أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟















المزيد.....

العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي لتركيا ووزير الداخلية السيد شيروان الوائلي، وكذلك الزيارة التي أعقبها نائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي؛ كان قد تمّ الاتفاق على تصنيف حزب العمال الكردي التركي (البككه pkk ) على أنه من الأحزاب الإرهابية، مثلما تصنفه الولايات المتحدة على قائمتها العالمية في ما يعرف بالحرب على الإرهاب. لكن الاختلاف فقط ؛ هو في طريقة التعامل مع هذا الحزب الذي بقي ربع قرن في شمال العراق دون أن تستطيع الحكومات التركية المتعاقبة القضاء عليه.
وكان النظام السياسي العراقي السابق قد أبرم مع الحكومات التركية، وخاصة بعد انفصال إقليم كردستان العراق عام 1991 عن الحكومة المركزية في بغداد، وفي إثر حرب الخليج الثانية، اتفاقية السماح بتوغل القوات التركية في الأراضي العراقية لمسافة محدودة ( 20-30) كم بغية ضرب حزب البككه. لكن الواقع أن تركيا كانت تقوم بأعمال حربية واسعة أكثر من الاتفاق المبرم سريا والذي أصبح علنيا وشبه تقليدي. وتعد هذه الحالة واحدة من مظاهر التفريط بالسيادة الوطنية التي دأب النظام السابق على انتهاجها منذ عام 1975 حينما وقع صدام حسين اتفاقية الجزائر المشبوهة مع الشاه محمد رضا بهلوي.
ومن الصعب كما تتناهى الأنباء التأكد عن إن اتفاقا سريا (ما) لضرب حزب البككه قد أبرم مع الحكومة التركية. فالإعلام الحكومي العراقي ما يزال ينفي هذا الأمر جملة وتفصيلا. بيد أن الأحداث على الأرض تنبئ بغير ذلك. وبرغم ما أثير من اعتراضات كردية عراقية على تلك الزيارة والنتائج المتمخضة عنها بسبب عدم وجود ممثل للعراقيين الكرد فيها، إلا إن الأحداث تظهر مدى التأزم المتصاعد في المنطقة، وان ما يبدو للناظر هو عشر جبل الجليد فقط.
كما أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى تركيا قد أكد فيها على حق تركيا " في الدفاع عن نفسها "!! من هجمات البككه. وليست تلك العبارة (زلة لسان) من الرئيس الأسد في هذه الأزمة الشائكة بل أنها توحي بشكل مباشر على إعطاء تركيات (الحق) في التوغل في الأراضي العراقية وهذا مالم تجزه الأعراف الدبلوماسية جميعها لأن الأسد ليس رئيسا للعراق. ولكن الضعف الشامل للحكومة العراقية وكون العراق واقعا تحت الاحتلال يجوز للآخرين ما لا يجوز. وتعد تلك التصريحات غير المسؤولة وغيرها هي واحدة من أجندة كبيرة تعمل في المنطقة من وراء الكواليس. وما الأنباء غير المؤكدة عن وجود دعم (ما) للبككه من المخابرات الأميركية، وانتفاء ذلك عن (أنصار الإسلام) تحديدا والذين أغلقت إيران مكاتبهم في طهران أخيرا إلا مؤشر غامض عن وجود (طبخة ولعبة ما) لإثارة مشكلة جديدة في الشرق الأوسط يكون العراق المركز والطرف غير الفاعل والخاسر فيها في آن واحد.
ويعزو عديد من المراقبين إلى أن تلك التصريحات أو الاتفاقات السرية التي أبرمتها الدولتان العربيتان العراق وسوريا مع تركيا هي فيزا دائمة للقيام بأعمال عسكرية ضد البككه في هذا الوقت بالذات. وإذا كانت سوريا لديها من الأسباب ما يكفي للوقوف ضد البككه، بعد أحداث القامشلي القريبة، وما نتج عنها من وجود أصابع للبككه فيها، فإن من الصعب وجود تفسير للموقف العراقي الحكومي؟ لذلك ليس غريبا أن يصرح زعماء البككه عن أنهم لن يتوانوا عن ضرب أنابيب النفط العراقي البعيدة عن مناطق تواجدهم والمارة إلى تركيا.
