القريبة مني و كادت عيناي تخرج من رأسي فصورتي واضحة و لكن السيف غير موجود ..؟؟ رفعت السيف عاليا و قربته من المرآة و لكنه لا يظهر و كأن يدي خاوية . ارتميت على سريري من شدة الصدمة و عرفت سبب كلام أبي فهو بصدق لم يرى السيف و هو بيدي . أعدت السيف إلى غمده و رميته على الأرض بالقرب من المرآة و إذ أرى السيف و هو واضح على المرآة ..؟؟ أخرجت السيف من غمده و قربته من المرآة و كما حدث لي بالسابق فالسيف لم يظهر على مرآتي . أدركت حينها بأن السيف حلما يدخل في غمده يمكن رؤيته أما عندما أخرجه من غمده و يكون بين يدي أو يد أي شخص أخر فأنه سوف يكون خفي لا يمكن رؤيته . أن السيف سلاح فتاك يجب أن أتخلص منه و بأي وسيلة قبل أن يصل إلى أيدي غير أمينة . تقدمت مسرعا و خرجت من غرفتي و ذهبت إلى المخزن و حينها وجدت أبي يضع الصناديق المليئة بالتحف فقالت له : أبي جاءت أساعدك و كذلك أرجوك أن تخبئ هذا السيف مع بقية التحف . تعجب أبي من كلامي و قال : و لكن السيف أعجبك و أنا أريدك أن تتعلم المبارزة ..؟؟ فقالت له : لا يا أبي أن السيف ثمين و يجب أن نحتفظ به و سوف أشتري سيف أخر من أجل أن أتعلم المبارزة و أحقق رغبتك . ابتسم أبي و فرح بعدما سمع كلامي و أخذ السيف من يدي و أدخله بأحد الصناديق الكبيرة المليئة بالتحف و حينها شعرت بالراحة و الطمأنينة فالسيف سوف أبقيه مدفون في هذا المخزن إلى الأبد . حسين علي غالب [email protected]
#حسين_علي_غالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما ينقصنا مرض جنون البقر
-
لنودع فكرة الفيدرالية
-
نجح الجميع ما عدا السياسيين
-
بائع الصحف
-
الحي و الميت
-
السلاح في كل مكان
-
ما هو البديل عن العملية السياسية
-
المواطنة و الكفاءة
-
معتقلين منسيين
-
وثائق عراقية للإرهابيين و اللصوص فقط
-
فقدان الطبقة الوسطى في العراق
-
النشاط الذي يفرضه المهجرين
-
البيت المسكون – قصة قصيرة
-
حقوق الإنسان في بيوتنا
-
الغائب – قصة قصيرة
-
أعطني مشكلة..أعطيك نخلة
-
لنهتم بالاقتصاد كما نهتم بالسياسة
-
مصادر الطاقة و الاقتصاد
-
نزاع على النهرين
-
الحسد – قصة قصيرة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|