ولماذا أثيرت هذه الأزمة ضدّ تركيا متزامنة بما يعرف بأزمة مذابح الأرمن الإعلامية إبان الحرب العالمية الأولى!؟ وكيف يمكن تفسير الهجمة على الحكومة الإسلامية التركية من جوانب كثيرة؟ هل هي الرغبة في إفشال المشروع الإسلامي الحضاري في تركيا من خلال زجّ حكومتها في مشكلات خارجية آخرها ضرب الطائرات الإسرائيلية لموقع سوري يفترض أن يكون (موقعا نوويا) وتقديم إسرائيل اعتذارا رسميا إلى تركيا؟ ولو أن إحصاء نجريه للأحداث المتسارعة التي تكتنف المشهد التركي والشرق أوسطي عموما نجد إن العراق هو المستهدف الرئيسة من تلك العمليات المتلاحقة. وما الأزمة المثارة مع تركيا والمتعلقة بحزب البككه إلا ورقة واحدة من سلسلة أعمال متواصلة للحدّ من عملية محاولة العراق لاستعادة سيادته على البلاد التي فقدها منذ حرب الخليج الثانية وقرار الأمم المتحدة 661.
فليس ثمة منطقة جبلية وعرة كجبل قنديل، مركز وجود البككه الرئيس، الذي يقف شامخا وبارتفاع عل عن مستوى سطح البحر عن بعد، وأنت تتطلع إليه عبر بحيرة سد دوكان أو من أي مكان آخر من الحدود العراقية التركية. فالجبل منطقة واسعة وهو مكسو بالثلوج طوال الشتاء ولا تذوب قمته البيضاء غالبا – اللهم إلا في السنوات الأخيرة بسبب التغييرات المناخية - وربما هذا هو السبب في إطلاق أسم قنديل عليه. ولا يوازي تلك المنطقة وعورة إلا مرتفعات (كلاله) حيث يوجد مقر الملا مصطفى البرزاني رحمه الله. وعلى العموم إن هذه المنطقة تبعد ما يقرب من 300 كم عن دهوك، وهي المقر الرئيس لوجود قوات (البككه).
ويقدر المراقبون السياسيون عدد أفراد البككه ب (2000-3000 ) شخصا بينهم عدد كبير من النساء. وهم محصنون في منطقة جبلية معقدة لا يمكن الحركة فيها للسيارات إذ ليس ثمة غير الطرق النيسمية الضيقة التي تستخدمها البغال خاصة. ويصعب على الجيش التركي نفسه القضاء على البككه حيث يشنون عمليات عصابات (حرب أنصار) منظمة. وقد عمل البرلمان التركي على إعطاء الضؤ الأخضر وبنسبة كاسحة لاستخدام القوة العسكرية ضدّ البككه الذين ينطلقون من الأراضي العراقية للقيام بأعمال عسكرية في المنطقة الشرقية من تركيا.
ومنطقة جبل قنديل مأوى طبيعيا لحزب العمال الكردستاني التركي منذ ربع قرن من الزمن تقريبا. وهي منطقة حدودية تفضي إلى تركيا وإلى إقليم سرناك، حيث توجد جماعات عسكرية دائمة للقيام بأعمال ضدّ الحكومة التركية. ويعد البككه من الأحزاب اليسارية التي تؤمن بالعنف المسلح لتحقيق أماني الكرد في إقامة دولتهم حيث يكون الأكراد الترك النسبة الكبيرة فيها. لكن تصريحات عبد الله أوجلان الزعيم التاريخي للحزب في سجنه، وبعد الحكم عليه بالإعدام مع وقف التنفيذ بسبب رغبة تركيا التحلي بمواكبة الاتحاد الأوربي، قد جعلته يقدم وجهة نظر (مغايرة) في ضرورة القيام بعمل سلمي والتخلي عن حمل السلاح لتحقيق الأهداف السياسية. بيد إن الكرد على العموم مازالوا ينظرون إلى أوجلان كمناضل شرس من اجل قضاياهم القومية، تماما مثلما يكنون الاحترام إلى ليلى زانا المناضلة الكردية التركية التي ضربت المثل الآخر في الشجاعة والدفاع عن الحرية القومية.
ومهما قيل عن الظروف التي حدت بعبد الله أوجلان على تغيير موقفه في سجنه، إلا أنها تعكس طبيعة الأزمة التي تعاني منها الأحزاب اليسارية الثورية في عصر ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وكان البككه قد تعرضوا إلى هزة عنيفة إبان اعتقال زعيمه الكبير عبد الله اوجلان وتولي شقيقه القيادة عنه في عملية مخابراتية محكمة في إحدى الدول الأفريقية وحينما كان عبد الله أوجلان في ضيافة السفارة اليونانية. وعلى الرغم من تعرض الحزب إلى انشقاقات بعد اعتقال أوجلان وخاصة بعد خروج العناصر العلوية المعارضة منه والتحاقهم بالبرنامج السياسي لحزب العدالة والتنمية التركي ومشروع أردوغان- اوغلو لحل المشكلات السياسية الداخلية لتركيا.
لكن أنصار أوجلان من الكرد الترك لا يفوتون فرصة إلا وتظاهروا أمام السفارات الأوربية لإطلاق سراحه في وقت إن قائده الحالي (مراد قره يلان) يؤكد على الالتزام بالخط الاوجلاني المسلح. ولا تخلو عملية اعتقال أوجلان من أصابع السي آي أي والموساد الإسرائيلي؛ تلك العملية التي عدت في وقتها واحدة من الانتصارات المخابراتية لتركيا، حيث اقتيد عبد الله اوجلان إلى اسطنبول، وإلى محاكمها ليحكم بالإعدام في واحدة من أكثر المشاهد السياسية إثارة.
وتجد تركيا دائما في إقليم كردستان خطرا إستراتيجيا عليها. ولذلك فقد عملت بالتوافق مع النظام العراقي السابق إلى التوغل في الأراضي العراقية عامي 1995و 1997 بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني. أما الآن فإن تركيا تحاول إجهاض التجربة الفدرالية في كردستان من اجل وجود تركي دائم في شمال العراق لتضاف إلى مشكلات العراق الداخلية مشكلة جديدة تعمل على تمزيق وحدته. فمن يضمن إذا ما اجتاح الجيش التركي شمال العراق أنه سينسحب منه في بحر عام واحد كما هو مصرح به من البرلمان التركي؟ ومن يضمن أن الجيش التركي لن يتحرك لحماية أقليم ( توركمان إيلي) الممتد من تلعفر في الموصل وينتهي في زرباطية ومندلي مرورا بكركوك حيث منابع النفط الغنية؟ لاشكّ بأن المسألة تتعدى في نتائجها القريبة في الأقل محاربة البككه وحدهم.
أليست الحكومات الضعيفة تؤدي إلى تمزق البلدان دائما كما يعلمنا التاريخ ذلك؟



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الستراتيجية الاميركية بعد سبتمبر 2007
- بكالوريا
- بندورا بغداد
- جَردة الموت (آمرلية ) هذه المرة
- نظرية الفوضى البناءة
- اليانكي
- الدب الروسي ورقصة العرضه
- تبغدد.. إلى هيلاري: متى تحكمنا نساؤنا؟
- الغاء الآخر.. نظرة في التاريخ القديم
- تقريربيكر هاملتون:محاولة نظر ناقصة
- الحرب على العراق مقدمة لحرب عالمية ثالثة؟
- القدامة العربية بين الديمومة وظاهرة التقليعة الفكرية
- حديث إلى كريم مروة والظاهرة العراقية
- الحروب ككولاج غير قابل للصق
- روزا باركس.. لا مكان لها في حدوس نوستر أداموس
- ماذا وراء إحياء اللغة اللاتينيةعالميا؟
- عمى أيديولوجي جديد
- علمني كيف اخدم بلادي..في السيرة العلمية والوطنية للعالم العر ...
- مهنة يصعب التقاعد عنها
- القوي والجبار.. كتاب مادلين اولبرايت الجديد


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